اتصل بنا
 

هل الشرق الأوسط على وشك الانفجار والدخول في حرب عالمية ثالثة؟

نيسان ـ نشر في 2015-10-17 الساعة 20:45

x
نيسان ـ

تصاعد التوترات بين إيران والمملكة العربية السعودية، والضربات الروسية ضد الحركات السورية المدعومة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وإعلان نهاية اتفاق أوسلو بوضوح من قبل السلطة الفلسطينية ... وغير ذلك الكثير من الأحداق الفارقة والمتسارعة التي تؤكد تفاقم الأوضاع السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط يوما بعد آخر، وهذا الأمر يقلق الدول الغربية كما يزعج العرب تماما.

** أتلانتيكو: وفقا لعضو مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين، فإن الغارات الروسية تستهدف المسلحين السوريين المدعومين من وكالة المخابرات المركزية... وبالفعل قام الطيران الروسي باستهداف معسكرات للواء "صقور الجبل" السوري، الذي تم تدريب أفراده من قبل المخابرات الأمريكية. هل يمكننا أن نتوقع المزيد من تلك العمليات الخطيرة؟ وما هي مخاطر تلك التطورات على المنطقة والعالم؟

رولاند لومباردي: أولا، دعنا نشير إلى أن استراتيجية روسيا واضحة جدا في سوريا؛ وتتمثل في الدعم غير المشروط للأسد، ومحاربة تنظيم الدولة والحركات الإسلامية الأخرى. إن دعم بوتين للأسد أكثر وضوحا وواقعية من مواقف القادة الغربيين، لأنه يعلم أنه لا يوجد بديل آخر قابل للتحقيق غير دعم "سفاح دمشق". وهذا للأسف ناتج عن محصلة ما يقرب من خمس سنوات من الحرب في سوريا والتي لم تسفر عن ظهور نظام أو مجموعات تكون بديلا لبشار وعشيرته بطريقة أو بأخرى.

وعلاوة على ذلك، فإنه خلافا لما يتردد في وسائل الإعلام الغربية، فإن بشار الأسد يعمد إلى تهجير سوريا من كل الأقليات الدينية والعرقية التي تشكل سوريا بما فيهم الأغلبية من السكان السنة، ولكن رغم كل شيء، فإن روسيا لا تريد فوز الإسلاميين بدمشق. لأن العواقب والتداعيات الناتجة عن ذلك ستكون كارثية على شمال القوقاز والحدود الشرقية لروسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى.

فإذا سقط الأسد، فلك أن تتخيل ما سيفعله أكثر من ألفي مسلح من الجهاديين الروس (وخاصة من القوقاز) الذين يقاتلون في سوريا، حيث يمكن أن يعودوا إلى بلادهم وأقل شيء سيفعلوه هو زعزعة الاستقرار في روسيا والدول المحيطة بها. وفي السياق نفسه، تقوم روسيا - مثل إيران - بدعم الحكومة الأفغانية في حربها على حركة طالبان.

ولأول مرة منذ التدخل السوفيتي في أفغانستان 1979-1989، يتدخل الجيش الروسي في الشرق الأوسط. وتقوم طائرات حربية روسية بقصف العديد من الأهداف لداعش وغيرها من الحركات الإسلامية الأخرى التي تعارض نظام الأسد.

وبالتأكيد، فإن هذا التصرف الروسي تسبب في غضب كل من فرنسا وتركيا والسعودية. ولكن هذا لا يهم بالنسبة لبوتين الذي يتعامل مع السياسة الدولية كلاعب شطرنج جيد، ودائما ما يأخذ في اعتباره عدة خطوات إلى الأمام، فهو بعيد عن كونه "كلب مسعور" بل هو يعرف ماذا يفعل. فهو يستخدم سياسة "الأمر الواقع" ويقوم بحساب المخاطر دائما بشكل جيد. وفي هذه الحالة، يتحالف الروس مع كل من إيران وإسرائيل ويوجد تنسيق من نوع ما بينهم وبين الولايات المتحدة.

نحن نعرف مواقف إيران ودورها في سوريا. وكتب الكثير حول دور إسرائيل في الأزمة السورية، لكن في إسرائيل، التي زار رئيس وزرائها موسكو قبل بضعة أيام، تأخذ على محمل الجد تدخل قوة كبيرة مثل روسيا في القضية السورية.

أما بالنسبة للأمريكيين، فإنهم يعربون عن قلقهم – إعلاميا - وسوف يصدر لهم احتجاجات رسمية،، ومن وراء الكواليس، فإن إدارة أوباما بالتأكيد ليست راضية عن التدخل الروسي في الأراضي السورية..

دعونا لا ننسى أيضا أن الولايات المتحدة قامت بدعم عدد كبير من الجماعات المسلحة في سوريا ، ومن بينهم حركات انضمت لاحقا إلى تنظيم القاعدة، وهذا شيء يعرفه الرأي العام الأمريكي ...

وأخيرا فإن خطر الانزلاق نحو حرب أوسع على الأراضي السورية أمر محتمل، لأن الجيش الروسي لم يذهب في نزهة هناك، وسيكون لتدخله "أضرار جانبية" حتما... ويكفي أن تعرف أن المجال الجوي السوري الآن مزدحم جدا، ويوجد خطر الاصطدام بين الطائرات الروسية وطائرات التحالف الأمريكي العربي. لذلك، ولتجنب وقوع حوادث سيضطر الجميع للتنسيق فيما بينهم والإبقاء على قنوات الحوار، ليس فقط بين الروس والأمريكان، وإنما أيضا مع الإسرائيليين...

رولان أورو: جون ماكين يؤكد بتصريحه أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية قامت بتدريب العديد من الحركات المسلحة، وفي الواقع السوري فإن المسلحين هناك كلهم ينتمون إلى الجهاديين. ويتألف الجهاديون من مجموعتين رئيستين: داعش في الشرق، وجبهة النصرة (القاعدة سابقا) في الغرب. وعندما نتحدث عن "المتمردين المعتدلين" فلن نجد أي مسلح معتدل في حقيقة الأمر.

صحيح أن الغرب (وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا) حاولوا تنظيم دورات لتدريب المعارضين على استخدام الأسلحة ليشكلوا جناحا ديمقراطيا مفترضا، ولكن أولئك الذين تدربوا عادو لتوهم إلى الصفوف الأمامية في الحركات الجهادية، وتم تسليم أسلحتهم التي أعطيت لهم إلى حركات الجهاد.

على أرض الواقع في سوريا، لا يوجد سوى حكومة الأسد والجهاديين، ولا شيء آخر غيرهم. ومنذ شنت الولايات المتحدة "حربا صليبية" باسم الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، أيدتها روسيا من بعيد دون أن تشارك فيها، وها نحن نراها تتدخل الآن بنفس الشعارات التي كانت تستخدمها أمريكا، ولكن مع الرغبة في المضي قدما في العملية إلى نهايتها، وهو ما يعني محاربة كل الإسلاميين، وتستغل روسيا أجواء حرب الغرب على الإرهاب وأجواء محاربة الجماعات الإسلامية في مصر والسعودية ودول الخليج. وقد بدأ الروس معاركهم باسم الحرب على داعش، وهدفهم الرئيسي هو تخفيف القبضة الخانقة عن جيش الأسد في دمشق ووما حولها..

** أتلانتكو: هل تعكس إجراءات اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط مثل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وتركيا وإيران والسعودية تصفية حسابات بين تلك القوى على الأراضي السورية؟ وما هو المعروف من استراتيجية تلك الأطراف؟

-- رولاند لومباردي: بعد ما يقرب من خمس سنوات من بداية "الربيع العربي"، تشهد المنطقة العربية جولة تقدم "الثورات المضادة" التي كسب الرهان حتى الآن، وفشلت رهانات قطر وتركيا في دعم جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية في تونس وليبيا ومصر ... أما في سوريا، فما زالت الرياض والدوحة وأنقرة تدعم الحركات المكونة لجبهة النصرة المحسوبة على تنظيم القاعدة وحركات إسلامية أخرى.... وفي نهاية المطاف، وجدنا الجيش الروسي يدخل الحلبة لاستغلال فشلهم وسيكون أمامه فقط رصد رد فعل الولايات المتحدة لمعرفة كيف سيتعامل معها.

فرنسا، كما رأينا في الأيام الأخيرة، تحاول إقناع شركائها بإدانة تدخل موسكو وتحاول على الجانب الآخر تشكيل حملة دولية غير واقعية، وعفا عليها الزمن للتدخل في سوريا.. لسوء حظ الفرنسيين، فإن باريس لم يعد يعمل لها حساب في تلك المنطقة التي كانت تحت سلطتها في الماضي القريب..

أما بالنسبة لإيران، فهي الحليف الرئيسي لروسيا في سوريا. وتشارك قواتها الخاصة على الأرض جنبا إلى جنب مع قوات نظام الأسد منذ بداية الحرب، وطهران بالتأكيد سوف تجني جميع الثمار من احتمال النجاح العسكري والدبلوماسي الروسي.

وأخيرا، بالنسبة للولايات المتحدة فإن حربها على داعش غير فعالة. إن واشنطن تخشى من الأضرار الجانبية لتلك الحرب، وخاصة أن شبح التدخل الكارثي في ​​العراق عام 2003 لا يزال باديا أمام أعين الأمريكيين ... وعلاوة على ذلك، فإن بعض المسؤولين الأمريكيين يبدون امتعاضهم من دعم بلادهم للحركات السورية.

وكانت وزارة الدفاع الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية خططت لتنظيم وتدريب وتجهيز وحدات عسكرية تتكون من نحو خمسة آلاف من عناصر "المتمردين المعتدلين". إلا أن تلك التدريبات ذهبت لصالح الجهاديين في نهاية الأمر.

رولان أورو: هناك جانب آخر مهم ينبغي الإشارة إليه، وهو أن الهدف الحقيقي للروس هو "محاربة الإسلام". وذلك على الرغم من التصريحات المعلنة في موسكو أو باريس أو واشنطن، وهذه هي المشكلة الحقيقية. فإن الجهاديين هم من يقودون الوضع على الأرض في سوريا، وهذا أمر تتخوف منه كل العواصم الغربية والشرقية.

بالنسبة لواشنطن، فإن المشكلة هي احتواء موسكو وتقليص النفوذ الروسي. ونعلم أن سوريا حليف لروسيا، وتدخلت بحجة حماية حليفها ومحاربة الجهاديين. في جميع الحالات فإن موقف الولايات المتحدة في سوريا ضعيف.

وبالنسبة لإسرائيل، فإن المشكلة الرئيسية لها الآن هي إيران التي تعتبر القوة المنافسة الوحيدة التي يتوسع نفوذها في المنطقة. إضافة إلى حلفائها في سوريا وميليشيات حزب الله اللبناني. وذلك على الرغم من أن نظام الأسد، الأب والابن، لم يفعلوا شيئا يضر إسرائيل طوال 45 عاما. كما أنها تتحسب لكل الاحتمالات، خاصة أن دمشق تقع على بعد 200 كيلومتر فقط من القدس، وإذا وقعت في أيدي الحركات الإسلامية فسيكون له تداعيات خطيرة على إسرائيل..

أما المملكة العربية السعودية ودول الخليج فإنهم حلفاء لإسرائيل ضد إيران، وهم أكثر الأطراف تضررا من التطورات في سوريا.

أما تركيا، فوضعها أكثر تعقيدا، فهي عضو بحلف شمال الاطلسي ويقودها شخص طموح ومتعصب لفكرته، ويعتبره البعض أكثر خطورة على الغرب من الأسد، وقد فتح حدود بلاده مع سوريا لدعم الحركات الجهادية، بينما يلعب البعض بورقة الأكراد للضغط بها على أردوغان الذي نجح لفترة طويلة في تحييد قيادة حزب العمال الكردستاني.

وعلاوة على ذلك فإن سياسة أردوغان تسببت في مشكلتين كبيرتين للغرب وهما: تدفق المتطوعين للجهاد على سوريا من جميع أنحاء العالم عن طريق الحدود التركية، ثم رحيل اللاجئين السوريين إلى أوروبا عبر تركيا أيضا التي تستضيف أكثر من 2 مليون لاجئ سوري..

وإضافة لهؤلاء اللاعبين، تأتي الصين. التي أرسلت قبل أيام حاملة طائرات إلى طرطوس لدعم القاعدة الروسية في سوريا، ولديها بعض المباني والمنشآت هناك لمتابعة ما يحدث. وهذا يعكس غضب الروس والصينيين لرؤية دعم الولايات المتحدة للحركات المسلحة في كافة أنحاء العالم الإسلامي، بما في ذلك الشيشان وشينجيانغ. والآن يبدو أنه قد حان الوقت لأخذ دورهم بتصعيد الموقف!

المصدر : شؤون خليجية - أتلانتكو

نيسان ـ نشر في 2015-10-17 الساعة 20:45

الكلمات الأكثر بحثاً