اتصل بنا
 

وهم الواقع

نيسان ـ نشر في 2022-12-22 الساعة 10:05

نيسان ـ عندما يقع حدث ما وسماع الأخبار للوهلة الأولى ينصرف الذهن وبكل مدركاته إلى التوهمات المحيطة بالحدث وما يمكن أن يتوقعه العقل البشري كردة فعل أولية لصدمة الحدث بحيث يفترض نتائج محسوبة على قاعدة بيانات التوقع لماذا وقع وما أسبابه وكيف وأين وما وراء وهكذا تحدث الصدمة الوهمية للواقعة المنُشغل بها الوقت والمكان تعطيلاً للأحاسيس المرتبة على أفكار البرنامج التفاعلي مع الحياة فيغفل عن حقيقة الواقع ومجريات الحياة الباقية والمستمرة قبل وبعد الحدث المسيطر على مشهد الخبر والمتعلق بحالة الترقب ثم التحليل ثم الصمت أو قل الوجوم وعلى الوجوه علامات تعجب واستفهام وربما سبق آخرون كل معطيات الحدث وهز له كتفيه وأدار ظهره حيرة أو وامتعاضاً لتوازن مخزونه الفكري لما يتشابه من نقلات استغفالية سيقت على منوال الواقعة والواقع فجاءت متطابقة من حيث أثرها وتأثيرها .
شهدنا في أيامنا المنصرمة من هذا الشهر تغول الأسعار غير المبرر وخاصة المشتقات النفطية المحرك الأساس لعجلة الحياة وكساد الحركة العامة وحالة الإحباط واليأس التي أصابت جميع قطاعات الحياة وجل طبقات المجتمع المسحوق بين مطرقة الفقر وسندانة الديون وعدم الكفاية والكفاف فانبرى لها قطاع النقل العام بكل وسائلة من شحنٍ ونقل متوسط وشبكة خدمات المواصلات الداخلية بالإضراب العام في بعض المناطق والجزئي في مناطق أخرى فيحين لم يكن لهذا الواقع المؤلم أي صداً في بعض مناطق الوطن .
وشلت عجلة الاقتصاد وتعطل الإنتاج أو كاد وتضاربت ردود الأفعال بين شد وجذب وتعنت ومماطلة أصرت معها الجهات الرسمية على عدم الخضوع لمطالب المضربين ولو كان الدم بديلاً لينطلق الشغب غير المبرر ولا الموافق عليه والمسيء للوطن والمواطن ولكن لكل فعل ردة فعل لا أقول مساوية في المقدار ولكن معاكسة في الاتجاه لتتخذ منها الجهات الحكومية شماعة تعلق عليها أسوء السناريوهات المتوقعة وهماً أو جدلاً .
مع الانشغال بالحدث ومتابعة تطوراته ومن غير سابق إنذار وأثناء قيام اجهزتنا الأمنية العين الساهرة الجنود المجهولون بواجبها المعتاد من حفظ أمن وسلامة هذا الوطن الذي نحب ونعشق ثراه وإذا يد الغدر والخيانة تمتد إلى الدم الطاهر الزكي وإلى حماة الوطن لترسل لنا كوكبة من الرجال الذين نذروا حياتهم لأجل هذا الحمى شهداء بإذن الله أبراراً في جنات النعيم ليغير محركة الأحداث بوصلة السير إلى هذا الحدث الجلل والذي صم أذان الجميع وكتم على الأنفاس من هول ما جرى .
لم يكن بالحسبان ولا بالتصور أن ينحي محرك السياسة الداخلية أو موجه الفايروسات النتنة في جسم الأمة إلى اضعاف مناعة الوحدة الوطنية ليبرر ويحتج أو يوهم الدهماء الغُفّل أن خفافيش اليل تستغل كل حدث لتنزل بالوطن جراحات الأسى كالدواء يعطى للمريض ليخفف آلامه فيدمر جهازه المناعي فتتسلل الفتاكات من الأمراض فتقتله .
هكذا وبلا خجل بررت الجهات الرسمية ما حدث ثم ساد صمت الحزن والموت والفراق ليكتشف الجميع أن لا حلول وعاد الشاحنات إلى الموانئ وتناقل ركاب الحافلات الخبر بحزن وآتت صدمة الحدث ووهم التوقعات أوكلها ونسي المضربون وعاث الفاسدون بالأرض فساداً وعلى تخوف القادم صمت القلم .

نيسان ـ نشر في 2022-12-22 الساعة 10:05


رأي: طارق الهاشم

الكلمات الأكثر بحثاً