اتصل بنا
 

كوابيس النوم على جاعِدْ ..

نيسان ـ نشر في 2022-11-28 الساعة 13:01

x
نيسان ـ محمد قبيلات...
قال الرجل الذي يَئِس من التعلق بخيط الضوء المنبعث من ثقب في آخر كل مرحلة من حياته: أنا رجلٌ يخافُ من الأجواء العاصفة، و"أتجرذم" رعبًا من صوت الرعد، كما أن البرق يصيبني في مقتلٍ، إنه سيف يشق روحي.
وبمجرد أن تبدأ السماء لعبتها المخيفة تلك، وتزمجر بدويها، أشعر أن البيت يتحول إلى مغارة على شفا وادٍ لا يتوقف سيله عن الهدير، ويمكن أن تتدفق مياهه في أية لحظة لتحشرني في أضيق الزوايا.
وواصل من دون أن يتلعثم: أيضًا أنا أخاف العتمة، وكل تلك الليالي المدلهمة التي مرت بي، زعزعتني بما يكفي لأرتجف أمام قطة وديعة، وأخذَت من رباطة جأشي وتماسكي الكثير، حتى صرت لا أثق بالضوء، وأعتبره استثناء طارءًا في عالم أصله ومآله العتمة والظلام، وفي حال حدوث انفراجة، تعبر عنها خيوط من أشعة تنطلق على غير هدى، أراها عابرة قد لا تدوم لأكثر من لحظات، ليعاوِد الليل بِوطْئِه الثقيل ليسيطر على كل التفاصيل، بما فيها المتخيَّلة، فتصبح حتى الأحلام بنتًا للعتمات، ولا تخرج عن كونها اختلاسات زمنية صغيرة بلا صلة بالواقع المستديم.
وانهزَّت ثقتي بالأصدقاء، على نحو دائم ومريع ، حتى صرت أتهيأ للعراك مع أي منهم، حتى ونحن في أجمل لحظات التفاهم والانسجام، نعم كنت أتحوط دائما لضربة مباغتة، وأبتعد قليلا..
الطعنة الأولى كانت من إمعان في غياب، غياب بلا معنى، غياب كالح بلون تراب، هتّكته الشمس بلهيبها على حدود الصحراء، غياب أصبح يهدد كل الحضور، ويرسم نفسه كسيناريو ومآل حتمي لا مناص عنه.
واستذكر الرجل: بدأت القصة بمجتمع شبه رعوي، مع خروف كان ابنا لدلال مفرط، امتد على مدى أشهر، أخطر ما كان منه أنه كان يعرف أنه محبوب، فزاد في دلاله واطمئنانه لمضيفه الإنسان، حتى بات يَعدُّ نفسه أحد أفراد العائلة، ومن أين للمسكين ليعلم أن كل هذا النعيم الذي عاشه، له غاية واحدة محددة؛ التسمين، فراح ضحية لهذه الخديعة الكبيرة في صبيحة أول عيد كان يفترض أن يعيشه بكل معنى المرح.
ماذا كانت حصتي من أَشْلائِه في ذلك الاحتفال الوحشي؟ مجرد جاعد أجْبِرْت أن أنام عليه، وكلما سحبته من تحتي أو نحيّته جانبًا، أعادته السلطات الأبوية ليظل ملهمًا لكوابيسي الدائمة.
وفي الحديث عن الثورة قال: ما هي إلّا كابوس من كوابيس ثقيلة، خصوصا اذا كانت ضد نظام دكتاتوري معادٍ للغرب، فالثورة فيه وليد مشوَّه، محكوم بالنظر من عين أعداء الاعداء، إنها عقدة المخطوف المزمنة، ورد فعل الانسان الضحية على فعلة أخيه المستذئب، بل إنه يصير إلى استحسان أية بوادر إيجابية متعاطفة معه، حتى لو كانت من الخاطف نفسه، ويعظمها، لتغطي على كل الأفعال والتجارب السيئة التي يعيشها مع خاطفيه.
ماذا بعد !؟
ما زالت العتمة سيدة الكوابيس.
وما الكوابيس!؟
إنها أحلام مشوهة.
وما التشوه؟
تحريف الجمال
وما الجمال؟
طريق البحث عن قيم غائرة دثّرها الخوف الإنساني بغلالات من العتمة.

نيسان ـ نشر في 2022-11-28 الساعة 13:01

الكلمات الأكثر بحثاً