الإرهاب أماط اللثام

نيسان ـ أصبح من المعروف في الصراعات الدولية، وخاصة الدول الكبرى التي تخشى المواجهة المباشرة مع الخصم، أن الإرهاب يعني الدرع أو الغطاء الذي تختبئ وراءه الدول المتنافسة على النفوذ الدولي، تجنبا للمواجهة المباشرة التي تكلف الدولة الكثير وقد تدخل حرباً لا تستطيع الخروج منها إلا بواقع جديد لا تدري أهو خسارة فادحة أم ربح بسيط..
استراتيجية محاربة الارهاب، أصبحت طاغية في السياسة الدولية، فإذا أميركا ضاقت ذرعاً من استعصاء الخصم، حركت جماعاتها التي تمثل دور الإرهاب، ثم تحرك جزءاً من جيشها أو جيشها بالوكالة، وتداهم المكان الذي تريد الاستيلاء عليه بحجة محاربة الارهاب، وإذا الخصم حاججها في المحافل الدولية، لا تكون له حجة، لأنها تحارب الإرهاب لتخلّص البشرية منه، ولأنه هو الآخر يتحصن في ذات المكان بحجة محاربة الإرهاب ليبقى مستحوذاً على ثروات البلد الذي يسيطر عليه.
هذا يحصل بين الدول المتنافسة على النفوذ الدولي، لكن ما حجة "الكيانات" في العالم الثالث "المسيطَر عليه" حين ترفع شعار مكافحة الإرهاب؟، الأمر يعود لنفس حجة الدول الكبرى، لكنه ينحى منحى آخر، فبدل أن يكون الإرهاب حجة لإبعاد المنافس الدولي، صار في الدول القطرية حجة لقمع الشعب، والسيطرة عليه، ولجمه عن المطالبة بحقوقه، أو رفضة الفساد واستشرائه في مفاصل الدولة الذي في الغالب مسكوت عنه من الدول الكبرى المسيطِرة، فتقمع الحكومات أي احتجاجات بحجة محاربة الارهاب، الذي يعني: خوف الدولة الكبرى المسيطرة من فقدان نفوذها في بلد ما لصالح الدولة المنافسة، لذلك إذا تحرك الشعب وطالب بالاستقلال وسيادة القانون وتفعيل الدستور يتغول عليه النظام ويصادر حريته ليحافظ على مصالح الدولة التي نصبته حارساً على مصالحها دون اعتبار لمصلحة الشعب الذي ينوء تحت حمل ممارسات الأنظمة الفاسدة والدول الاستعمارية المتنافسة..
وحتى لا نطيل، يبقى الإرهاب فزاعة ترفعها الدول المتنافسة لإجبار الخصم على التراجع، وترفعها الأنظمة الحاكمة في وجه الشعوب المطالبة بحقوقها، وكل ما يحصل على الساحة ويراه العامة تنفذه أجهزة أو جماعات تحركها الدول الكبرى وخدامها في البلاد المسيطَر عليها، وهذا صار شبه واضح للواعين من شعوب العالم، إلا من أبى...