اتصل بنا
 

احتباس الشهادات الجامعية.. مطالبات مالية تقتل حلم الطلبة بالتخرج والعمل الرسمي

طلبة: الرسوم الجامعية تزيد بشكل غير شرعي
احتباس الشهادات يحول دون التقدم لوظيفة وتسديد الرسوم
الطلبة تحولوا من خريجين إلى ملاحقين قضائيا
الجامعة: من لديه مشكلة ليراجع الدائرة المالية والقانونية لا الإعلام
ذبحتونا: مخالف قانونياً وأكاديميا ويتنافى مع حقوق الإنسان
التعليم العالي: لا نملك تدخلا بالجامعات فهي مستقلة ماليا وإداريا
القانوني والحقوقي الشريدة: "الجامعة التي تحتبس الشهادة تتعرض للمساءلة الجزائية"

نيسان ـ نشر في 2022-12-28 الساعة 22:40

احتباس الشهادات الجامعية.. مطالبات مالية تقتل
نيسان ـ فاطمة العفيشات
لم يكن أمام محمد خيار سوى أن يتحمل مزيدا من الأعباء المالية المتراكمة من أقساط الجامعة, خصوصا أنه المعيل الوحيد لوالدته وشقيقاته الثلاث.
محمد الديري طالب تخرج من تخصص الحقوق في العام 2018 من إحدى الجامعات الخاصة إلا أن فرحته منقوصة بسبب عدم إعطائه شهادته الجامعية حتى يكمل رسومه الجامعية.
محمد كان يعمل ليعيل عائلته ويسعى أيضاً لتحقيق حلمه بقبعة التخرج, لكن الظروف الإقتصادية ومبلغ 300 دينار أردني لموظف في إحدى المؤسسات الأردنية لا يكفي إيجار منزل ومصروف 5 أفراد.
9800 دينار أردني هي قيمة المبلغ المطلوب من محمد, رغم محاولاته المتكررة بتقسيط المبلغ على دفعات كانت الجامعة ترفض , وتطلب إحضار كفيلين حكوميين غير مرتبطين بمطالبات مالية.
ذلك الشرط هو ذاته الذي حول علي اللوانسة لملاحق قانونيا بسبب ترتب مبلغ للجامعة رغم مراجعته للجامعة لتقسيط المبلغ إلا أن الرفض دائما سيد الموقف لعدم وجود كفلاء.
علي طالب تخرج من كلية الحقوق في العام 2017 من ذات الجامعة الخاصة التي تخرج منها محمد, عقب أن درس فيها لمدة عامين منتقلا من جامعة أخرى وبمعادلة الساعات.
بالنسبة لعلي وهو متزوج ولديه أطفال فإن القدرة المالية لم تكن دائما تصب في استطاعته على تحمل تكاليف الفصل كاملاً والذي يصل لـ900 دينار أردني.
يصف علي تجربته بأنه كان يدفع مبلغاً يقدر 50-200 دينار أقساطا في الفصل حسب قدرته, والجامعة ساعدته على إتمام الدراسة بما يعرف بـ"الاستثناء" دون أن يعلم بأنه خيوط تجره للقضاء وحبس الشهادة.
"عند تسجيل الفصل كانت الجامعة ترفض إتمام التسجيل بمبلغ 200 دينار وتطلب منا استثناءً موقعاً من أحد إداريي الجامعة ومالك لبعض الأسهم بها, يوقع لنا على الاستثناء بعد أن يأخذ المبلغ المتوفر منا" يقول علي.
الطالب تفاجأ بالمبلغ المالي المترتب عليه عند التخرج والذي يصف الفرق في زيادته الكبيرة بأنه "غير شرعي".
يفسر: "ما يقارب 1500 دينار مقدار الزيادة على المبلغ الأساسي, تبين لنا بعد مراجعته أن ماكنا ندفعه عند الحصول على الاستثناء لا يخصم من قسط الجامعة ويؤخذ كأنه فوائد بنكية على التأخير".
حاول علي على مدار السنوات الماضية تقسيط المبلغ بدفع ما مقداره 1500-2000 دينار إلا أن الجامعة كانت ترفض بسبب عدم وجود كفلاء موظفين بدون اقتطاعات مالية على رواتبهم, ما وصفه بالشروط التعجيزية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية لعدم وجود كفيل غير مقيد بإلتزامات مالية شهرية.
في الرابع عشر من سبتمبر/أيلول من العام 2020 أقدم طالب جامعي في الجامعة الخاصة ذاتها ويدرس الهندسة ؛ على حرق نفسه بعد رفض الجامعة تخريجه مع زملائه, عقب أن استعدت عائلته لذلك (تفاصيل الحادثة هنا).
"الشاب توفي على إثر الحادثة, لتقوم الجامعة بعدها بمنح بعض الطلبة المحتبسة شهاداتهم الشهادات مهما كان المبلغ الدفوع والباقي, إلا أن ذلك لم يستمر طويلاً حتى عادت الجامعة لنفس النهج واحتبست وتحفظت على الشهادات ومن بينها شهادتي" يقول علي.
الشهر الماضي وصلت علي ورقة تبليغ من المحكمة بدعوى قضائية قدمتها الجامعة ضده بسبب المبلغ المالي المترتب عليه.
بحسب علي فإن القيمة المطلوبة منه كانت 5380 دينار, لكن وبعد رفع القضية من الجامعة زاد المبلغ لأكثر من 5800 دينار أردني, والذي بررته المديرة المالية للجامعة لعلي بأنه بدل تسجيل دعاوى وأتعاب محاماة.
علي ومحمد تضررا بسبب احتباس الشهادات, فهما لم يتمكنا من التقديم لوظيفة حكومية أو الحصول على تدريب المحامين ومزاولة المهنة , وهو ما زاد العبء عليهما كون الوظيفة الحكومية كما يؤكدان كانت ستساهم في حل المشكلة وتسديد كافة المبالغ المترتبة عليهما للجامعة.
يعرض علي سيارته للبيع لإنهاء القضية وإغلاق حساب الجامعة والحصول على شهادته, بينما لا يملك محمد أي حلول للإفراج عن شهادته وتحريرها من الجامعة نظراً للوضع المادي ومسؤولياته تجاه أسرته.

الجامعة ترد:


تواصلنا مع رئيس الجامعة الخاصة والتي نتحفظ على اسمها, وكان رده بأن أي طالب يعمل تسوية مالية مع الجامعة يحصل على شهادته ومن ترفع عليه قضية عليه مراجعة الدائرة القانونية .
وعند طلب تفاصيل أكثر وإن كان بإمكاننا التواصل مع الدائرة القانونية أجاب: "أي طالب لديه مشكلة ليراجع الدائرة المالية لا الإعلام".

ذبحتونا: "احتباس الشهادات مخالف قانونياً وأكاديميا"


يؤكد رئيس الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" الدكتور فاخر دعاس أن احتباس الشهادات لا علاقة له بالجانب المالي , وأنه مخالف قانونياً.
يقول الدكتور دعاس: "احتباس الشهادات الجامعية مخالف للقانون وغير أكاديمي ويتنافى وأبسط حقوق الإنسان".

بحسب المادة 15/1ج من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : تقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن من حق كل فرد أن يفيد من حماية المصالح المعنوية والمادية الناجمة عن أي أثر علمي أو فني أو أدبي من صنعه.

يشير الدكتور دعاس أن الحملة تحدثت مراراً لوزارة التعليم العالي أن الشهادة لا علاقة لها بالرسوم الجامعية, وحسب وصفه أن القضية باتت "مملة" نظراً لأن الحكومة والوزارة تماطل في إتخاذ إجراءات جدية في قضية احتباس الشهادات الجامعية.
((وفقاً لحكم محكمة التمييز الأردنية في الدعوى رقم 5671/2018 فإنه لا يجوز للجامعة حجز شهادة الطالب الجامعية وإن ترصد عليه دين لصالح جامعته، حيث إستندت المحكمة في حكمها إلى أن القانون المدني الأردني يعتبر المال كل شيء له قيمة مادية في التعامل أي يمكن أن يكون محلاً للبيع والشراء، وهذا التعريف لا يمكن أن يشمل الشهادة الجامعية للطالب، حيث أنها حق معنوي ولا يمكن أن تكون محلاً للحقوق والمعاوضات المالية أي ليس لها قيمة مادية وغير قابلة للبيع أو الشراء.
وبالتالي لا يمكن تطبيق أحكام القانون المدني التي تسمح لكل من التزم باداء شيء ان يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يوف بالتزام في ذمته نشأ بسبب التزام المدين وكان مرتبطا به، والتي تسمح لكل واحد من المتعاقدين في المعاوضات المالية بوجه عام ان يحتبس المعقود عليه وهو في يده حتى يقبض البدل المستحق. كما استند الحكم إلى أن الإلتزام المتبادل بين الطالب وجامعته يتمثل بتسديد الأقساط مقابل التسجيل والتعليم وتمكين الطالب من استكمال متطلبات الدرجة العلمية وأن الشهادة ليست بذاتها محلاً للتعاقد)) .

التعليم العالي: لا نملك أي تدخل

يوضح مدير وحدة القبول الموحد الناطق الرسمي باسم وزارة التعليم والبحث العلمي د.مهند الخطيب أن الجامعات مؤسسات مستقلة مالياً وإدارياً ولها الصفة الإعتبارية الكاملة أمام القانون.
الخطيب يشير أن الوزارة تدعو دائما كلا الطرفين (الجامعة والطلبة) إلى ضرورة التوصل لحل يضمن حق الطرفين ويكون منصفاً لهما ويحقق مصلحتهما ما أمكن.
ويؤكد أن ماعدا ذلك لا تملك الوزارة أي تدخل.

رأي حقوقي وقانوني: " يحق للطلبة رفع دعوى قضائية ضد الجامعة "


يوضح رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان المحامي عبدالكريم الشريدة أن الجامعة التي تحتبس شهادة الطلبة تعرض نفسها للمساءلة الجزائية لأن قرار محكمة التمييز وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد ؛واجبة التنفيذ.
"عندما كنت أراجع وزارة التعليم العالي في بعض قضايا احتباس الشهادات كانت تدافع بشراسة عن الجامعات الخاصة بشكل مخالف للقانون رغم قانون المحاكم الملزم لها" يقول الشريدة.
يشير الشريدة أن وزارة التعليم العالي "لا تمارس دورها الرقابي على الجامعات بما يتعلق باحتباس الشهادات", مستطرداً أن هيئة الاعتماد بوزارة التعليم العالي "تتعاطف" مع الجامعات والخاصة منها أكثر من الحكومية.
يتحدث المحامي أن القرارات في المحاكم أعطيت صفة القوة لغايات التنفيذ, مستهجناً امتناع الوزراء في الحكومات المتعاقبة من تنفيذه, واصفا ذلك بـ "المعيب والمخجل على كافة الجامعات ووزارة التعليم العالي".
بحسب الدستور الأردني (تكفل الدولة حرية التعليم)
يوضح الشريدة أن مسؤولية الدولة الأردنية تقتصر على التعليم الإلتزامي بحسب القوانين والدستور, لكنها لا تضمن التعليم العالي والذي يجد أنه بات تجارة أكثر من تعليم بدلالة الاهتمام بالتحصيل المالي للرسوم على حساب التعليم وجودته.
"لك مطالب مالية لابد أن تلجأ للقضاء لكن أن تحتجز الشهادة والوثائق فهذا يعتبر جرماً يعاقب عليه القانون" يقول الشريدة.
يؤكد المحامي القانوني والحقوقي عبدالكريم الشريدة أنه يحق للطلبة رفع دعوى قضائية ضد الجامعة وطلب تعويض مادي إذا أثبتوا الضرر الناجم عن عدم أخذ الشهادة وفوات الفرص الممكنة نتيجة الاحتباس, مؤكداً أن القانون يضمن لهم التعويض نظراً لمخالفة الجامعة للقانون المتمثل بقرار محكمة التمييز وتعسف الجامعة في استعمال السلطة.

* نلفت في هذا التقرير أنه لا يوجد عدد واضح للطلبة المحتبسة شهاداتهم في الجامعات رغم محاولات معدة التقرير الحصول على إحصاءات حول هذا الموضوع


*تم إعداد هذا التقرير بإشراف مركز حماية وحرية الصحفيين

نيسان ـ نشر في 2022-12-28 الساعة 22:40

الكلمات الأكثر بحثاً