مدينون برد التحية لـ 'معان'
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2022-12-26 الساعة 08:08
نيسان ـ الأردنيون، كل الأردنيين، مدينون بالشكر ورد التحية مرتين «لمعان «، المدينة والمحافظة : مرة لأنها افرزت اصدق ما لدينا من مشاعر الاعتزاز بالذات الوطنية، والغيرة على المصلحة والكرامة العامة، والتضحية من أجل الدفاع عن الحق العام، ومرة ثانية لأنها كشفت أزماتنا، ومنحتنا اكثر من فرصة لرؤية صورتنا كما هي، بلا رتوش ولا مكياج، ثم أعادتنا إلى سكة السلامة، و معادلة التوازن الوطني؛ حيث قوى المجتمع الخيّرة، و إدارات الدولة، عينان لا غنى لاحداهما عن الاخرى.
من لا يعرف معان لم يقرأ التاريخ الأردني الممتد عبر آلاف السنين، فمن هذه المدينة خرج الأنباط لبناء مملكتهم في البتراء، كما خرج الفاتحون المسلمون لمواجهة الروم في مؤتة، ومن «الحميمة» انطلقت حركة تأسيس الدولة العباسية، ثم انطلقت من قلعة الشوبك أول شرارات الثورة ضد «التتريك»، وفي بداية القرن المنصرف استقبل أهل معان طلائع الثورة العربية، بقيادة الملك المؤسس عبدالله الأول، وكانت معان أول عاصمة للمملكة، ومنها خرجت أول صحيفة باسم «الحق يعلو «.
تلك، بالطبع، شذرات من تاريخ معان، نستذكرها في لحظة يحاول البعض أن يشطب فيها هذه المدينة من دفتر الإنجازات الوطنية، أو أن يكرّس في ذاكرتنا أنها مجرد أزمة مفتوحة، لتبقى مهمشة ومجروحة، لكن معان تثبت دائما انه الرقم الصعب في الزمن الأردني الأصعب، لم تنحرف بوصلتها عن «قبلة» الوطن، ولم يسجل اهلها القابضون على جمر العزيمة والصبر إلا المواقف النبيلة، هذه التي يعرفها الزوار والحجاج وعابرو السبيل، وتتردد أصداؤها في كل مكان.
أخطأنا بحق معان واهلها، وتجاهلنا على مدى السنوات الماضية رسائلها، وتعاملنا معها بمنطق الخوف والتخويف، مع أن ربط الاستقرار والأمن بالخوف معادلة غير صحيحة، و أصر البعض، سامحهم الله، على إبقاء معان جرحا نازفا، بدل أن تكون نموذجا للتنمية والبناء.
الآن بوسعنا أن نقول : « «كفى» لكل هؤلاء، لابد أن نعيد لمعان قيمتها واعتبارها، ونفتح لواقطنا السياسية لاستقبال صرخات أبنائها، لابد أن نرد على أهلها الصامدين التحية بمثلها، أو باحسن منها، هذا واجبنا جميعا، الدولة والمجتمع، وهو حق في ذمتنا الوطنية لكل رجل وامرأة وطفل في معان.
يدق العقلاء في معان ناقوس الخطر، ويعبرون بحس وطني، غاية في التهذيب، عن أوجاعهم وهواجسهم ومخاوفهم مما جرى، وما قد يجري، يدفعهم إلى ذلك إحساس عام بالإهمال والتهميش، وتشخيص وتقدير عميق للأزمة التي يمر بها بلدنا، لا نريد أن تتحول معان إلى فتنة أو نصحو على أخبار غير سارة، فقد تعلمنا من تجاربنا أن الأزمة لا تلد الفرج دائما، بل قد تلد مفاجآت غير محمودة، وأهل معان، مثل كل الأردنيين، ما زالوا كما كانوا دائما حريصين على بلدهم، ومن واجبهم علينا أن نفهم رسائلهم، ونستثمر في الأزمة ( أزمتنا جميعا ) لتلد ما يلزم من همة وفرج، ومزيدا من التوافقات، لا مزيدا من الجراحات، لا سمح الله.
(الدستور)
من لا يعرف معان لم يقرأ التاريخ الأردني الممتد عبر آلاف السنين، فمن هذه المدينة خرج الأنباط لبناء مملكتهم في البتراء، كما خرج الفاتحون المسلمون لمواجهة الروم في مؤتة، ومن «الحميمة» انطلقت حركة تأسيس الدولة العباسية، ثم انطلقت من قلعة الشوبك أول شرارات الثورة ضد «التتريك»، وفي بداية القرن المنصرف استقبل أهل معان طلائع الثورة العربية، بقيادة الملك المؤسس عبدالله الأول، وكانت معان أول عاصمة للمملكة، ومنها خرجت أول صحيفة باسم «الحق يعلو «.
تلك، بالطبع، شذرات من تاريخ معان، نستذكرها في لحظة يحاول البعض أن يشطب فيها هذه المدينة من دفتر الإنجازات الوطنية، أو أن يكرّس في ذاكرتنا أنها مجرد أزمة مفتوحة، لتبقى مهمشة ومجروحة، لكن معان تثبت دائما انه الرقم الصعب في الزمن الأردني الأصعب، لم تنحرف بوصلتها عن «قبلة» الوطن، ولم يسجل اهلها القابضون على جمر العزيمة والصبر إلا المواقف النبيلة، هذه التي يعرفها الزوار والحجاج وعابرو السبيل، وتتردد أصداؤها في كل مكان.
أخطأنا بحق معان واهلها، وتجاهلنا على مدى السنوات الماضية رسائلها، وتعاملنا معها بمنطق الخوف والتخويف، مع أن ربط الاستقرار والأمن بالخوف معادلة غير صحيحة، و أصر البعض، سامحهم الله، على إبقاء معان جرحا نازفا، بدل أن تكون نموذجا للتنمية والبناء.
الآن بوسعنا أن نقول : « «كفى» لكل هؤلاء، لابد أن نعيد لمعان قيمتها واعتبارها، ونفتح لواقطنا السياسية لاستقبال صرخات أبنائها، لابد أن نرد على أهلها الصامدين التحية بمثلها، أو باحسن منها، هذا واجبنا جميعا، الدولة والمجتمع، وهو حق في ذمتنا الوطنية لكل رجل وامرأة وطفل في معان.
يدق العقلاء في معان ناقوس الخطر، ويعبرون بحس وطني، غاية في التهذيب، عن أوجاعهم وهواجسهم ومخاوفهم مما جرى، وما قد يجري، يدفعهم إلى ذلك إحساس عام بالإهمال والتهميش، وتشخيص وتقدير عميق للأزمة التي يمر بها بلدنا، لا نريد أن تتحول معان إلى فتنة أو نصحو على أخبار غير سارة، فقد تعلمنا من تجاربنا أن الأزمة لا تلد الفرج دائما، بل قد تلد مفاجآت غير محمودة، وأهل معان، مثل كل الأردنيين، ما زالوا كما كانوا دائما حريصين على بلدهم، ومن واجبهم علينا أن نفهم رسائلهم، ونستثمر في الأزمة ( أزمتنا جميعا ) لتلد ما يلزم من همة وفرج، ومزيدا من التوافقات، لا مزيدا من الجراحات، لا سمح الله.
(الدستور)
نيسان ـ نشر في 2022-12-26 الساعة 08:08
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي