اتصل بنا
 

يحدث في جامعاتنا

نيسان ـ نشر في 2022-11-13 الساعة 14:35

نيسان ـ لا يخفى على المجتمع الاردني تراجع جامعاتنا في اداء دورها القيادي والتوجيهي والاجتماعي ايضا ، وأن جامعاتنا بكوادرها تتعامل مع الطالب بمنطق المزاجية البحتة ، فمِن طالبٍ أراد عقد ندوة في حرم جامعته وبعد أخذ موافقة عميد كليته ، ومن ثم يُفاجأ بأن عميد كليته لم يحضر وأن الندوة قد تم إلغاؤها ، وطالب آخر يطالب بشهادته الجامعية ، والجامعة ترفض تسليمها له بحجة رسومٍ التي ترتبت في ذمته ، مع أن ذلك مخالف لما جاء في قرار محكمة التمييز رقم ( ٥٦٧١ ) الصادر عام ٢٠١٨ ، ومن عقد مجلس تحقيق مع طالبات ذنبهن الوحيد " إعداد جلسة أذكار في حرم الجامعة " ، ومن تراجع أداء موظفي قسم القبول والتسجيل مع الطلاب ، الى أفراد أمن الجامعة الذين يتعاملون مع الطلبة باعتبارات امنية بحتة ، وصولا الى بعض الكوادر التعليمية ، التي لم يراعِ حرمةَ الرسالة والأمانة التي تحملها ، من تهم شهدها المجتمع في الآونة الاخيرة ، الى تحميل الطالب ما لا يحتمل من اعباء تعليمية لا تفيده ، ومن سرقة أبحاث ودراسات .
إذا ما اردنا طرح المزيد من الأمثلة ، فالكلام يطول ، لكن ما الاسباب وراء كل هذا التراجع الذي وصلت اليه جامعاتنا ؟ وما هي الحلول التي نستطيع من خلالها إعادة " إحياء " جامعاتنا من جديدة ، وإرجاعها الى
" سكة " الصواب ؟
في البداية ، علينا إعادة النظر في " التراتبية البيروقراطية " التي أجهدت كاهل مجتمعنا منذ زمن ، فالبيروقراطية سبب وجيه لما يحصل في جامعاتنا ، فإذا ما أراد الطالب عقد ندوة او دعوة ضيف او حتى إلقاء شعر في مسرح الجامعة ، احتاج لذلك موافقة أستاذه ثم رئيس قسمه ثم عميده ومن ثم موافقة رئيس الجامعة ، إذ أن هذا التسلسل الهرمي ، الذي يجب على الطالب المرور به كله للقيام بأي نشاط جامعي ، يكلّفنا من الوقت والجهد ما نستطيع استغلاله في أمور أخرى تفيد جامعاتنا ، ناهيك عن أن الطالب كلما ارتفع في هذا الهرم ، وَجَبَ عليه مواجهة مزاجية المسؤول في هذا القسم من الهرم ، وقد شهدنا ما كفانا من أحداث " تذرّع " فيها المسؤول الجامعي " بالنسيان " أو بعدم جاهزية الجامعة للقيام بهذا النشاط .
ما زال الفكر " العشائري " يسيطر على مجتمعنا ، فإذا ما دققنا النظر في اسماء العاملين في جامعاتنا التي أقيمت خارج عاصمتنا ، سنجد أن غالبيتها تنسلُّ من عشائر تقطن في نفس المحافظة التي أقيمت فيها الجامعة ، ومن هنا يكون سبب توظيف العاملين بالجامعة مبنيا على أساس " العشيرة " لا الكفاءة والجاهزية للقيام بالأعمال الموكولة إليه ، ناهيك عن إحساسه بأن " ظهره مسنود " بعشيرته ، وتأثير ذلك على عمله ، فإذا كان الرئيس والمرؤوس تربطهم قرابة فلا حسيب ولا رقيب على تقصيره .
انعزال الإدارات الجامعية عن الطلاب ، هو سبب وجيه لانعدام التواصل بين الطالب والادارة الجامعية ، وعدم معرفة الادارة ما يحتاجه الطالب من إصلاحات وما عنده من أفكار قد تفيد الجامعة ، فيجزم لي أحد الطلاب وهو على مشارف تخرجه ، أنه لم يرَ رئيس جامعته قط ، وأنه حاول مقابلته اكثر من مرة ، لكنه فشل في كل مرة جرّاء انشغال الرئيس باجتماعات وغيرها ، ناهيك عن انعزال جامعاتنا عن المجتمع ومطالبه فيما يخص التعليم ، وهذا كله ينبع - بطريقة أو بأخرى - من النظرة التقليدية بين الطالب والاستاذ التي ما زالت سائدة في مجتمعنا ، فعلى الاستاذ الامر وعلى الطالب التنفيذ دون نقاش ، فجامعاتنا تتناسى أننا أصبحنا في زمن الحداثة ، فالطالب العشريني اليوم يحمل في عقليته أفكارا بديعةً كفيلة بأن تحدث إصلاحا كبيرا ، بفضل وسائل التواصل والمعلومات التي أصبحت متوافرة لدى الجميع .
الحديث يطول ، ونحن بحاجة الى إعادة ضبط المنظومة العاملة في جامعاتنا ، التي وللأسف كبحت إبداع الطلاب وجمّدت تفكيرهم ، بل وفي بعض الأحيان " أرعبتهم " بتوجيه الانذارات وعقد مجالس التحقيق وغيرها ، نحن بحاجة الى " معايرة " نظرة الاستاذ لطالبه ، وأنها يجب أن تكون مبنية على الاحترام والمراعاة والحرص على مصلحة الطالب وسلامته النفسية ، علينا إعادة النظر والتمحيص في الادوار التي يقوم بها الكادر الجامعي ، ابتداءً من حارس الأمن وانتهاءً برئيس الجامعة .

نيسان ـ نشر في 2022-11-13 الساعة 14:35


رأي: اوس حسين الرواشدة

الكلمات الأكثر بحثاً