اتصل بنا
 

“مخالفات الطريق”..!

من مواليد عمان – الأردن عام 1963 يعمل مديراً لتحرير دائرة الترجمة في صحيفة الغد اليومية الأردنية. حصل على درجة البكالوريوس في اللغة والأدب الإنجليزيين من الجامعة الأردنية، ودرجة الدبلوم العالي في الأدب الإنجليزي والمقارن. عمل في مجالات التصميم الغرافيكي والخط العربي، ومحاضراً في الجامعة الأردنية، ومستشاراً لتحرير المجلة الثقافية في الجامعة الأردنية، ومحكماً ومستشاراً لشؤون الترجمة للعديد من دور النشر ومراكز الدراسات والمؤسسات. ويشارك في هيئة تحرير مجلة "روزنا" التي يصدرها اتحاد المرأة الأردنية.

نيسان ـ نشر في 2022-12-04 الساعة 06:08

نيسان ـ فصل الشتاء. ومع الشتاء تتحدد الرؤية، وتصبح الطرق زلقة، وتزيد احتمالات وقوع حوادث السير الصغيرة والكبيرة. ومع الحوادث تأتي المخالفات للمتسببين بالحوادث، أو كغرامات على عدم إعداد مركباتهم وملحقاتها لظروف الشتاء. وهذه المخالفات الضرورية حق، وينبغي أن تخدم في تذكير مستخدمي الطريق بضرورة توخي المزيد من الحذر والالتزام بالقواعد لحماية أنفسهم وغيرهم.
لكن هناك «مخالفات» لا يرتكبها السواقون نتيجة إهمال أو تحد للقواعد بقدر ما تتعلق بعدم التزام الطريق وملحقاته بمعايير السلامة وحماية أرواح وممتلكات المستخدِمين. على سبيل المثال، في يوم غزير المطر، سوف تجد أحدًا قد فتح غطاء عبارة تصريف، (منُهل)، ووضع الغطاء بشكل عمودي في الفتحة لإتاحة تصريف المياه. وسيكون الغطاء بارزًا عن أرضية الشارع بمقدار عشرة، عشرين أو ثلاثين سنتمترًا. ولن يضعوا قمعاً أو عاكسة قبل مسافة من العبارة تنبهك إلى العائق في الأمام. وإما أن يفاجئك الغطاء وتمر عليه فيؤذي مركبتك، أو تتوقف فجأة وقد يصدمك الذي خلفك، أو أنك تغير المسرب فجأة لتفادي الغطاء المرفوع، فتتسبب بحادث.
ومثلاً؛ قد تسير في شارع سريع في عتمة الليل والمطر، أضواؤه مطفأة، وليست فيه عاكسات أرضية أو وسطية أو سماوية أو على الجانبين، وربما تصطدم بالجزيرة الوسطية، أو بكتف الطريق، أو تقفز إلى الجانب الآخر وتصدم قادمًا لا له ولا عليه. أو، يبرز أمامك عائق غير معلَّم، مثل رصيف داخل في الطريق، أو حفرة عميقة أخفتها مياه المطر. (وقد اختبرت حفرة كهذه ذات مرة، هبط الدولاب فيها فانحنى «الجنط» وفرغ الدولاب من الهواء على الفور، وانغلق جزء من الشارع الضيق أصلًا وانقهر السواقون خلفي)… وهكذا.
أو، أنك تهبط في نفق عين الله عليه، وعندما تصبح في الأسفل توقفك زحمة السير وتعتقلك هناك. وفجأة تشرع المياه في الارتفاع، إلى الجوانب فالزجاج فالسقف. وتلتجئ إلى السقف فتقف عليه مثل مستجير بجزيرة صغيرة وسط عاصفة بحرية. وسوف يصبح ثمن مركبتك بعد غرقها بضعة قروش، بعد أن تكون قد امتلأت رعبًا من التجربة. ولن يتعرف عليك التأمين باعتبار أن ما حدث عامل طبيعي لا يستوجب التعويض. والسبب في الحقيقة هو أن عبارات التصريف مغلقة، أو غير مناسبة للتعامل مع كميات المياه. وسوف يحدث ذلك في الشتاء الأول، لكنه يتكرر في الشتاء التالي ويُسقط آخرين.
هذه أمثلة فقط على «مخالفات الطريق» المسببة للحوادث، التي الأضرار المادية بالمركبات والناس، وتجلب القلق وتعطّل الأعمال على الأقل. فمن يتحمل المسؤولية عن هذه المخالفات؟ ولماذا لا فكاك من دفع المواطن غرامات مخالفاته بينما لا يتقاضى شيئًا عما يعانيه من أضرار جراء مخالفات الطريق؟
من المسلم به أن «الطريق» ليس كيانًا صاحب إرادة. وإذا قلنا «الطريق»، فإن وراء الكيفية التي عليها أشخاص «عاقلون»، عاديون أو اعتباريون. الذي يرفع غطاء «المنهل» شخص. والذي صنع العبارات، أو لم يصنها، بطريقة تحتاج معها التي فتح الأغطية لكي تعمل، شخص. والذي أهمل وضع العاكسات والخطوط، ولم يردم الحفرة في الطريق، وأطفأ الأضواء في ليلة معتمة غزيرة المطر، هو شخص أيضاً. وينتمي هؤلاء الأشخاص إلى مؤسسات ودوائر هي جزء من جسم الحكومة. وإذا كان بالوسع التعذر للطريق بجماديته واستثنائه من التكليف، فإنه لا ينبغي التماس العذر للجهات والأفراد الذين يخبئون تقصيرهم خلف حيادية الطريق.
أفترض أن من العدل أن تكون هناك طريقة يطالب بها المتضرر من غطاء المنهل المرفوع، أو بسبب إطفاء أضواء الشارع في الليل الحالك، وبقية «مخالفات الطريق»، بالتعويض عما لحق به من أضرار. وينبغي أن يفضي الالتزام بتحمل غرامة سوء الطريق أن لا يوقع مسؤول على استلام شارع سيء الفرش والتأثيث من متعهد غشاش. وألا يكون توفير الطاقة عذرًا لتعتيم الشوارع في الليالي المطيرة الخطيرة والمخاطرة بأرواح الناس على أساس أنها أرخص من الكهرباء. وينبغي أن يكون من حق المواطن، الذي يدفع كل ما يُفرض عليه من رسوم وضرائب ولا يجد منها مهربًا، أن يتلقى خدمة تحميه لقاء نقوده، وأن يُرد إليه ماله إذا كانت الخدمة لا تساوي ثمنها، تماماً كما ترفض الدفع لصاحب مطعم وجدت في طعامه حشرة. ينبغي أن يتحمل صانع الطريق كلفة «مخالفات الطريق».الغد

نيسان ـ نشر في 2022-12-04 الساعة 06:08


رأي: علاء أبو زينة من مواليد عمان – الأردن عام 1963 يعمل مديراً لتحرير دائرة الترجمة في صحيفة الغد اليومية الأردنية. حصل على درجة البكالوريوس في اللغة والأدب الإنجليزيين من الجامعة الأردنية، ودرجة الدبلوم العالي في الأدب الإنجليزي والمقارن. عمل في مجالات التصميم الغرافيكي والخط العربي، ومحاضراً في الجامعة الأردنية، ومستشاراً لتحرير المجلة الثقافية في الجامعة الأردنية، ومحكماً ومستشاراً لشؤون الترجمة للعديد من دور النشر ومراكز الدراسات والمؤسسات. ويشارك في هيئة تحرير مجلة "روزنا" التي يصدرها اتحاد المرأة الأردنية.

الكلمات الأكثر بحثاً