كيف يهدد توحش الدولار صناعة الدراما في مصر؟
نيسان ـ نشر في 2023-01-15
نيسان ـ مع تراجع سعر الجنيه المصري أمام الدولار إلى مستويات غير مسبوقة لا يقتصر الأمر على شكاوى المواطنين بمختلف فئاتهم ووظائفهم من ارتفاع الأسعار وكلفة المعيشة، بل يلقي بظلاله أيضاً على صناعة السينما والدراما لاعتمادها على العملة الصعبة لجلب بعض الديكورات والملابس والمعدات، مما يهدد سير العملية الإنتاجية.
تخوف كبير
ولم يخف عدد كبير من المنتجين المصريين مخاوفهم من التدهور الكبير للجنيه أمام الدولار الذي يتم به استيراد معدات وأدوات ضرورية، وأبدوا قلقهم من تأثير ذلك في صناعة السينما والدراما وإصابتها بشلل، بسبب ما سيحدث من تضخم لأجور العاملين وتأجير مواقع التصوير ومعدات التنفيذ الدقيقة.
قال المنتج أحمد عبدالعاطي لـ"اندبندنت عربية"، إن سير العملية الإنتاجية يتعثر كل يوم عن الآخر، ومع الارتفاع الجنوني في سعر الدولار مقابل الجنيه، يضطر المنتجون إلى إعادة حساباتهم يومياً أكثر من مرة، منوهاً بأن "هناك خرائط لأعمال ومشروعات تعدل أو تلغى لأن الواقع مظلم"، بحسب تعبيره.
وأشار إلى أن "ما يحدث للجنيه يعني أن العمل الفني سيزيد على كلفته العادية أكثر من 30 في المئة على الأقل إن لم يصل إلى 50 في المئة، فمنذ بداية التعويم وأسعار الكاميرات والمعدات ترتفع، وأيضاً الأجور حتى العمالة البسيطة"، مستدركاً، "لا يمكن أن أعطي عاملاً 200 جنيه يومياً كما كان يحدث في الماضي، فهناك مراعاة لارتفاع أسعار السلع التي تضاعفت، ولا يسعنا إلا تزويد العمالة الضعف على الأقل".
وأضاف، "هناك مشكلة أخرى، وهي أن من يؤجرون كاميرات التصوير والمعدات غيروا أسعار الإيجار، ليس طمعاً بقدر ما هو رغبة في تأمين الوضع، فإذا قلت كفاءة المعدات مع الاستخدام لن يستطيعوا شراء غيرها، لأنها تستورد بالكامل من الخارج وبالعملة الصعبة، ولهذا يريد من يملك تلك الأجهزة حصد أكبر مبلغ من المال لشراء أخرى بديلة، وهذا حقه، ولا يمكن أن نلومه".
وتابع، "الأمر نفسه بالنسبة إلى الملابس والديكورات والأكسسوار والمكياج، إضافة لأجور النجوم الذين سيطالبون بزيادتها بشكل حتمي، ولن نستطيع المقاومة، لأن هذا حقهم، فطالما العامل البسيط تضاعف أجره كيف أقول للممثلين لن نزيد أجوركم؟".
وقال عبدالعاطي إن "المنتج يجد نفسه في دوامة كبيرة، ولا أنكر أن هناك مشروعات ستلغى بشكل حتمي، بخاصة إذا كانت ضخمة الكلفة قبل زيادة الدولار، فما بالك بالوضع بعد الزيادة؟ والسؤال الأهم: هل ستؤتي تلك الأعمال ثمارها ويحصل المنتج على أضعاف ثمن البيع القديم بما يتناسب مع زيادة الكلفة على الأقل حتى لا يخسر؟ والإجابة لا طبعاً، فالأعمال التي تعرض على الشاشات المصرية لا يمكن أن نطلب فيها كل ثمن الكلفة، بل نطلب نحو 60 في المئة فقط، ونعتمد على البيع الخارجي في تعويض العجز، وفي حالة عدم البيع للخارج لا يمكن للمنتج أن يجمع ما أنفقه على العمل، لهذا فالحسابات في الوضع الحالي أكثر تعقيداً على رغم وجود عقبات متراكمة أصلاً قبل التعويم، في فكرة الربح والمكاسب وتغطية النفقات الأصلية للعمل".
ونفى عبدالعاطي أن يكون كل المنتجين يبيعون للخارج بالدولار، موضحاً أن "الجهات العربية التي تشتري الأعمال بالعملة الصعبة تضع حداً معيناً ومعايير أهمها سعر الصرف للعملة في مصر، فمثلاً من يشتري عرضاً خارجياً لمسلسل أو فيلم بـ100 ألف دولار بما يقدر سابقاً بالسعر القديم مليون و800 ألف، لن يدفع الرقم نفسه إذا كان سعر الصرف حالياً ثلاثة ملايين لنفس الـ100 ألف دولار، بل سيقلل المبلغ حتى يصل إلى ما يقارب الرقم القديم بالمصري".
وأشار إلى أن السينما أكثر ضماناً من الدراما في المكسب، لأن كل عائد البيع الخارجي للأفلام بالدولار، ومع ذلك هناك خطورة من عدم تحقيق الفيلم داخلياً مكاسب معقولة لأن سعر التذكرة سيتضخم، إضافة إلى الوضع الاقتصادي للناس والانصراف نحو الإنفاق في الأشياء المعيشية الأساسية بحكم الظروف الصعبة.
تقنين وتغيير
وحلاً للأزمة اقترح عبدالعاطي تقنين عدد المسلسلات بشكل أساسي، وقال، "منذ طفولتنا كنا نشاهد مسلسلاً أو أكثر في رمضان وطوال العام تعرض أعمال قليلة تنال كل التركيز وتنفذ بشكل رائع، لذلك نجد أن الأعمال القديمة ما زالت تعرض بنجاح وتعيش على رغم مرور الزمن". وتابع، "لهذا لا أرى سبباً في عرض 40 مسلسلاً في رمضان، ويمكن تقليصها لـ10 مسلسلات مثلاً يتم تنفيذها بشكل مميز جداً، وبكفاءة إنتاجية، بدلاً من العرض الهلامي لأعمال لا تجد أي تركيز أو تحقق نجاحاً، وتوزيع باقي الأعمال على مدار العام، مما سيقلل الإنتاج والكلفة، وسيرفع الكفاءة".
من جهته، قال المنتج أحمد عبدالباسط إن "هناك حالة توقف لا بد ستصطدم بها العجلة الإنتاجية، ولا يمكن لأي منتج أن يجازف في تلك الفترة، لذلك فعشرات المشروعات لن ترى النور، وأخرى سيعاد النظر فيها، بينما المسلسلات التي يتم تصويرها حالياً قد تنجو من الأزمة لأنها اتفاقات قديمة قبل زيادة الدولار بهذا الشكل الجنوني، ولن يستطيع النجم أن يقول للمنتج أن يغير له أجره مثلاً، لكن المنتج سيعاني لأن مستلزمات العملية الفنية زادت، وهو مضطر للاستعانة بها على رغم الغلاء ليتمم العمل حتى إن خسر ودفع من جيبه الشخصي للوفاء بالاتفاقات المبرمة قبل التعويم الأخير".
وأشار إلى أن المنصات الرقمية التي تعرض الأعمال قد تكون منقذاً للمنتج إذا نجح في بيع عمله لها، لأنها تتعامل بالدولار وسعرها ثابت، لكن ليس من الممكن أن يسوق جميع المنتجين أعمالهم لتلك الجهات فهي محدودة بشكل كبير.
واختتم عبدالباسط بأنه "من المتوقع أن يقل المستوى الفني بشكل غير مسبوق للأعمال الفنية، حيث سيلجأ الصناع إلى تنفيذ العمل بأقل كلفة للصورة والتصوير والنجوم، وهي الأشياء التي تضمن تحقيق الإبهار، لكن هذا متوقع للأسف حتى يمكن عبور الأزمة، وعموماً هناك أزمات أصعب مما نحن فيه الآن مرت على الفن واجتازها، وأثق أن هناك حلولاً ستتوفر بعد استقرار الوضع".
أما المنتج محمد محمود عبدالعزيز فقال إنه من الصعب التحدث عن الأمور حالياً، ولا يمكن الحكم قبل استقرار الأوضاع بشكل نهائي.
تخوف كبير
ولم يخف عدد كبير من المنتجين المصريين مخاوفهم من التدهور الكبير للجنيه أمام الدولار الذي يتم به استيراد معدات وأدوات ضرورية، وأبدوا قلقهم من تأثير ذلك في صناعة السينما والدراما وإصابتها بشلل، بسبب ما سيحدث من تضخم لأجور العاملين وتأجير مواقع التصوير ومعدات التنفيذ الدقيقة.
قال المنتج أحمد عبدالعاطي لـ"اندبندنت عربية"، إن سير العملية الإنتاجية يتعثر كل يوم عن الآخر، ومع الارتفاع الجنوني في سعر الدولار مقابل الجنيه، يضطر المنتجون إلى إعادة حساباتهم يومياً أكثر من مرة، منوهاً بأن "هناك خرائط لأعمال ومشروعات تعدل أو تلغى لأن الواقع مظلم"، بحسب تعبيره.
وأشار إلى أن "ما يحدث للجنيه يعني أن العمل الفني سيزيد على كلفته العادية أكثر من 30 في المئة على الأقل إن لم يصل إلى 50 في المئة، فمنذ بداية التعويم وأسعار الكاميرات والمعدات ترتفع، وأيضاً الأجور حتى العمالة البسيطة"، مستدركاً، "لا يمكن أن أعطي عاملاً 200 جنيه يومياً كما كان يحدث في الماضي، فهناك مراعاة لارتفاع أسعار السلع التي تضاعفت، ولا يسعنا إلا تزويد العمالة الضعف على الأقل".
وأضاف، "هناك مشكلة أخرى، وهي أن من يؤجرون كاميرات التصوير والمعدات غيروا أسعار الإيجار، ليس طمعاً بقدر ما هو رغبة في تأمين الوضع، فإذا قلت كفاءة المعدات مع الاستخدام لن يستطيعوا شراء غيرها، لأنها تستورد بالكامل من الخارج وبالعملة الصعبة، ولهذا يريد من يملك تلك الأجهزة حصد أكبر مبلغ من المال لشراء أخرى بديلة، وهذا حقه، ولا يمكن أن نلومه".
وتابع، "الأمر نفسه بالنسبة إلى الملابس والديكورات والأكسسوار والمكياج، إضافة لأجور النجوم الذين سيطالبون بزيادتها بشكل حتمي، ولن نستطيع المقاومة، لأن هذا حقهم، فطالما العامل البسيط تضاعف أجره كيف أقول للممثلين لن نزيد أجوركم؟".
وقال عبدالعاطي إن "المنتج يجد نفسه في دوامة كبيرة، ولا أنكر أن هناك مشروعات ستلغى بشكل حتمي، بخاصة إذا كانت ضخمة الكلفة قبل زيادة الدولار، فما بالك بالوضع بعد الزيادة؟ والسؤال الأهم: هل ستؤتي تلك الأعمال ثمارها ويحصل المنتج على أضعاف ثمن البيع القديم بما يتناسب مع زيادة الكلفة على الأقل حتى لا يخسر؟ والإجابة لا طبعاً، فالأعمال التي تعرض على الشاشات المصرية لا يمكن أن نطلب فيها كل ثمن الكلفة، بل نطلب نحو 60 في المئة فقط، ونعتمد على البيع الخارجي في تعويض العجز، وفي حالة عدم البيع للخارج لا يمكن للمنتج أن يجمع ما أنفقه على العمل، لهذا فالحسابات في الوضع الحالي أكثر تعقيداً على رغم وجود عقبات متراكمة أصلاً قبل التعويم، في فكرة الربح والمكاسب وتغطية النفقات الأصلية للعمل".
ونفى عبدالعاطي أن يكون كل المنتجين يبيعون للخارج بالدولار، موضحاً أن "الجهات العربية التي تشتري الأعمال بالعملة الصعبة تضع حداً معيناً ومعايير أهمها سعر الصرف للعملة في مصر، فمثلاً من يشتري عرضاً خارجياً لمسلسل أو فيلم بـ100 ألف دولار بما يقدر سابقاً بالسعر القديم مليون و800 ألف، لن يدفع الرقم نفسه إذا كان سعر الصرف حالياً ثلاثة ملايين لنفس الـ100 ألف دولار، بل سيقلل المبلغ حتى يصل إلى ما يقارب الرقم القديم بالمصري".
وأشار إلى أن السينما أكثر ضماناً من الدراما في المكسب، لأن كل عائد البيع الخارجي للأفلام بالدولار، ومع ذلك هناك خطورة من عدم تحقيق الفيلم داخلياً مكاسب معقولة لأن سعر التذكرة سيتضخم، إضافة إلى الوضع الاقتصادي للناس والانصراف نحو الإنفاق في الأشياء المعيشية الأساسية بحكم الظروف الصعبة.
تقنين وتغيير
وحلاً للأزمة اقترح عبدالعاطي تقنين عدد المسلسلات بشكل أساسي، وقال، "منذ طفولتنا كنا نشاهد مسلسلاً أو أكثر في رمضان وطوال العام تعرض أعمال قليلة تنال كل التركيز وتنفذ بشكل رائع، لذلك نجد أن الأعمال القديمة ما زالت تعرض بنجاح وتعيش على رغم مرور الزمن". وتابع، "لهذا لا أرى سبباً في عرض 40 مسلسلاً في رمضان، ويمكن تقليصها لـ10 مسلسلات مثلاً يتم تنفيذها بشكل مميز جداً، وبكفاءة إنتاجية، بدلاً من العرض الهلامي لأعمال لا تجد أي تركيز أو تحقق نجاحاً، وتوزيع باقي الأعمال على مدار العام، مما سيقلل الإنتاج والكلفة، وسيرفع الكفاءة".
من جهته، قال المنتج أحمد عبدالباسط إن "هناك حالة توقف لا بد ستصطدم بها العجلة الإنتاجية، ولا يمكن لأي منتج أن يجازف في تلك الفترة، لذلك فعشرات المشروعات لن ترى النور، وأخرى سيعاد النظر فيها، بينما المسلسلات التي يتم تصويرها حالياً قد تنجو من الأزمة لأنها اتفاقات قديمة قبل زيادة الدولار بهذا الشكل الجنوني، ولن يستطيع النجم أن يقول للمنتج أن يغير له أجره مثلاً، لكن المنتج سيعاني لأن مستلزمات العملية الفنية زادت، وهو مضطر للاستعانة بها على رغم الغلاء ليتمم العمل حتى إن خسر ودفع من جيبه الشخصي للوفاء بالاتفاقات المبرمة قبل التعويم الأخير".
وأشار إلى أن المنصات الرقمية التي تعرض الأعمال قد تكون منقذاً للمنتج إذا نجح في بيع عمله لها، لأنها تتعامل بالدولار وسعرها ثابت، لكن ليس من الممكن أن يسوق جميع المنتجين أعمالهم لتلك الجهات فهي محدودة بشكل كبير.
واختتم عبدالباسط بأنه "من المتوقع أن يقل المستوى الفني بشكل غير مسبوق للأعمال الفنية، حيث سيلجأ الصناع إلى تنفيذ العمل بأقل كلفة للصورة والتصوير والنجوم، وهي الأشياء التي تضمن تحقيق الإبهار، لكن هذا متوقع للأسف حتى يمكن عبور الأزمة، وعموماً هناك أزمات أصعب مما نحن فيه الآن مرت على الفن واجتازها، وأثق أن هناك حلولاً ستتوفر بعد استقرار الوضع".
أما المنتج محمد محمود عبدالعزيز فقال إنه من الصعب التحدث عن الأمور حالياً، ولا يمكن الحكم قبل استقرار الأوضاع بشكل نهائي.
نيسان ـ نشر في 2023-01-15
رأي: نجلاء أبو النجا