اتصل بنا
 

لماذا يظهر محافظ البنك المركزي كلما دق 'كوز' الحكومات بالجرة؟

نيسان ـ نشر في 2022-11-19 الساعة 08:17

x
نيسان ـ كتب المحلل الأقتصادي:
لا نعتقد أن من واجبات محافظ البنك المركزي الدفاع عن أو الترويج للسياسات والاجراءات الحكومية، لأن ثمة مواقع سيادية في الدولة، ومنها القضائية والتشريعية، والرقابية والبنك المركزي، يجب أن تبقى على مسافة تضمن استقلالها عن المستوى السياسي اليومي.ظهور محافظ البنك المركزي الاعلامي يتسم بحساسية عالية، إذ أن أية تلميحات أو هفوة إعلامية قد تتسبب بتدعيم حالة الشك الشعبي باستقرار مالية الدولة، وبالتالي خلخلة الثقة بالبيئة الاستثمارية عامة.
كان أحد الأصدقاء يقول، بما معناه، النفس أمّارة بالنشر والاعلام، على سبيل نقده لتسرعه في نشر كتابه الأول، وربما انطبق هذا الكلام على كثير من المسؤولين عندنا، فالظهور الاعلامي لذاته أصبح غاية عند جميع المستويات السياسية والمهنية، حتى على مستوى الأفراد، وذلك مع تطور وسائط التواصل الاجتماعي، طبعا هذا لا ينطبق على عطوفة المحافظ، بل ونربأ به عن ذلك.
لكن الفكرة أن محافظ البنك المركزي، أي محافظ أو مدير بنك فدرالي، يجب أن يكون محافظًا في ظهوره الاعلامي، ولا يجوز أن يطل علينا كل يوم ليتغنى بالسياسات التي تتبناها الحكومات، لأن وظيفته ليست إعلامية أو دعائية، بل إن وظيفته تتعلق بضبط ومراقبة الأدوات التي تحافظ على الاستقرار النقدي، وضمان قابلية تحويل الدينار، والمساهمة في تحقيق الاستقرار المصرفي والمالي، والمساهمة في تشجيع النمو الاقتصادي المطرد وفق السياسات الاقتصادية العامة، من خلال استخدام منظومة متكاملة من أدوات السياسة النقدية، وسياسة سعر صرف الدينار المناسبة للاقتصاد، والاحتفاظ باحتياطيات البلد من الذهب والعملات الأجنبية وإدارته.
لا يجوز أن يكثر المسؤول المالي الأول من ظهوره التلفزيوني، وهذا على العموم وليس أردنيا، لأن هناك كلفا كبيرة لتصريحاته وتخسر قطاعات وتتربح قطاعات من أية كلمة يقولها، بل إن المحافظين للبنوك المركزية في الدول المتقدمة، يظهرون من خلال اجتماعات دورية، ربعية أو نصفية، وليس كلما دق "كوز" الحكومات بالجرة.
نقول هذا، ونحن حريصون كل الحرص على بقاء أداء مؤسساتنا المالية بالمستوى الذي يناسب هذه المرحلة وحساسيتها، خصوصا ونحن نشهد اليوم مستويات التضخم في العالم، ونشاهد تصريحاتنا الرسمية التي لم تبلغ بعد المستوى المناسب من الشفافية التي تضمن الاستقرار الفعلي للاقتصاد الوطني، وقد رأينا تلك الأرقام التي أعلنها البنك المركزي بخصوص التضخم ووصوله إلى زيادة بحدود 4.1% فقط، وهذا قد يكون صحيحا بالمقارنة مع معدلات التضخم للسنة الماضية، لكن إذا أردنا المقارنة العادلة فإنها يجب أن تكون مع أكثر من خمسة أعوام سابقة، لأن الدخول لم ترتفع كثيرا منذ ذلك الحين.
بالنتيجة؛ المواطن لا يأكل من هذا الكلام ولا يشرب، لأن كل ما يهمه هو كم كان يدفع من راتبه للغذاء والسكن والمواصلات والتعليم، وكم صار يدفع اليوم، وهذا ما يفسر ويشرح المعنى الحقيقي للتضخم.

نيسان ـ نشر في 2022-11-19 الساعة 08:17

الكلمات الأكثر بحثاً