اتصل بنا
 

لم يحضر توقيع كتابها سوى شخصين... وروائيون كبار يتدخلّون

نيسان ـ النهار ـ نشر في 2022-12-26 الساعة 08:15

x
نيسان ـ عندما لجأت الكاتبة الأميركية تشيلسي بانينغ إلى تويتر، لتُزهق في تغريدة قصيرة قسطاً من استيائها جراء حضور شخصين فقط حفلة توقيع روايتها الأولى، لم تتوقع أن تنضم إليها باقة من المؤلفين الأكثر شهرة في العالم، أولّهم ستيفن كينغ ومارغريت أتوود ونيل غايمان، لدعمها بسرد حكايات عن "كابوسهم الخاص" في بدايات مسيرتهم الأدبية. وليتبين أن معظم كبار الروائيين اليوم، مروّا بتجربة مماثلة، كما لو أنها محطة توقف إجبارية، قبيل الشهرة والنجاح.
التغريدة الشهيرة
كتبت بانينغ في تغريدتها: "حضر شخصان فقط حفلة توقيع كتابي "عن الأساطير والتيجان" أمس، شعرت بالإحباط الشديد، لا سيما أن 37 شخصاً سبق وأن أكدوا حضورهم. أشعر بالاستياء صراحة، وبالقليل من الحرج".
ما هي إلا ساعات على نشرها التغريدة، حتى انهالت قصص مشابهة من روائيين عالميين سبق لهم أن اختبروا الشعور عينه بالإحباط والفشل، فوجدوا في تغريدة بانينغ فرصة للحديث عن تجربة قاسية، تحولت اليوم إلى ذكرى مضحكة يشاركونها على الملأ.
في هذا الصدد، غرّد ستيفن كينغ، أحد أعمدة أدب الرعب في العالم وأكثرهم مبيعاً، فعلّق: "في أول حفل توقيع لروايتي "أرض سالم"، حضر شخص واحد فقط. طفل مكتنز سألني: هل تعرف يا صديقي أين أجد بعض الكتب النازية؟!".
في تغريدة ثانية له، توجه كينغ إلى الكاتبة بالقول: "عزيزتي تشيلسي بانينغ، عندما تقومين بحفلة توقيعك التالي، أخبرينا بذلك. ونحن سنخبر الجميع".
بدوره، كتب القاص الإنكليزي اللامع نيل غايمان "كنت قد أقمتُ وتيري براتشيت حفل توقيع كتابنا "نذر طيبة" في مانهاتن، لكن لم يأت أحد على الإطلاق. إذن، أنت سبقتنا بزائرين".
أما الروائية والشاعرة الكندية المخضرمة مارغريت آتوود، فغرّدت: "أهلاً بك في الفريق. في حفلة توقيع إحدى رواياتي لم يظهر أحد، باستثناء رجل أراد شراء بعض الأشرطة اللاصقة وظنّ أنني العاملة هناك".
ولعل الحادثة الأطرف تلك التي سردتها الكاتبة الأميركية جودي بيكولت، حين كتبت "جلست وحيدة إلى طاولة التوقيع مرات عدة، وحين اقترب أحدهم مني أخيراً، سألني عن مكان المرحاض!".
كذلك، انضم مؤلف كتب الجريمة الأكثر مبيعاً لينوود باركلي لزملائه فغرّد: "جلست مرة أمام مكتبة في احد المراكز التجارية لتوقيع كتابي، لم يتوقف أحد عند طاولتي سوى رجل عجوز؛ نظر إليّ ثم نظر إلى الكتب وعاد فنظر إليّ، بعدها اقترب مني وسألني: هل يبيعون الأعلام هنا؟ "
أما صاحب كتاب "يوم واحد" ديفيد نيكولز، فقال: "لدي الكثير من القصص المشابهة، لكن أقربها إليّ تلك التي تظاهر خلالها موظفو المكتبة بلطف أنهم عملاء حتى لا أشعر بالسوء"، وأضاف: "لا تدعي ذلك يحبطك، أنت على الطريق الصحيح وهذا يحدث مع الجميع".
بدوره، شارك جوناثان كو تجربته قائلاً: "دعيت ذات مرة إلى مهرجان لكُتُّاب الجريمة. كان كولين ديكستر موجوداً في التوقيت نفسه، فلم يأتِ لزيارتي سوى شخص واحد فقط. تحدثنا لفترة وجيزة وأعربت عن مدى سعادتي بمجيئه، ليخبرني أنه الكاتب إيان رانكين الذي كان من المفترض أن يقدمني للحضور".
واتسمت بعض التغريدات بالغرابة، منها تغريدة الكاتب غاريث بول الذي كتب "لم يحضر توقيع كتابي في كامبريدج سوى شخص واحد، جاء لأنه أراد أن يتحدث عن حلمه أثناء نومه بأنه تحوّل إلى مشعوذ".
وكان كاتب الخيال العلمي هومر هيكام الأكثر صراحة، إذ قال في تغريدته: "حين لا يحضر أحد توقيع كتبي، أعطي أحد الغرباء الموجودين في المكتبة، مبلغاً من المال للبقاء بجانبي إلى أن ينتهي الوقت المخصص للحفلة".
ولم تقتصر التغريدات الداعمة لبانينغ على عالم الأدب فقط، بل اتسع نطاقها لتشمل فنانين وممثلين، من بينهم الممثل هنري وينكلر الذي غرّد: "ما هي إلا البداية، ومن ثم يذيع صيتك ويأتون جميعاً". ومغني الراب فلافور فلاف الذي كتب داعماً "أنا هنا للترويج لحفل التوقيع المقبل!".
دفعت هذه الاستجابة اللطيفة لتغريدتها، بالكاتبة الصاعدة إلى البكاء فرحاً، على ما صرحت به لاحقاً. وقالت إنها محت تماماً ما كانت تشعر به من حرج وخذلان حيال جلوسها وحيدة لساعات في مكتبة "الكتب الجميلة" في ولاية أوهايو الأميركية بانتظار حضور قلة قليلة لدعمها.
اليوم، وبفضل حملة الدعم الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، نفذت كل النسخ المطبوعة لروايتها، وسجلت مبيعات 500 نسخة الكترونية في غضون أيام قليلة.
كما احتلت روايتها المركز الأول في قائمة الكتب الخيالية الأكثر مبيعاً على موقع "أمازون"، وتلقت عروضاً من دور نشر، لتعلن لاحقاً أنها بصدد البحث عن وكيل.
تجدر الاشارة إلى أن بانينغ، عملت كأمينة مكتبة لسنوات طويلة، واستغرقت 14 سنة في كتابة هذه الرواية التي تتّبع حياة ولدين غير معروفين للملك آرثر، خلال فترة الحرب.
في آب (أغسطس) الفائت نشرت روايتها بنفسها، من دون الاستعانة بوكيل أو بدار نشر، كما حاولت استخدام منصات التواصل الاجتماعي للترويج لكتابها قدر الامكان. ولكن باءت كل محاولاتها بالفشل إلى أن أثارت تغريدتها الأخيرة موجة دعم الكترونية لم تكن لتتخيلها في أكثر أحلامها جموحاً.
اليوم، تستغل بانينغ الاهتمام المفاجئ بكتابها وتهافت المتابعين على حساباتها على تويتر ومنصات تواصل اجتماعية اخرى، من أجل تسليط الضوء على زملائها من الكُتّاب غير المعروفيين وإبراز موهبتهم الأدبية، وهي خطوة نادرة جعلتها تحظى بالمزيد من الاحترام والدعم من متابعيها.
هذا ولم تنس بانينغ، إعادة نشر تغريدة لمكتبة "الكتب الجميلة"، مازح فيها مالك المكتبة جميع من يرغب من الكتّاب بالشعور بالاستياء والاحباط بأن "يسارع إلى حجز حفل توقيع كتابه في مكتبتنا".
لكنّ بانينغ أرفقت التغريدة بعبارة: "مكتبتي المفضلة على الإطلاق"، حتى أنها ردت على الكاتب ستيفن كينغ بتغريدة حددت فيها تاريخ 28 كانون الثاني (يناير) موعداً لإقامة حفلة توقيع ثانية، ولم تختر مكاناً آخر سوى مكتبة "الكتب الجميلة" في ولاية أوهايو، مسقط رأس زوجها.

نيسان ـ النهار ـ نشر في 2022-12-26 الساعة 08:15

الكلمات الأكثر بحثاً