نخب غير مؤثرة
إبراهيم غرايبة
كاتب اردني
نيسان ـ نشر في 2023-01-27 الساعة 07:07
نيسان ـ تغمر الفضاء الشبكي قضايا وقصص وأحداث تتراوح بين التفاهة والإساءة، وهي حالة متوقعة بالطبع في ظل فضاء مفتوح ومتاح لكل متواصل مع الشبكة أن يشارك فيها، لكن من غير المتوقع (يفترض) أن تعجز النخب والقيادات العامة والاجتماعية عن إنشاء مجال عام مؤثر يجتذب الكتلة الرئيسة من المجتمع، إذ يفترض وببساطة أن تكون أغلبية الناس منخرطة في تواصل حول أولوياتها وقضاياها واهتماماتها الأساسية، فلماذا عجزت المجتمعات عن بناء مجال عام يخدم الاتجاهات والمصالح الأساسية؟ ولماذا تعزف أو تفشل النخب العاملة في أن تنشئ قواعد وأفكارا واتجاهات اجتماعية في مجال عملها ومسؤولياتها؟
يغلب على النخب بمن فيهم القيادات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقادة المؤسسات العامة والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني والجماعات والنقابات المهنية والطبقات والمصالح والأسواق العزلة أو ضعف أو غياب التأثير، هي ببساطة عاجزة عن التأثير في المجتمعات والسياسات والاتجاهات العامة المحيطة والمؤثرة، لذا فهي غير قادرة على حمل رسالة الدولة والمجتمعات وتكريسها، ولا يبدو أن لديها ما تقدمه، وإن كان لديها بالفعل أفكار وبرامج؛ فإنها غير قادرة على تقديمها وتشكيل مجتمعات واتجاهات ومصالح حولها.
وفي حين لا أحد يعرف أو يسمع أو يلاحظ مشاركة مؤثرة للوزراء والنواب والأعيان والمديرين وقادة ونشطاء المؤسسات الخدمية والاجتماعية؛ تستطيع شخصيات اجتماعية مهمشة أو ساخطة أو متطرفة أن تنشئ حالة مؤثرة وتجتذب مؤيدين أو مهتمين ومتابعين لما تقدمه.
ليس المطلوب أن تنشغل جميع النخب والقيادات الرسمية والمؤيدة في عمليات جدال سياسي مع المعارضات والإشاعات ولا أن تدخل في مواجهة واشتباك مع خصوم الدولة وسياساتها في الخارج، يكفي أن تنشغل بذلك إن كان لازما مجموعات محددة، وعلى أي حال فإن معظمها ليست مهمة أو مؤثرة في بيئتها التي تعمل فيها، ولا يهتم بها أحد سوانا، وهذا أمر محير، كيف يستطيع مدون أن يعمل "دوشة” هنا في حين لا أحد يعرفه أو يسمع به في بلده، الأمر متعلق بنا وليس بعمليات التأثير والتدوين المتصلة بالبلد، ففي عجز النخب عن التأثير والحضور يخلو الفضاء العام من المحتوى والتشبيك المؤثر والإيجابي.
وأما قصص التواصل مع الكتاب الأصدقاء في الخارج، فقد أصبحت عمليات غير مجدية أو مؤثرة لسبب بسيط وواضح أن هؤلاء الكتاب هم أيضا فقدوا قدرتهم على التأثير ولا يتابعهم أحد سوانا، هذه الفرحة والنشوة التي تجتاحنا بسبب مقالة "صديقة” مدفوعة أو غير مدفوعة الأجر كتبها أحدهم في صحيفة ما أو موقع خارج الأردن لا يعلم عنها أحد سوانا، ولا تصل إلى الفئة المستهدفة، لأنها فئة منخرطة مثل ما يحدث في الأردن في شبكات التواصل وتتعامل مع المؤثرين والفضاء العام ولا تعرف شيئا عن كتّاب آيلين للفناء.
وحتى لو كانت عمليات النشر والأداء الإعلامي مجدية أو مؤثرة في تحسين صورة البلد وسياساته فإنها معركة ميؤوس منها، فليس نقص المعرفة ما ينقص الجمهور في الداخل والخارج، وليس الأداء الإعلامي وحده ما ينشئ الثقة والتماسك الاجتماعي، لكن النجاح الاجتماعي الاقتصادي والمؤسسي في إدارة وتنظيم الخدمات والسياسات هو ما ينشئ حالة إعلامية إيجابية في الداخل أو الخارج، وعندما تظل بعد ذلك عمليات إساءة وتهويش فإن حالات تكون محدودة وتكون أيضا فرص الرد المواجهة قوية وفاعلة.
الإصرار على أدوات التأثير المتبعة والمنتمية إلى مرحلة ماضية ليس سوى هدر وعمل ضد الذات، فالعالم يعيش اليوم في عصر الثقافة والقيادات الاجتماعية، وبغير المشاركة في هذا المجال فإننا نخرج من العالم.
يغلب على النخب بمن فيهم القيادات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقادة المؤسسات العامة والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني والجماعات والنقابات المهنية والطبقات والمصالح والأسواق العزلة أو ضعف أو غياب التأثير، هي ببساطة عاجزة عن التأثير في المجتمعات والسياسات والاتجاهات العامة المحيطة والمؤثرة، لذا فهي غير قادرة على حمل رسالة الدولة والمجتمعات وتكريسها، ولا يبدو أن لديها ما تقدمه، وإن كان لديها بالفعل أفكار وبرامج؛ فإنها غير قادرة على تقديمها وتشكيل مجتمعات واتجاهات ومصالح حولها.
وفي حين لا أحد يعرف أو يسمع أو يلاحظ مشاركة مؤثرة للوزراء والنواب والأعيان والمديرين وقادة ونشطاء المؤسسات الخدمية والاجتماعية؛ تستطيع شخصيات اجتماعية مهمشة أو ساخطة أو متطرفة أن تنشئ حالة مؤثرة وتجتذب مؤيدين أو مهتمين ومتابعين لما تقدمه.
ليس المطلوب أن تنشغل جميع النخب والقيادات الرسمية والمؤيدة في عمليات جدال سياسي مع المعارضات والإشاعات ولا أن تدخل في مواجهة واشتباك مع خصوم الدولة وسياساتها في الخارج، يكفي أن تنشغل بذلك إن كان لازما مجموعات محددة، وعلى أي حال فإن معظمها ليست مهمة أو مؤثرة في بيئتها التي تعمل فيها، ولا يهتم بها أحد سوانا، وهذا أمر محير، كيف يستطيع مدون أن يعمل "دوشة” هنا في حين لا أحد يعرفه أو يسمع به في بلده، الأمر متعلق بنا وليس بعمليات التأثير والتدوين المتصلة بالبلد، ففي عجز النخب عن التأثير والحضور يخلو الفضاء العام من المحتوى والتشبيك المؤثر والإيجابي.
وأما قصص التواصل مع الكتاب الأصدقاء في الخارج، فقد أصبحت عمليات غير مجدية أو مؤثرة لسبب بسيط وواضح أن هؤلاء الكتاب هم أيضا فقدوا قدرتهم على التأثير ولا يتابعهم أحد سوانا، هذه الفرحة والنشوة التي تجتاحنا بسبب مقالة "صديقة” مدفوعة أو غير مدفوعة الأجر كتبها أحدهم في صحيفة ما أو موقع خارج الأردن لا يعلم عنها أحد سوانا، ولا تصل إلى الفئة المستهدفة، لأنها فئة منخرطة مثل ما يحدث في الأردن في شبكات التواصل وتتعامل مع المؤثرين والفضاء العام ولا تعرف شيئا عن كتّاب آيلين للفناء.
وحتى لو كانت عمليات النشر والأداء الإعلامي مجدية أو مؤثرة في تحسين صورة البلد وسياساته فإنها معركة ميؤوس منها، فليس نقص المعرفة ما ينقص الجمهور في الداخل والخارج، وليس الأداء الإعلامي وحده ما ينشئ الثقة والتماسك الاجتماعي، لكن النجاح الاجتماعي الاقتصادي والمؤسسي في إدارة وتنظيم الخدمات والسياسات هو ما ينشئ حالة إعلامية إيجابية في الداخل أو الخارج، وعندما تظل بعد ذلك عمليات إساءة وتهويش فإن حالات تكون محدودة وتكون أيضا فرص الرد المواجهة قوية وفاعلة.
الإصرار على أدوات التأثير المتبعة والمنتمية إلى مرحلة ماضية ليس سوى هدر وعمل ضد الذات، فالعالم يعيش اليوم في عصر الثقافة والقيادات الاجتماعية، وبغير المشاركة في هذا المجال فإننا نخرج من العالم.
نيسان ـ نشر في 2023-01-27 الساعة 07:07
رأي: إبراهيم غرايبة كاتب اردني