اتصل بنا
 

الطفل المعجزة الذي تحوّل إلى مُفجّر متسلسل أرهبَ أمريكا

نيسان ـ نشر في 2022-12-14 الساعة 15:58

x
نيسان ـ يُمكن القول إن سيرة حياة الأمريكي تيد كازينسكي، المعروف بلقب "المُفجّر" (The Unabomber)، تُعتبر واحدة من أغرب القصص على الإطلاق.
فنحن أمام شخصٍ عبقري، كان معجزة في الرياضيات، دخل الجامعة وهو في الـ16 من عمره فقط. حصل على شهادة الدكتوراه في الرياضيات من جامعة ميشيغان، وعمِلَ لاحقاً كأستاذ رياضيات في الجامعة، قبل أن يتحوّل إلى قاتلٍ متسلسل.
أرعبَ تيد كازينسكي الولايات المتحدة لسنوات، من خلال تفجيراتٍ وجرائم كان يرتكبها على طريقة "الذئب المنفرد"، ويُرسل من بعدها رسائل إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) تتضمن ألغازاً ورموزاً يصعب حلّها.
استمرّ الرعب الذي بدأه مفجّر الجامعات والطائرات طيلة 17 عاماً، ومهمة القبض عليه شكّلت واحدة من أكبر وأصعب المطاردات في تاريخ مكتب التحقيقات الفيدرالي. لكن، ما الذي دفع الطفل المعجزة إلى القتل ونشر الخوف بين الأمريكيين؟
دخل جامعة هارفرد في سنّ الـ16.. الطفل المعجزة تيد كازينسكي
وُلد ثيودور جون كازينسكي يوم 22 مايو/أيار 1942 بمدينة شيكاغو في ولاية إلينوي الأمريكية، من والدَين بسيطين أصولهما بولندية.
ووفقاً للموسوعة العالمية Encyclopedia، فإنّ علامات الذكاء الخارق بدأت تظهر لدى ثيودور في المرحلة الابتدائية من دراسته. فعندما كان في السنة الدراسية الخامسة، أجرى اختبار تقييم الذكاء وكانت النتيجة عالية جداً، ما دفع إدارة المدرسة لإعفائه من السنة السادسة.
فوجد الطفل ثيودور نفسه يدرس رفقة فتيانٍ يكبرونه بسنوات، يتنمّرون عليه وعلى ذكائه، فيشتمونه ويصفونه بأبشع العبارات.. الأمر الذي أدى إلى شعور تيد بأنه منبوذ اجتماعياً، وأثر لاحقاً على شخصيته، بحيث بات يعيش حياةٍ أشبه بالعزلة.
كان تيد كازينسكي يميل أكثر إلى دراسة الرياضيات، التي برَع بها إلى درجة قبوله بجامعة هارفارد في سن الـ16 من عمره فقط، والتي تخرّج منها في العام 1962؛ قبل أن يواصل دراساته العليا في الرياضيات بجامعة ميشيغان، التي منحته شهادة الدكتوراه في العام 1967، ليعمل من بعدها أستاذاً مساعداً في جامعة بيركلي بكاليفورنيا.
وبحسب الموسوعة البريطانية Britannica، لم يكن تيد شخصاً اجتماعياً، وقد أظهر ازدراءً واضحاً للتكنولوجيا- لما كان يعمل بجامعة بيركلي- ولكلّ مظاهر الحياة الحديثة التي تسيطر عليها الرأسمالية، قبل أن يستقيل من منصبه عام 1969.
قضى السنتين التاليتين مُتنقلاً من مدينةٍ إلى أخرى، قبل أن يشتري- مع شقيقه ديفيد- قطعة أرضٍ بالقرب من مدينة لينكولن في ولاية مونتانا عام 1971، حيث قضى معظم السنوات الأربع والعشرين التالية من حياته.
عاش بكوخٍ صغير من دون كهرباء ولا ماء
بنى تيد كازينسكي في تلك الأرض كوخاً صغيراً، وعاش به حياةً بدائية جداً، من دون جهاز تدفئة ولا كهرباء أو مياهٍ جارية، وقضى معظم وقته في قراءة الكتب التي كان يحصل عليها من المكتبة المحلية.
وفي تلك الفترة أيضاً، شرع في تأليف النسخ الأولى من مخطوطةٍ، نُشرت فيما بعد سنة 1995 تحت اسم Unabomber Manifesto -وهي عبارة عن مقالٍ طويل من 35 ألف كلمة- أراد من خلالها كازينسكي توضيح أنّ الثورة الصناعية قد باشرت عملية تدمير الحياة الطبيعية، بسبب التكنولوجيا، وقد أجبرت البشر على التكيّف مع الآلات، وخلقت نظاماً اجتماعياً وسياسياً يقمع حرية الإنسان وإمكانياته.
وفي سنة 1978، اقتنع تيد كازينسكي بالعمل في مصنع شقيقه ديفيد بشيكاغو؛ وفي تلك السنة، بدأ يُرسل سلسلة طرودٍ بريدية ملغومة. وعلى الرغم من الطريقة البدائية التي استُخدمت في صناعة القنبلة الأولى، والتي كانت موجّهة إلى أستاذ هندسة بجامعة "نورث وسترن" في إلينوي (يُدعى بيكلي كريست)، إلا أنها انفجرت وأصابت شرطياً.
جرت الحادثة يوم 25 مايو/أيار 1978، بعدما توجّس الأستاذ كريست من الطرد البريدي واستدعى الشرطة المكلّفة بأمن الجامعة، فقام الشرطي تيري ماركر بفتح الطرد في موقف سيارات الجامعة، حين انفجرت القنبلة بيده اليسرى مسبّبةً له جروحاً خفيفة فقط.
لكن تلك الحادثة كانت بدايةً لسلسلةٍ من 16 عملية تفجير، بطرودٍ بريدية، أدّت إلى وفاة 3 أشخاص وجرح 23 آخرين.
عاد ثيودور كازينسكي بعد عمليته الأولى للعيش بكوخه الصغير، وتفرّغ لصنع قنابل أكثر تطوّراً. فكان هدفه الثاني طائرة تابعة لشركة American Airlines، حيث وضع في سنة 1979 قنبلةً في عنبر الشحن لإحدى رحلات الشركة، لكنها لم تنفجر بسبب آلية توقيتٍ خاطئة.
في الفترة نفسها، أرسل كازينسكي طرداً بريدياً ملغوماً إلى رئيس شركة United Airlines، تعرّض على إثره لإصاباتٍ جاءت طفيفة.
وشهد شهر ديسمبر/كانون الأول 1985، أول حالة وفاة بسبب عمليات تيد كازينسكي؛ عندما انفجر طردٌ ملغوم أمام متجرٍ لبيع أدوات الإعلام الآلي، فأُصيب صاحب المتجر وتوفي متأثراً بجراحه.
وعرفت العشرية التالية لحادثة الوفاة الأولى، وقوع حالتَي وفاة وبعض الجرحى نتيجة تفجيرات تيد كازينسكي الذي لم يكن يترك أي دليلٍ من شأنه أن يقود المباحث الفيدرالية للتعرّف إلى هويته الحقيقية، حتى ربيع سنة 1995 الذي شهد حدثاً هاماً كان حاسماً في فكّ لغز قضية The Unabomber، التي حيّرت الولايات المتحدة الأمريكية لقرابة 17 عاماً.

نيسان ـ نشر في 2022-12-14 الساعة 15:58

الكلمات الأكثر بحثاً