لعبة شراء الوقت الأردنية
محمد قبيلات
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2022-10-31 الساعة 08:43
نيسان ـ محمد قبيلات
بعد إشغال الشارع السياسي لأكثر من شهرين، بموضوع التغيير أو إعادة التشكيل الحكومي، وإعادة تشكيل مجلس الأعيان، خرجت التعديلات بالصورة المخيِّبة لآمال المتابعين، وهي لعبة سياسية مكرَّرة، لكنها غير مملة تمامًا، بسبب شغف الأردنيين بالتعلق بخيط الأمل الرفيع للخروج من عنق الزجاجة، وانتظارًا لأجمل الأيام التي طالما بشَّرهم بها الرئيس بشر الخصاونة.
يضاف إلى ذلك الشعور الجمعي المستند لأمل الخلاص بالطرق الهيّنة، وحماس بعض المتحمسين من الدوائر المهتمة بالموضوع، وهي دوائر الانتفاع من الطبقة الهلامية المحيطة بمراكز القرار، والمصطفة في طابور الأعطيات، التي أنشأت بدورها حالة النميمة السياسية؛ عوضاً عن الحوارات الوطنية المنتجة.
على الصعيد الرسمي، تم الخروج من حالة الإرباك، المستهدفة سلفاً، للمشهد السياسي العام، بهذه التشكيلة المريحة لجهة عدم تنفيذ استحقاقات الحريات، وإطلاق حالة الرقابة على الأداء الحكومي، لتبقى العملية السياسية، بما فيها دور الأجهزة السيادية، أسيرة لتصورات تيار "الليبراليين الجدد"، الذين يديرون البلاد من كاريدور جانبي، مفتوح على المستوى الدولي؛ وظيفته ترسيخ نمط التبعية، بحجة حل مشاكل البلاد بالمساعدات، وإبقاء مصادر إدارة وتدفق المديونية فعالة.
ما الذي جاءت به التعديلات؟ لا شيء جديد. فقط تدوير المناصب في نفس الدوائر ومستويات الانتفاع، إما بتوريثها، أو باختيار الممثلين الهيّنين من كل تيار سياسي، والتوسع بتمثيل الحواضن الاجتماعية الأقلّوية، الداعمة، أو المحايدة، لتوجهات التيار الليبرالي، وإهمال التيارات والتشكيلات الاجتماعية والسياسية، عن طريق اختزال تمثيلها بمستوى التنفيع لبعض الأفراد غير الممثلين، الذين ليس لديهم رأي سياسي جاد بالمشكلات الوجودية التي تواجه البلاد، استمرارا لتأجيل جلب الأطراف الحقيقيين الذين يمكن أن يشكلوا حالة التمثيل الحقيقي، والذين يمكن أن يسهموا بصياغة رؤية وطنية، تعيد المسارات إلى سكة الحلول الجذرية للمشكلات الكارثية المنتظرة، التي باتت تنذر بانهيار الأوضاع في أية لحظة.
والنُّسخ التطبيقية، التي تطرح المآلات المرعبة، حاضرة الآن بكامل قوتها، في العراق وسورية ولبنان ومصر... ولا مجال للتوسع في هذا الاتجاه هنا.
وقد يقول قائل من جماعات القيادة الخفية، عمَّ تتحدثون؟ أين الكفاءات المستثناة من التعيينات والترقيعات، بالكاد وجدنا هؤلاء.. الخ. من ادعاءات مكرَّرة للتيار المدعي، المحتكر للوطنية والولاء والانتماء، وكل المفردات المخترعة لإبقاء الحالة على ما هي عليه، تَرسيخًا للوضع القائم، يقول القائل ما يقول وهو يَفترض أنه يُرضي صاحب القرار، ويحافظ على موقعه وحظوته عن طريق استمرار لعبة الخداع والمراوغة إلى ما لا نهاية، غير آبه بالتحديات التي أصبحت بالجملة، وأرخت بين الناس حالة عدم الثقة بكافة مستويات القرارات.
ما الذي ينتظر مراكز الضغط الليبرالي القيادي؟ هو تماما ما حصل للخلايا التي خدعت مراكز القرار، وأنتجت ما بعدها من انهيارات، ألم يكن البطيخي صاحب الكلمة الأولى!؟ الم يكن عوض الله الرجل الأول!؟ والذهبي ماذا كان؟!!
الحقيقة أن ما يَنوف على عقدين من التجربة السياسية أثبت ألا مجال لإدارة الدولة بالخلايا الخَفِيّة، ولا بد من عودة القرار إلى المؤسسات، التي يجب بدورها أن تكون مستقلة، مرجعيتها السلطات الرئيسية، التي تتمتع بالفصل الكامل بين صلاحياتها.
لا بد للعبة شراء الوقت أن تتوقف، لأن زمن الحلول الخارجية قد ولّى، ولا بد من الاعتماد على الذات، بترشيد المستويات السياسية والاقتصادية، والعودة إلى النور، وبث أجواء الثقة والشفافية بين المؤسسات ومكونات المجتمع بتنويعاتها كافة، بحيث لا يبقى القرار رهين هيمنة الدوائر الوهمية، والقيادة محتكرة لدى طرف واحد من أطراف المعادلة السياسية.
الموضوع فقط، أننا نعتقد، أن من حق الشارع أن يفهم أين ذهبت الأوراق النقاشية، وماذا حل بمخرجات لجان التحديث السياسي والاقتصادي، وأين انعكاساتها في التشكيلة الجديدة لمجلسي الأعيان والوزراء، ولِمَ هذا الصمت يبقى مطبقاً على قبة ممثلي الأمة، الذين من المفترض، دستوريا، أن يكون لهم حضورهم في هذا المستوى، بصفتهم الجهة الممثلة للحرص على سلامة الاجراءات العامة، من حيث التشريع والرقابة؟؟
بعد إشغال الشارع السياسي لأكثر من شهرين، بموضوع التغيير أو إعادة التشكيل الحكومي، وإعادة تشكيل مجلس الأعيان، خرجت التعديلات بالصورة المخيِّبة لآمال المتابعين، وهي لعبة سياسية مكرَّرة، لكنها غير مملة تمامًا، بسبب شغف الأردنيين بالتعلق بخيط الأمل الرفيع للخروج من عنق الزجاجة، وانتظارًا لأجمل الأيام التي طالما بشَّرهم بها الرئيس بشر الخصاونة.
يضاف إلى ذلك الشعور الجمعي المستند لأمل الخلاص بالطرق الهيّنة، وحماس بعض المتحمسين من الدوائر المهتمة بالموضوع، وهي دوائر الانتفاع من الطبقة الهلامية المحيطة بمراكز القرار، والمصطفة في طابور الأعطيات، التي أنشأت بدورها حالة النميمة السياسية؛ عوضاً عن الحوارات الوطنية المنتجة.
على الصعيد الرسمي، تم الخروج من حالة الإرباك، المستهدفة سلفاً، للمشهد السياسي العام، بهذه التشكيلة المريحة لجهة عدم تنفيذ استحقاقات الحريات، وإطلاق حالة الرقابة على الأداء الحكومي، لتبقى العملية السياسية، بما فيها دور الأجهزة السيادية، أسيرة لتصورات تيار "الليبراليين الجدد"، الذين يديرون البلاد من كاريدور جانبي، مفتوح على المستوى الدولي؛ وظيفته ترسيخ نمط التبعية، بحجة حل مشاكل البلاد بالمساعدات، وإبقاء مصادر إدارة وتدفق المديونية فعالة.
ما الذي جاءت به التعديلات؟ لا شيء جديد. فقط تدوير المناصب في نفس الدوائر ومستويات الانتفاع، إما بتوريثها، أو باختيار الممثلين الهيّنين من كل تيار سياسي، والتوسع بتمثيل الحواضن الاجتماعية الأقلّوية، الداعمة، أو المحايدة، لتوجهات التيار الليبرالي، وإهمال التيارات والتشكيلات الاجتماعية والسياسية، عن طريق اختزال تمثيلها بمستوى التنفيع لبعض الأفراد غير الممثلين، الذين ليس لديهم رأي سياسي جاد بالمشكلات الوجودية التي تواجه البلاد، استمرارا لتأجيل جلب الأطراف الحقيقيين الذين يمكن أن يشكلوا حالة التمثيل الحقيقي، والذين يمكن أن يسهموا بصياغة رؤية وطنية، تعيد المسارات إلى سكة الحلول الجذرية للمشكلات الكارثية المنتظرة، التي باتت تنذر بانهيار الأوضاع في أية لحظة.
والنُّسخ التطبيقية، التي تطرح المآلات المرعبة، حاضرة الآن بكامل قوتها، في العراق وسورية ولبنان ومصر... ولا مجال للتوسع في هذا الاتجاه هنا.
وقد يقول قائل من جماعات القيادة الخفية، عمَّ تتحدثون؟ أين الكفاءات المستثناة من التعيينات والترقيعات، بالكاد وجدنا هؤلاء.. الخ. من ادعاءات مكرَّرة للتيار المدعي، المحتكر للوطنية والولاء والانتماء، وكل المفردات المخترعة لإبقاء الحالة على ما هي عليه، تَرسيخًا للوضع القائم، يقول القائل ما يقول وهو يَفترض أنه يُرضي صاحب القرار، ويحافظ على موقعه وحظوته عن طريق استمرار لعبة الخداع والمراوغة إلى ما لا نهاية، غير آبه بالتحديات التي أصبحت بالجملة، وأرخت بين الناس حالة عدم الثقة بكافة مستويات القرارات.
ما الذي ينتظر مراكز الضغط الليبرالي القيادي؟ هو تماما ما حصل للخلايا التي خدعت مراكز القرار، وأنتجت ما بعدها من انهيارات، ألم يكن البطيخي صاحب الكلمة الأولى!؟ الم يكن عوض الله الرجل الأول!؟ والذهبي ماذا كان؟!!
الحقيقة أن ما يَنوف على عقدين من التجربة السياسية أثبت ألا مجال لإدارة الدولة بالخلايا الخَفِيّة، ولا بد من عودة القرار إلى المؤسسات، التي يجب بدورها أن تكون مستقلة، مرجعيتها السلطات الرئيسية، التي تتمتع بالفصل الكامل بين صلاحياتها.
لا بد للعبة شراء الوقت أن تتوقف، لأن زمن الحلول الخارجية قد ولّى، ولا بد من الاعتماد على الذات، بترشيد المستويات السياسية والاقتصادية، والعودة إلى النور، وبث أجواء الثقة والشفافية بين المؤسسات ومكونات المجتمع بتنويعاتها كافة، بحيث لا يبقى القرار رهين هيمنة الدوائر الوهمية، والقيادة محتكرة لدى طرف واحد من أطراف المعادلة السياسية.
الموضوع فقط، أننا نعتقد، أن من حق الشارع أن يفهم أين ذهبت الأوراق النقاشية، وماذا حل بمخرجات لجان التحديث السياسي والاقتصادي، وأين انعكاساتها في التشكيلة الجديدة لمجلسي الأعيان والوزراء، ولِمَ هذا الصمت يبقى مطبقاً على قبة ممثلي الأمة، الذين من المفترض، دستوريا، أن يكون لهم حضورهم في هذا المستوى، بصفتهم الجهة الممثلة للحرص على سلامة الاجراءات العامة، من حيث التشريع والرقابة؟؟