اتصل بنا
 

الفلسطينيون والروس في مركب واحد

نيسان ـ نشر في 2023-02-02 الساعة 11:05

نيسان ـ نعم الفلسطينيون اشقائنا وأهلنا وقلوبنا هنا في الأردن معهم لأنهم الجيران الأعزاء و النسيج المتداخل معنا ، و لهم هويتهم الوطنية التي يتعزون بها ، و لنا نحن الأردنيين هويتنا الوطنية التي نفاخر الدنيا بها ، و نلتقي معا عند نبع البعدين القومي و الديني الاسلامي و المسيحي ، وهم اصحاب قضية عادلة و معهم و مع كل العرب نشكل التاريخ المجيد الواحد ، و ثورتنا العربية الهاشمية المجيدة التي اطلق عنانها شريف العرب و ملكهم الحسين بن علي " طيب الله ثراه " عام 1916 هي واحدة ، ووصايتنا الاردنية الهاشمية تغطي سماء المقدسات في القدس الشريف بإعتراف مشترك و روسي و عالمي ايضا ، وما يصيب الفلسطينيين يصيبنا ، و نهر الاردن الخالد يجمعنا و يوحدنا ولايسمح للإحتلال الإسرائيلي بالتغول على وطنهم الفلسطيني ، وطن شعب الجبارين ، أو على وطننا الاردني الشامخ ،وطن النشامى ، وورقة بحثية اعدها عشرات الضباط الاسرائيليين شكلت اجماعا على تبني استراتيجية لحرب مفتوحة ضد الفلسطينيين نشرت حديثا عبر منصات التواصل الاجتماعي ، تفسر رؤية اسرائيل الحاضرة و المستقبلية بإستنزاف أهل فلسطين و عبر الأجيال المتتابعة ، وهو مشروع استخباري اسرائيلي بطبيعة الحال لإضاعة وقت القضية الفلسطينية العادلة و الباقية من دون حلول ناجعة حتى الساعة منذ عامي 4748 ، والحالة الفلسطينية اصبحت تشبه مثيلتها الروسية في ايامنا هذه ، وفي وقتنا المعاصر ، و الروس اصدقاء لنا نحن العرب ، وروسيا الاتحادية كذلك ، و يتعبرون شرقنا العربي و يصفونه بالقريب ، وهم الان ومنذ اندلاع عمليتهم العسكرية التحريرية غير الاحتلالية الخاصة الإستباقية بتاريخ 24 شباط 2022 يواجهون حربا مفتوحة شرسة تشتها عليهم ليست العاصمة " كييف " و نظامها البنديري و الأزوفي المتطرف فقط ، و انما الغرب كله بقيادة " حلف الناتو " و الولايات المتحدة الأمريكية بحجة حماية استقلال أوكرانيا بينما هي عينهم على استعمارها و التغول الى داخلها لمماحكة روسيا و استنزافها وحتى التخلص من وجودها و اعادتها اقتصاديا للعهد السوفيتي، وعزلها عن العالم الخارجي كما يرسمون ، وهو محض سراب .
و بالمناسبة فلسطين قريبة من روسيا عاطفيا و دينيا ووطنيا ، و الاردن كذلك ، ففيها ولد المسيح عليه السلام ، و عمد في المغطس فوق الاراضي الاردنية و بإعتراف الفاتيكان ، و تجهيزات اردنية جديدة لإشادة متحف ديني هناك قرب النهر الخالد ، و لروسيا اهتمام كبير بهذا الشأن ، و سبق لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين " حفظه الله " أن قدم قطعة من الارض لبناء كنيسة روسية للحجيج الروسي ، وهو ما تم فعلا ، وكما هي أهم المقدسات الاسلامية في بلادنا ، يوجد في روسيا عمق ديمغرافي ديني اسلامي كبير قوامه و مع ما هو موجود في بلاد السوفييت السابقة يتجاوز العشرين مليون مسلم ، واكبر جوامع العالم لديهم، والموقف الروسي شجاع وواضح في شأن القضية الفلسطينية ، و يعتبرها كما نحن عادلة ، وهي كذلك ، و يدافعون عنها مثلنا نحن العرب في كافة المحافل الدولية ، و يطالبون مثلنا بدولة فلسطينية عاصمتها القدس المحتلة في اطار حل الدولتين الذي يصعب تحويله الى سراب كما يحلو لفلاسفة السياسة في ديارنا وخارج اسوارنا ، و يقفون أي الروس مع تجميد الاستيطان الإسرائيلي غير الشرعي فوق الاراضي العربية ، ومع حق العودة و التعويض ، ومع ترسيخ الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس ، , و الاردن بقيادة جلالة الملك في واجهة الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية في المحافل الدولية ، وهو معني مباشرة بحلولها النهائية ، ولدى الفلسطينيين و الروس قناعة مشتركة بعدم عدالة الموقف الامريكي و المراوغ تجاه القضية الفلسطينية في المقابل ،و الواقع التاريخي يصعب العبث بمساره .
والقضية الفلسطينية تاريخية ، وهي ليست معقدة كما يحلو تصويرها بسبب الاشكالية الدائرة من طرف اسرائيل معنا نحن العرب حول شرعية القدس التاريخية و الدينية و الجغرافية ، و بسبب القراءات التوراتية الخاطئة و غير المنصفة للعرب ، وبسبب سرابية هيكل سليمان ، و لوهم الارتكاز الصهيوني على التوسع صوب مشروع ( اسرائيل الكبرى ) الذي يستحال تحقيقه ،و العرب ليسوا مغفلين وقوتهم البشرية لوحدها تفوق قدرات اسرائيل الديمغرافية بشكل واضح ، وزمن الاستعمارات ولى ، و الاحتلالات الى زوال لا محالة ، و التاريخ شاهد عيان ، و بساطة القضية الفلسطينية تكمن في قاعدتها القانونية الدولية عبر الأمم المتحدة و قرارات الشرعية الدولية التي تطالب اسرائيل بمغادرة الاراضي العربية المحتلة من قبلها عام 67 ، و القضية الأوكرانية في الجانب الاخر الاصل انها بسيطة غير معقدة لو قبلت العاصمة ( كييف ) بالحوار المبكر المباشر مع موسكو أو عبر اتفاقية ( مينسك 2 ) الضامنة لسيادة أوكرانيا و استقرارها و لأمن روسيا الاتحادية جارة التاريخ الى جانب عموم المنطقة السوفيتية السابقة ، لكن الغرب بقيادة أمريكا و حلف ( الناتو ) المعادي لروسيا و الذي سبق في عمق الزمن المعاصر عام 2000 أن رفض انضمام روسيا اليه ، حول ( كييف – زيلينسكي ) لطعم لسنارته بهدف استفزاز روسيا ، و استنزافها ، و لديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح خدمة لحيتان تجار السلاح الغربيين ، و لكي لا تبقى روسيا ناهضة ، و متفوقة عسكريا ، و متعافية اقتصاديا ، ولافشال قيادتها لعالم الاقطاب المتعددة المواجهة علنا لأحادية القطب التي تقوده أمريكا بإسم الغرب .
قال دولة رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري في لقاء له جرى بتاريخ 30 يناير 2023 وبما معناه و قرأته باللغة الروسية " لايستطيع الاردن قطع علاقاته الدبلوماسية مع اسرائيل لاسباب سياسية و دولية ، و بأن التطرف الاسرائيلي الذي قتل اسحق رابين لازال يهدد فلسطين و الاردن معا ، ويعمل على تغيير قاعدة نظام العمل الحكومي لديهم ، و المطلوب من الاردن حماية نفسه عبر العمل الدبلوماسي " . انتهى الاقتباس .
وتعليقي هنا هو بأن السبيل الوحيد لمواجهة التطرف الاسرائيلي خاصة بعد صعود حزب الليكود الى السلطة في تل -ابيب هو توحيد الجبهة الفلسطينية ،و جبهة العرب كذلك ، وربط السلام العربي – الاسرائيلي بقيام دولة فلسطين كاملة السيادة وعاصمتها القدس المحتلة ، وعقد تحالفات عسكرية و معاهدات دفاع عربية مع دول كبرى مثل روسيا الاتحادية و الصين لكي لاتبقى اسرائيل تلوح بتهديد العرب بحلف ( الناتو ) رغم صداقته الشكلية لهم ، و للاحتقان الفلسطيني حدود ، و الشعب الفلسطيني الشقيق مكافح و مناضل ، وصاحب قضية عادلة و تاريخ ، وان نفذ صبره سيفلت الوضع الامني غرب النهر عن عقاله ، و مواصلة الغرب الامريكي الاحتكاك بروسيا الاتحادية و بوتيرة متسارعة و تصعيدية سيقود حتما لحرب الكبار النووية المدمرة في زمن لا مكان فيه للبشرية غير الكرة الارضية ، وليس أجمل من السلام الذي يعني للجميع التنمية الشاملة .

نيسان ـ نشر في 2023-02-02 الساعة 11:05


رأي: د.حسام العتوم

الكلمات الأكثر بحثاً