درس من الإضراب: وأنا مالي؟
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2023-01-09 الساعة 08:11
نيسان ـ أهم درس يمكن أن نتلقاه مما حدث في أسابيع اضراب النقل كان عنوانه «وأنا مالي ؟»، حين نفتّش عن الأحزاب التي توارت ولم نسمع صوتها، او عن الوسائط السياسية والاجتماعية التي اعتزلت، او جلست تتفرج، أو عن المسؤولين الذين أغلقوا هواتفهم في وجه وسائل الإعلام، أو عن كثير من «المتضررين « الذين كان صوتهم مزلزلا على وسائل التواصل الاجتماعي ثم اختفوا، أو حتى عن مجلس النواب الذي اغلق أبوابه، وعطّل اجتماعاته، لا نجد -للأسف - إلا إجابة واحدة فقط «وأنا مالي؟».
هذه الصرخة المكتومة، ربما تختزل حالة المجتمع، وهي اخطر -في تقديري - من كل ما نشكو منه من انعدام الثقة التي اتسعت فجوتها بين الأردنيين ومؤسساتهم، و أخطر من هتافات الشارع واحتجاجاته، ومن كثير من الأزمات التي انفجرت في وجوهنا، فأن يصل مجتمعنا بأحزابه وقواه الاجتماعية، ومن يتصدر صفوفه ويمثله، إلى هذه النتيجة السلبية «وأنا مالي «، هذا يعني أننا كأردنيين لسنا بخير، وأن أي أزمة قد تواجهنا مستقبلا، يمكن أن نرد عليها بذات الإجابة.
أرجو أن لا يقول لي أحد: الحق على الحكومة، أو إدارات الدولة، صحيح أنها تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية، لكن المجتمع، أيضا، ليس بريئا، وهو بالتالي يتحمل مسؤولية عجزه وفشله، وقلة حيلته، لا يمكن لأحد أن يتصور أن أوضاعنا ستتغير، ونحن مسكونون باليأس والخوف والإحباط، او أن الحكومات ستسمع صوتنا، وتستجيب لمطالبنا، ونحن نمارس أسوأ انواع «الشيزوفرينيا» تجاه بعضنا وقضايانا، حان الوقت لنعترف أننا حين بلعنا ألسنتنا عن قول الحقيقة، وتعاملنا بشماتة او استهانة مع الذين ضحّوا من أجلنا، أصبحنا نستحق ما نحن فيه، وسنبقى على هذا الحال ما دام شعارنا «وأنا مالي «.
أرجو أن لا يخطر ببال أحد أن ما قلته، سلفا، إدانة للمجتمع الذي نحن جزء منه، أو انتقاصا من دور القوى الاجتماعية والسياسية، أبدا، لكن للاسف هذا هو الواقع الذي يجب أن نعترف به، إذا اردنا أن نضع اقدامنا على أول درجة في سلم الخروج من حالة الركود والانطواء، ومن التعطل التي أصابتنا جميعا، وانعكس بالضرورة على إدارات الدولة ومؤسساتها، إذ لا يوجد دولة يمكن أن تستغني عن المجتمع، أو أن تنهض بدونه، وأي عطب يصيبه ينعكس على أدائها، ولا جدوى عندئذ من السؤال : من يتحمل المسؤولية ؟ فالنتيجة أن أقدام الجميع « بالفلكة»، يتقاسمون الضرب والخسارة معا.
من المهم، بالطبع، أن نفهم أسباب هذه السلبية، أو -إن شئت -العطالة التي أصابت مجتمعنا، وأغرقتنا باللامبالاة والسخرية، سواء تعلقت بانكشاف المجال العام أمام الناس، بحيث لم يعد ثمة اسرار، او بالعجز الذي انتقل من المؤسسات إلى المواطنين، أو بانعدام الثقة بالتغيير، واللاجدوى من المشاركة، أو حتى الكلام، أو ربما الاستسلام للفشل الذي يتصور البعض أنه اصبح قدرا محتوما نتيجة تراكم الخيبات، لكن الأهم من ذلك هو أن نبحث عن مخرج من هذه الحالة، وأقول بصراحة : الأردنيون -وحدههم- هم القادرون على إيجاد هذا المخرج، ولا يجوز أن ينتظروا أي مساعدة من صديق.
كيف ؟ لا أدري، لكن هذا البلد «ولّادة «، وفيه من النخب و الكفاءات الوطنية، ما يكفي، لو اجتمعوا على «مشروع» او «قضية اردنية «او « كتلة تاريخية « وطنية، لأن نخرج من حالة «وأنا مالي «، ونستعيد عافيتنا وإرادتنا، ومناعة دولتنا الأردنية التي نريد جميعا أن تكون في أفضل حال.
(الدستور)
هذه الصرخة المكتومة، ربما تختزل حالة المجتمع، وهي اخطر -في تقديري - من كل ما نشكو منه من انعدام الثقة التي اتسعت فجوتها بين الأردنيين ومؤسساتهم، و أخطر من هتافات الشارع واحتجاجاته، ومن كثير من الأزمات التي انفجرت في وجوهنا، فأن يصل مجتمعنا بأحزابه وقواه الاجتماعية، ومن يتصدر صفوفه ويمثله، إلى هذه النتيجة السلبية «وأنا مالي «، هذا يعني أننا كأردنيين لسنا بخير، وأن أي أزمة قد تواجهنا مستقبلا، يمكن أن نرد عليها بذات الإجابة.
أرجو أن لا يقول لي أحد: الحق على الحكومة، أو إدارات الدولة، صحيح أنها تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية، لكن المجتمع، أيضا، ليس بريئا، وهو بالتالي يتحمل مسؤولية عجزه وفشله، وقلة حيلته، لا يمكن لأحد أن يتصور أن أوضاعنا ستتغير، ونحن مسكونون باليأس والخوف والإحباط، او أن الحكومات ستسمع صوتنا، وتستجيب لمطالبنا، ونحن نمارس أسوأ انواع «الشيزوفرينيا» تجاه بعضنا وقضايانا، حان الوقت لنعترف أننا حين بلعنا ألسنتنا عن قول الحقيقة، وتعاملنا بشماتة او استهانة مع الذين ضحّوا من أجلنا، أصبحنا نستحق ما نحن فيه، وسنبقى على هذا الحال ما دام شعارنا «وأنا مالي «.
أرجو أن لا يخطر ببال أحد أن ما قلته، سلفا، إدانة للمجتمع الذي نحن جزء منه، أو انتقاصا من دور القوى الاجتماعية والسياسية، أبدا، لكن للاسف هذا هو الواقع الذي يجب أن نعترف به، إذا اردنا أن نضع اقدامنا على أول درجة في سلم الخروج من حالة الركود والانطواء، ومن التعطل التي أصابتنا جميعا، وانعكس بالضرورة على إدارات الدولة ومؤسساتها، إذ لا يوجد دولة يمكن أن تستغني عن المجتمع، أو أن تنهض بدونه، وأي عطب يصيبه ينعكس على أدائها، ولا جدوى عندئذ من السؤال : من يتحمل المسؤولية ؟ فالنتيجة أن أقدام الجميع « بالفلكة»، يتقاسمون الضرب والخسارة معا.
من المهم، بالطبع، أن نفهم أسباب هذه السلبية، أو -إن شئت -العطالة التي أصابت مجتمعنا، وأغرقتنا باللامبالاة والسخرية، سواء تعلقت بانكشاف المجال العام أمام الناس، بحيث لم يعد ثمة اسرار، او بالعجز الذي انتقل من المؤسسات إلى المواطنين، أو بانعدام الثقة بالتغيير، واللاجدوى من المشاركة، أو حتى الكلام، أو ربما الاستسلام للفشل الذي يتصور البعض أنه اصبح قدرا محتوما نتيجة تراكم الخيبات، لكن الأهم من ذلك هو أن نبحث عن مخرج من هذه الحالة، وأقول بصراحة : الأردنيون -وحدههم- هم القادرون على إيجاد هذا المخرج، ولا يجوز أن ينتظروا أي مساعدة من صديق.
كيف ؟ لا أدري، لكن هذا البلد «ولّادة «، وفيه من النخب و الكفاءات الوطنية، ما يكفي، لو اجتمعوا على «مشروع» او «قضية اردنية «او « كتلة تاريخية « وطنية، لأن نخرج من حالة «وأنا مالي «، ونستعيد عافيتنا وإرادتنا، ومناعة دولتنا الأردنية التي نريد جميعا أن تكون في أفضل حال.
(الدستور)
نيسان ـ نشر في 2023-01-09 الساعة 08:11
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي