اتصل بنا
 

التشريع..خط الدفاع الأول

نيسان ـ نشر في 2022-11-05 الساعة 12:28

نيسان ـ يتعذر في وقت ساد فيه تدفق المعلومات عبر بوابة العالم الافتراضي بأشكاله كافة، إلى السيطرة على هذا العالم المتشابك، من خلال اقرار تشريعات لن تطاول في حجم تأثيرها سوى التضييق على الحريات دون أن تلامس الغرض الرئيس من اقرارها في وقت لم تعد فيه المعلومة حكرا على طرف دون الآخر.
الغريب أن البعض انسلّ إلى ذهنه أن إلغاء وزارة الاعلام أو التلاعب في التسميات، من شأنه أن يرفع من هامش حرية الرأي والتعبير ويعزز الثقة في الإعلام الحكومي، ويخلع عنه عباءة الرسمية التي ارتداها منذ سنيّ طوال، غير أن الواقع لا يحمل بين طياته أي تقدم على صعيد الحريات، بل قاد إلى حزمة قوانين أقل ما يقال عنها أنها لا تتسق أو توائم دولة لا زالت تتطلع حكومتها إلى منافسة ما ينشر على الشبكة العنكبوتية.
ليس مهما ان كان لدينا وزارة إعلام أو لشؤون الإعلام أو الاتصال، بمقدار ما ينتج عن الحكومة من توصيات ترفع إلى المؤسسات المعنية تكون نواة حقيقية لولادة قوانين تعزز من مناخ الحرية وتعكس ما تنادي به في تقديم المعلومة في عصر السرعة، حتى تبني سدا منيعا أمام ما ينشر على مواقع التواصل التي يفتقر معظمها إلى المصداقية وتنتشر كما النار في الهشيم.
قبل سنوات أُقر قانون حق الحصول على المعلومة ومنصات تؤكد على أحقية المواطن أن يعرف، ونحن هنا لسنا في معرض النقد ولكن نوجه سؤالا للحكومة هل ساهم القانون والمنصات من احداث فرق على صعيد توفر المعلومةوتعزيز الموثوقية، وما مدى الأثر الذي تركته في مواجهة سيل ما ينشر على وسائل الاتصال غير التقليدية، أم شكلت حافزا أمام جموع القراء في التوجه إلى الإعلام البديل؟
الإعلام سلاح ذو حدين ومن المتعذر توجيهه أو السيطرة عليه أو تطويعه في ظل الثورة المعلوماتية، ان لم يحسن استخدامه والتعاطي معه فلربما تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، مما يحتم إعادة توظيب الأشرعة ليكفل القبطان المسير في طريق آمن بعيدا عن الكمائن وقطع دابر الاشاعة والتصيد، والحكومة من حيث تدري أو لا تدري توفر غطاءا في ايجاد مسوغات أمام القارئ للابتعاد عن إعلامها والانكباب على متابعة "الإعلام المنافس" الذي يفتقر إلى المهنية والموضوعية، وبات يشكل حالة الحكومات ذاتها كانت تشريعاتها وإجراءاتها الكفة الراجحة في ترسيخها.
المطاوعة بين الإعلام و"التواصل" ضرب من الخيال، ومن الصعوبة بمكان التوفيق بينهما، فلكل غايته وأهدافه وأدواته، الأول عتاده المهنية والمصداقية والاحاطة بميثاق الشرف الصحفي، فيما الثاني لا يخضع لأي معيار مهني عماده الإشاعة دون عناء البحث عن الحقيقة ولن تقوى المؤسسة الرسمية على مواجهته الا بمزيد من الانفتاح عبر بوابة التشريع خط الدفاع الأول.

نيسان ـ نشر في 2022-11-05 الساعة 12:28


رأي: إياد الوقفي

الكلمات الأكثر بحثاً