اتصل بنا
 

عام جديد.. آفاق وتحديات متكررة

نيسان ـ نشر في 2023-01-01 الساعة 08:25

نيسان ـ ها هو الاقتصاد الأردنيّ يدخل عاماً جديداً بذات التحدّيات والآفاق الّتي دائما نتحدّث عنها مع بداية كلّ عام، مع فارق اشتداد وطأة الأمن المعيشيّ على شرائح اجتماعيّة واسعة في المجتمع الّتي تطالب وتنادي على الدوام بضرورة تعزيز وإصلاح وتحسّن أوضاعها الحياتيّة اليوميّة، وهذا حقّ.
التحدّيات أمام الاقتصاد الأردنيّ في العام الجديد متعدّدة، لعلّ أبرزها هو ترجمة تعهّداتها الإصلاحيّة بإجراءات ستمس آثارها المواطن، ويكون هذا بالإسراع في إنجاز خطّة التنفيذ لرؤية التحديث الاقتصاديّ والإصلاح الإداريّ، وعدم التهاون أو التراجع في تنفيذها، لأنّ ذلك سيشكّل نكسة حقيقيّة في الإصلاح ويزيد من فجوة عدم الثقة مع الشارع.
سيكون تحدّياً كبيراً أمام الحكومة في الاستمرار في سياسة الدعم المقدّمة لعدد من السلع والخدمات في ظلّ تنامي عجز الموازنة الكلّيّة (2.3 مليار دينار)، والتحدّي يكمن في كيفيّة المحافظة على منظومة الأمن الاجتماعيّ مع استمرار تقلّبات أسعار الطاقة عالميّاً والّتي أثّرت في العام الماضي بشكل واضح على الأوضاع المعيشيّة والكلف الإنتاجيّة لمختلف القطاعات، خاصة مع الاحتجاجات والاعتصامات التي عمّت عدداً من محافظات المملكة كما حصل في قطاع النقل خلال الأسابيع القليلة الماضية.
الحكومة ستكون على موعد مع تقلّبات حادّة في أسعار الطاقة عالميّاً، والتي ستؤثّر سلباً على كلف المعيشة والإنتاج على حدّ سواء، ناهيك عن الانعكاسات السلبيّة الماليّة على الخزينة، من خلال زيادة الدعم ومخصّصاته، وبالتالي زيادة في العجز والمديونيّة.
الأمر ليس محصوراً بالطاقة، وإنّما بتطوّرات الحالة السعريّة للسلع الإستراتيجيّة كالقمح والّتي حتماً تتأثّر بالمشهد الإقليميّ وتداعيات الحالة الدوليّة وتطوّرات مشهد الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، فكلّها جميعاً تلقي بظلال قاتمة على الأوضاع المحلّيّة، فالاقتصاد الأردنيّ اقتصاد متلقّ للضربات الإقليميّة والدوليّة.
لكن في المقابل، هناك آفاق لا بدّ من الحديث عنها مع بدايات العام الجديد، لا بدّ من الحكومة والجهات المسؤولة التعاون فيما بينها لإنجازها بالشكل الصحيح والمخطّط له دون تأخير، فالأسابيع المقبلة ستشهد مشروع الناقل الوطنيّ بكلفة قد تقترب من الـ3 مليارات دولار، مضافاً إليه مشروع التوسعة الرابعة لشركة مصفاة البترول الأردنيّة بكلفة تناهز الـ2.6 مليار دولار، ممّا يشكّل المشروعان مع بعضهما بعضا شريان حياة جديدا للاقتصاد المحلّيّ، ويساهمان في دفع وتنويع عجلة الاقتصاد الوطنيّ، وتعزيز استقراره، وهنا قد يكمن التحدّي أمام الحكومة في توفير كافّة مستلزمات إنجاح وتنفيذ هذين المشروعين في هذا العام ليكونا من المشاريع الرياديّة والقياديّة في المئويّة الجديدة.
وهنا ننتقل للموضوع الأهمّ وهو الاستثمار، بقدر ما فيه من فرص بقدر ما فيه من تحدّيات، غالبيّتها معروفة للكلّ من بيروقراطيّة سلبيّة وعدم وجود وضوح في حقوق المستثمرين وتعقيدات مختلفة، لعلّ التنفيذ السليم لقانون الاستثمار الجديد يتجاوز هذه التعقيدات ويدفع باتّجاه انطلاق شكل استثماريّ جديد في الاقتصاد الوطنيّ، لكنّ كلّ هذا مرهون بالإدارة الرشيدة والحصيفة لمنظومة الاستثمار في المملكة، وأن تستفيد الحكومة من حالة الوفرات الماليّة الهائلة الّتي تكوّنت في المنطقة خلال العامين الأخيرين، والّتي تبحث عن مواطن استثمار جديدة لها تتّصف بالأمان والاستقرار والسلاسة في بيئة الأعمال، وهذا هو التحدي أمام الدولة في جذب الاستثمارات إليها مسبوقاً بثورة إداريّة في القطاع العامّ، حتّى تكتمل المنظومة الاقتصاديّة، وبالتّالي تتوسّع القاعدة الإنتاجيّة في الدولة، ممّا يساهم في محاربة فعليّة وجادّة للفقر والبطالة.

نيسان ـ نشر في 2023-01-01 الساعة 08:25


رأي: سلامة الدرعاوي

الكلمات الأكثر بحثاً