اتصل بنا
 

حراك ملكي..أعيدوا الصادقين للواجهة

كاتب وخبير قانوني

نيسان ـ نشر في 2022-11-29 الساعة 19:21

نيسان ـ حراك ملكي..أعيدوا الصادقين للواجهة
عمر كامل السواعدة
تصل الإشارات تباعا، ويخلص من يتتبع مصادرها وانعكاساتها على الأرض الى ان الدولة الأردنية ككل في حالة مواجهة وجودية، حراك ثلاثي يقوده الملك، يقف على ثلاثة روافع؛ الحكم، الجيش والأمن. هنالك حالة من الاستعداد للقادم، وتكاد تتضح معالم ثورة يقودها الملك.
كنت أردد على مدى سنوات قولاً وكتابةً وموقفاً، ان الأردن قضية رابحة، يحملها محام فاشل، ومحامينا هنا هو الاعلام الأردني، بكل اشكاله ومؤسساته ومصادره العام منها والخاص.
بعد الاستماع لخطاب الملك في مجلس الامة، وهذا الحضور غير المسبوق لرجالات جيشنا العظيم وقيادات أمنية، وبعد ان استعمل الملك صيغة "أفعل" اذ قال موجهاً كلامه للجيش والأجهزة الأمنية: أنتم الاصدق قولا والأخلص عملا، شعرت بارتباك وطني، تساءلت، ماذا بشأننا نحن الأردنيين؟!، ولماذا لسنا في هذه المعادلة؟
أؤمن بالجيش إيماناً مطلقاً، وانتمي اليه بكل جوارحي، واعتبره مقدسا وطنيا، الجيش منا ونحن منه، وفي السياق أقول، بأن الشباب الأردني كذلك أصدق قولاً وأخلص عملاً، وادعو الملك الى التعويل على ذلك. كما أدعو العدو - كائنا من كان - ان لا يراهن على ما يقوم به عملاء الداخل، هذا البلد، قام على اكتاف الرجال، وبضاعته الوحيدة الرجال.
أؤمن بأن ما جرى في بلدي هو حالة من الإفساد وليس فساداً، وأؤمن أن هنالك طرفاً ما يعتاش على تعميق الهوة وتوسيع التباين بين الرسمي والشعبي، لأن هذا الطرف لن يكون من مصلحته أن يتلاحم الشعب والحكم.
إنه يريد وأقصد_ الطرف المنتفع_ أن ينصرف الجهد الوطني الى مماحكات ومعارك جانبية ينتج عنها صورة نمطية خلاصتها دولة فاشلة، مما سيمكن الغزاة من امتطاء "مظلومية الأردنيين" والنفاذ الى نخاع البلد بعد "تهشيش" عظامها.
رأينا أفعالهم في تصرفات المسؤولين السخيفة، ومعالجاتهم الساذجة وجهودهم التمثيلية. رأيناها في تسريب الوثائق والاخبار لمن يتلقفها ويذيعها على أسماع الأردنيين ويضع الملح في جروحهم، رأيناها فيمن يحرف بوصلة الجهد الوطني لتصبح الملابس و(الاكسسوارات) هي قضيتنا، رأيناها في خطابات بعض المتصدرين الذين تجمد بهم الزمن عند اللحظة التي يمسكون بالميكروفون، مستندين الى سيارة (الميتسوبيشي) الفضية صارخين بعبارة "سمعلي المخابرات".
ثم ماذا؟ هل تغير شيء الى الاحسن؟ هل انتقلنا الى مستوى أعلى من الحوار الوطني؟ هل انتجنا جمعية تأسيسية او طرحنا برنامجا او الزمنا حكومة حدها او استقطبنا مواطنا إضافيا الى الساحة؟.
لا. بل على النقيض، كفر المواطن بالجميع، وقرر ان يخصص طاقته وجهده لـ(الماراثون) الخاص بلقمة الخبز وحبة الدواء... ما الذي تغير؟؟؟
الذي تغير هو ان الرسمي زاد من تغوله على حقوق الناس، تغيرت المديونية صعودا، والحريات نزولا، والخدمات تلاشياً والايمان بأن الأردن هو قبلة الامل والعمل شكاً.
بعض هؤلاء الذين ينادون بالحريات يتحولون الى بركان إذا ما ذكرت (ديكتاتورا) جاراً ما فيه من السوء، وبعضهم يُخوِّن الجميع ويطلق النار على كل الضمائر، بعضهم لا يتحمل ان تناقشه لثوانٍ، والجديد، ان النقاشات – إذا قدر لها ان تستمر - يتخللها الكثير من قلة الادب، وتستخدم فيها كل الشتائم المحرمة دوليا، ثم يقول لك، اريد ان تدعمني لأحكمك.... على الجانب الاخر، يحرقون هويتك وتاريخك ووطنك وحقوقك في الصحة والتعليم والخدمات، وحتى حقك في ان تقول انا أردني، ثم يطلبون منك ان تظهر ولاء واحتراما لهم. أهذا حال؟
اعرف كثيرا من الناس الذين هم في المشهد الحزبي الان، اضحك ثم ابكي دماً على وطن سيشكل هؤلاء قراره وتشريعاته ومشهده الوطني، اعرف كم بعضهم غير معني بالبلد وأهلها وهويتها، اعرف ان ملف التجنيس والتوطين يمكن تمريره في جلسة واحدة من خمسة دقائق.
أتساءل؛ أليس فينا من بقي فيه بقية من شجاعة ليقول أيها الناس: الخلط بين الهوية والمواطنة سيؤدي الى كارثة تاريخية تصيبنا جميعا.
أؤمن أن الأردن بلد قادر وفاعل وقائد، إذا اهتز الأردن ستسقط المنطقة كلها، وأي محاولة لتحييد الأردن على غرار محاولات ترمب ستؤدي الى كارثة ثم تفشل، الأردن اليوم هو البوابة الشرقية والشمالية والغربية للأمة.
لا بلد يمكن ان يسقط الا إذا أسقط داخليا، لذلك، أستطيع ان ارصد محاولات اسقاط الداخل. ترتكز هذه المحاولات على مزيد من الفساد والقهر والحرمان وتصدير الخطاب الغوغائي ومعتنقي المصالح.
إعادة الصادقين الى المقدمة هو فقط ما يمكن ان يعيد الأمور الى نصابها، الصادقون هم الدرع الحقيقي، اللجان واللقاءات والندوات والخطابات تنتج كلاما، في حين ان الصادقين - الذين تم تغييبهم - هم وحدهم الذين يمكنهم إعادة انتاج الأردن الذي يريده جلالة الملك.

نيسان ـ نشر في 2022-11-29 الساعة 19:21


رأي: الدكتور عمر كامل السواعدة كاتب وخبير قانوني

الكلمات الأكثر بحثاً