طلاب صف الحسين الثاني
الدكتور عمر كامل السواعدة
كاتب وخبير قانوني
نيسان ـ نشر في 2022-12-28 الساعة 16:25
نيسان ـ المسألة بالنسبة لي ليست مبنية على مشاعر، إنما مصالح، شعب يريد الحفاظ على وطن وملك يريد الحفاظ على مُلك، هذا، لنتجاوز مسألة الحب والغرام، والانتماء، والفداء، والقصائد.
نحن بلا الأردن سنكون كما غيرنا ممن فقدوا بلادهم، مجرد اشخاص، بعضهم يوفق للحصول على لجوء، وبعضهم يهيم على وجهه بلا وجه، وبعضهم مجرد وافد حتى وإن كان غنيا، لكننا بالتأكيد، بدون الأردن، لن نكون مواطنين ولا ملوكا.
اذن؛ هنالك مصلحة متبادلة متعلقة بالحفاظ على الأردن، سواء على وجه النفع أو على وجه الفطرة التي فطر الله الناس عليها في شأن الانتماء الى شيء ما، وطن ما، أمة ما، أو امرأة ما....، قالوا، لو نزعنا من ديوان ابن الرومي عدة أبيات لصار حبرا على ورق، بلا قيمة، لكن الرومي استنقذ اسمه حينما قال:
ولي وطنٌ آليت ألا أبيعَهُ --- وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا
عهْدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً --- كنعمةِ قومٍ أصبحوا في ظِلالكا
فقد ألفَتْهُ النفسُ حتَّى كأنه --- لها جسدٌ إن بانَ غودِرْتُ هالكا
وحبَّب أوطانَ الرجالِ إليهمُ --- مآربُ قضَّاها الشبابُ هنالكا
إذا ذكروا أوطانَهُم ذكَّرتهمُ --- عُهودَ الصبا فيها فحنّوا لذلكا
وقد ضامني فيه لئيمٌ وعزَّني --- وها أنا منه مُعْصِمٌ بحبالكا
هنالك طرف يحاول ألا يصل الناس إلى فهم الجانب المصلحي في الحفاظ على الأوطان، ليسهل على ذلك الطرف أن يبقي الوطن في مهب العلاقة العاطفية بين الحاكم والمحكوم، فإذا قام ذلك الطرف بتسريب خبر او فيديو او رسالة تسوئ من موقف الملك تناثر الانتماء أشلاء على جدار الثورة، وي لثورات العرب، ثورة تذهب بفاروق وتأتي بناصر، تذهب بالسنوسي وتأتي بالقذافي، تذهب بفيصل وتأتي بقاسم.
عندي عقيدة وطنية اعتنقها تلي الاسلام، هي أن الأردن يرزح تحت حرب يقودها طرف متخفٍ يريد أن نصل في نهاية المطاف الى الأردن "الدولة الفاشلة"، وفي سبيل ذلك، يتم هدم البلد قطعة قطعة، الزراعة، الصناعة، المياه، الطاقة ومن ثم الأهم، الانسان.
على مدار سنوات، كان الطرف المتخفي يفعل الافاعيل، ثم يقول لك: "أوامر من فوق"، فيحنق المواطن على كل ما هو "فوق"، وقد تم ترسيخ ذلك من خلال إسناد كل بلية في الأردن للملك، فوصلنا الى كفر شعبي تجاه الرسمي وما يشبه الجفاء الملكي.
كنا نقول للشباب: لا تسكتوا عن حقكم أبدا، لكن، دعونا نتفق على التالي: لا نخون الأردن، لا نتعدى على الجيش، ولا نهاجم الملك في عرضه، ماذا كانت الإجابة؟ الإجابة جاءت بلمح البرق: انت رجل مخابراتي!
من الذي قدم هذه الوجبة السريعة؟ ولماذا يحاول البعض ان يصور أداء المخابرات على انه ضد الناس؟ ألم نر بأعيننا كيف ترنح الأردن بعد أن سوّق البعض وضغط الآخر لسحب ملفات وطنية من المخابرات وأسندوها الى آخرين؟ حتى فقدنا بسبب ذلك ارواحا غالية علينا ليس آخرها رجال الأمن بالأمس؟
هذا التيار الذي يختطف الدولة، وهذه آليته الفاعلة، صناعة فجوة بين الحاكم والمحكوم والإبقاء على جذوتها، كلما خبت، اشعلوها بتسريب او صورة او منشور، فيبقى الاحتجاج حبيس التوصيف، ويبقى الأداء الرسمي مرتجفا، والتيار المتخفي يمارس أفاعيله في البلد متقيا حركة الشارع الفاعلة وغضبة "الرشيد" بـ "البرامكة".
بالمقابل، فشل المحتج في فهم ابسط قواعد العمل الاحتجاجي، وهي أن الناشط ليس من مهماته مجابهة الدولة، بل ان واجبه الوحيد هو نشر الوعي وتقديم مقترحات قابلة للتطبيق، ليقوم الشعب بدوره بتشكيل حواضن الفكر وتأسيس الكتلة البشرية الحرجة الفاعلة.
فشل الناشط الأردني في أن يقنع المواطن ان الاصطفاف الجهوي والمناطقي والعائلي ما هو في حقيقته الا امعان في شنق الوطن والمواطن على السواء.
فشل في أن يسوق للناس ان العلاقة بين الفساد وجودة رغيف الخبز علاقة تناسبية عكسية، كلما قل الفساد أصبح الخبز أفضل، وحبة الدواء أنفع.
بالعودة الى العنوان، أريد أن اهمس باذن سمو ولي العهد الذي – بعد عمر طويل للملك – سيصبح الحسين الثاني: "هنالك من شباب الأردن ممن هم في عمرك وجيلك من سيحمل العبء معك، يحبونك ويتطلعون إليك ويفدونك، لا تركن "فقط" الى طلاب صفك، ولا تركن الى امثالي، انا من جيل النكسة.
نحن بلا الأردن سنكون كما غيرنا ممن فقدوا بلادهم، مجرد اشخاص، بعضهم يوفق للحصول على لجوء، وبعضهم يهيم على وجهه بلا وجه، وبعضهم مجرد وافد حتى وإن كان غنيا، لكننا بالتأكيد، بدون الأردن، لن نكون مواطنين ولا ملوكا.
اذن؛ هنالك مصلحة متبادلة متعلقة بالحفاظ على الأردن، سواء على وجه النفع أو على وجه الفطرة التي فطر الله الناس عليها في شأن الانتماء الى شيء ما، وطن ما، أمة ما، أو امرأة ما....، قالوا، لو نزعنا من ديوان ابن الرومي عدة أبيات لصار حبرا على ورق، بلا قيمة، لكن الرومي استنقذ اسمه حينما قال:
ولي وطنٌ آليت ألا أبيعَهُ --- وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا
عهْدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً --- كنعمةِ قومٍ أصبحوا في ظِلالكا
فقد ألفَتْهُ النفسُ حتَّى كأنه --- لها جسدٌ إن بانَ غودِرْتُ هالكا
وحبَّب أوطانَ الرجالِ إليهمُ --- مآربُ قضَّاها الشبابُ هنالكا
إذا ذكروا أوطانَهُم ذكَّرتهمُ --- عُهودَ الصبا فيها فحنّوا لذلكا
وقد ضامني فيه لئيمٌ وعزَّني --- وها أنا منه مُعْصِمٌ بحبالكا
هنالك طرف يحاول ألا يصل الناس إلى فهم الجانب المصلحي في الحفاظ على الأوطان، ليسهل على ذلك الطرف أن يبقي الوطن في مهب العلاقة العاطفية بين الحاكم والمحكوم، فإذا قام ذلك الطرف بتسريب خبر او فيديو او رسالة تسوئ من موقف الملك تناثر الانتماء أشلاء على جدار الثورة، وي لثورات العرب، ثورة تذهب بفاروق وتأتي بناصر، تذهب بالسنوسي وتأتي بالقذافي، تذهب بفيصل وتأتي بقاسم.
عندي عقيدة وطنية اعتنقها تلي الاسلام، هي أن الأردن يرزح تحت حرب يقودها طرف متخفٍ يريد أن نصل في نهاية المطاف الى الأردن "الدولة الفاشلة"، وفي سبيل ذلك، يتم هدم البلد قطعة قطعة، الزراعة، الصناعة، المياه، الطاقة ومن ثم الأهم، الانسان.
على مدار سنوات، كان الطرف المتخفي يفعل الافاعيل، ثم يقول لك: "أوامر من فوق"، فيحنق المواطن على كل ما هو "فوق"، وقد تم ترسيخ ذلك من خلال إسناد كل بلية في الأردن للملك، فوصلنا الى كفر شعبي تجاه الرسمي وما يشبه الجفاء الملكي.
كنا نقول للشباب: لا تسكتوا عن حقكم أبدا، لكن، دعونا نتفق على التالي: لا نخون الأردن، لا نتعدى على الجيش، ولا نهاجم الملك في عرضه، ماذا كانت الإجابة؟ الإجابة جاءت بلمح البرق: انت رجل مخابراتي!
من الذي قدم هذه الوجبة السريعة؟ ولماذا يحاول البعض ان يصور أداء المخابرات على انه ضد الناس؟ ألم نر بأعيننا كيف ترنح الأردن بعد أن سوّق البعض وضغط الآخر لسحب ملفات وطنية من المخابرات وأسندوها الى آخرين؟ حتى فقدنا بسبب ذلك ارواحا غالية علينا ليس آخرها رجال الأمن بالأمس؟
هذا التيار الذي يختطف الدولة، وهذه آليته الفاعلة، صناعة فجوة بين الحاكم والمحكوم والإبقاء على جذوتها، كلما خبت، اشعلوها بتسريب او صورة او منشور، فيبقى الاحتجاج حبيس التوصيف، ويبقى الأداء الرسمي مرتجفا، والتيار المتخفي يمارس أفاعيله في البلد متقيا حركة الشارع الفاعلة وغضبة "الرشيد" بـ "البرامكة".
بالمقابل، فشل المحتج في فهم ابسط قواعد العمل الاحتجاجي، وهي أن الناشط ليس من مهماته مجابهة الدولة، بل ان واجبه الوحيد هو نشر الوعي وتقديم مقترحات قابلة للتطبيق، ليقوم الشعب بدوره بتشكيل حواضن الفكر وتأسيس الكتلة البشرية الحرجة الفاعلة.
فشل الناشط الأردني في أن يقنع المواطن ان الاصطفاف الجهوي والمناطقي والعائلي ما هو في حقيقته الا امعان في شنق الوطن والمواطن على السواء.
فشل في أن يسوق للناس ان العلاقة بين الفساد وجودة رغيف الخبز علاقة تناسبية عكسية، كلما قل الفساد أصبح الخبز أفضل، وحبة الدواء أنفع.
بالعودة الى العنوان، أريد أن اهمس باذن سمو ولي العهد الذي – بعد عمر طويل للملك – سيصبح الحسين الثاني: "هنالك من شباب الأردن ممن هم في عمرك وجيلك من سيحمل العبء معك، يحبونك ويتطلعون إليك ويفدونك، لا تركن "فقط" الى طلاب صفك، ولا تركن الى امثالي، انا من جيل النكسة.
نيسان ـ نشر في 2022-12-28 الساعة 16:25
رأي: الدكتور عمر كامل السواعدة كاتب وخبير قانوني