تضخيم (إسرائيل)
نيسان ـ نشر في 2023-02-07 الساعة 06:22
نيسان ـ نشأت هذه الدولة في مرحلة مخاض إقليمي ودولي عسير في فترة اختفت فيها إمبراطوريات كانت تشغل الدنيا وتملأها، وصعدت أُخرى من تحت الأنقاض لتسود العالم وتهيمن على مقدراته، وعلى فتات الإمبراطوريات السابقة، وفي غفلة من التاريخ تمكنت بدعم غير محدود من الصاعدين الجدد – وهم هنا الغرب- من أن تجد لنفسها جغرافيا سياسية على ذلك الجسم المفتت والضعيف ونمت كالفطريات عليه، وتمكنت في مرحلة التأسيس من الانتصار على جميع الضعفاء حولها فكونت أسطورتها الوهمية على ضعفهم، فكان الجيش الذي لا يقهر نتاجا لأولئك المهزومين سلفاً بسبب فراقهم الطويل مع العقل والحضارة والتطور فكانوا اللقمة السائغة لهذا الكيان المصطنع.
ومع ذلك ورغم دعم جميع الأقوياء لها وبرغم ضعف جميع من يحيطون بها، فقد بقيت مسكونة بالقلق والخوف من الابادة، لقد استثمرت دوماً بتضخيم المخاوف الوجودية لدى شعبها وهذا ما فعلته مع الداخل الفلسطيني فقد ضخمته الى حدود التهديد بالبقاء من عدمه، ومثل ذلك صورت الخارج على أنه مصدر التهديد الذي لا يزول أبداً، ولأجل ذلك عمقت قناعات شعبها بأن الآخرين العرب هم الأغيار، ومارست بحقهم فكرة التفوق العرقي، فتم تصوير الإنسان اليهودي بأنه متفوق على الإنسان العربي المتخلف والمتوحش، وهم مصدر للخطر ويهدد بقاء الدولة وقد يؤدي الى زوالها، لذلك يجب أن يبقى هذا الخارج ضعيفاً وتابعاً لا يمتلك ناصية قراره، فعملت دوماً على هزيمته في كل المجالات العسكرية والمعرفية والثقافية والاقتصادية وهي لم تستطع فعل أي من ذلك وحدها بل كانت الشريك الأصغر لدول عظيمة وقوية ساندتها في تحقيق ذلك وبريطانيا والولايات المتحدة على رأس قائمة هؤلاء، وهي لن تستطيع فعل اي شيء بدونهم، فهي لم تكن لتوجد لولا بريطانيا ولم تكن لتبقى لولا الولايات المتحدة الأميركية، وهي بسبب هذا الدعم أمعنت في هزيمة العرب أصحاب الأرض والحضارة العريقة، فكرست لديهم القناعة بأنهم مفلسون عسكرياً وعلمياً وثقافياً واقتصادياً وأنهم بحاجة دوماً للمساعد.
وفي اللحظة التى قرر فيها هؤلاء العرب الانسياق مهزومين الى مدريد، رفضت حتى إذعانهم وتعالت عليهم كمنتصر ولم تقدم لهم اي شيء، وحتى الفلسطينيين ورغم كل ما لحق بهم من ظلم وإجحاف وبعد أن اعتقدوا أنهم قادرون على إقامة صلح تاريخي يحقق السلام ويعيد الحقوق بدعم من أميركا مع ذلك لم يُعطوا إلا القليل القليل، وبعد حين لم تلق بالاً لمبادرةً عربية شاملة لإقامة مصالحة تاريخية مع علاقات طبيعية، إذاً هي لا تريد السلام مع العرب ولا تريد الاعتراف ابداً بأن هناك شعباً آخر له حقوق يجب أن يحصل عليها، وهي على قناعة تامة بأنها منتصرة والآخرون مهزومون وهي تطبق عليهم شروط الهزيمة وهذا ما قاله بن غفير حينما تحدث عن مظلمتين تاريخيتين بحق الشعب اليهودي الأولى حينما خانتهم بريطانيا وأخرجت الأردن من المشروع الصهيوني والثاني حينما دعمت اميركا العرب في مدريد رغم هزيمتهم وأجبرت إسرائيل على تقديم التنازلات المؤلمة حسب رأيه طبعاً وبالنسبة له يجب العودة إلى حقاىًق الأرض وتطبيقها على العرب كمهزومين.
إذاً هذه هي العقلية التي تعاملت فيها سابقاً ولكن من وراء حجاب التهديد الوجودي، أما الآن فهي تعلنها صراحة وبدون مواربة، ورغم كل ذلك ورغم هذه العنجهية والعنصرية لا أستطيع أن أجد تفسيراً مقنعاً للتسابق على إقامة علاقات دبلوماسية مع دولة هذه قناعاتها والتي لو كانت غير إسرائيل لفرضت عليها عقوبات صارمة، أكان ذلك من أجل السلام؟ لا أعتقد فهذه الدول لم تكن في حروب معها ولا يوجد خطر حقيقي يتهددها فهي في أغلبها بعيدة ولا تحاذيها، أم لأجل الأمن أو الخوف من تهديدات خارجية؟ لا أعتقد أن اسرائيل تمتلك القوة الكافية لتكون شريكاً مسانداً لأي دولة ضد أي خطر خارجي بل بالعكس ففي تحالفاتها الأمنية ستكون هي الخطر الحقيقي الذي يتهدد تلك الدول، أم من أجل الإقتصاد؟ لا يمكن فهي لا تمتلك المؤهلات الكافية لتكون شريكاً اقتصادياً مؤثراً ومفيداً للطرف الآخر بل أن العكس هو الصحيح فهي ستستثمر كل إمكاناتها للحصول على كل ما تستطيع من ذلك الشريك، أم لأجل الحصول على رضى الولايات المتحدة؟ لا شك أن هذه أكبر نكتة يمكن سماعها، فالولايات المتحدة يمكن أن تدعم إسرائيل لأجلها هي وليس لأجل أي آخر، ثم أن الصورة النمطية السلبية عن العرب رسمها هؤلاء فكيف يمكن لهم في ليلة وضحاها أن يقوموا بتغييرها؟
لم أستطع أن أتوصل إلى إجابة واضحة لماذا يتهافت الجميع نحو (إسرائيل) حتى فكرة التآمر لا تبرر ذلك، لا أستطيع أن أفسر ابداً كيف أقنع هؤلاء أنفسهم بأن الصراع قد انتهى وأنه حان الوقت كي نقيم السلام، أهو الاعتراف بالهزيمة؟ من الصعب الجزم لأن آخرين ما يزالون يرفضون ذلك ويستمرون بالقتال نيابة عن الجميع لأنهم توصلوا منذ البداية إلى أن هذا الصراع ليس صراعاً على الأرض فقط، بل هو صراع بين التاريخ المزيف والحاضر الحقيقي لأجل الاستحواذ على المستقبل، والمستقبل هنا لا يخص الفلسطينيين وحدهم بل المنطقة برمتها لذلك هم وحدهم من سينتصر في النهاية.
أما جميع الآخرين أو الأغيار كما يطلق عليهم الإسرائليون فقد استطاعوا أن يضخموا إسرائيل لدرجة أنهم أوصلوا أنفسهم إلى قناعة بأن المستقبل لن يتحقق إلا بالشراكة معها بغض النظر عن الثمن الذي سيدفعه الفلسطينيون فلا أحد يبالي بذلك.
ومع ذلك ورغم دعم جميع الأقوياء لها وبرغم ضعف جميع من يحيطون بها، فقد بقيت مسكونة بالقلق والخوف من الابادة، لقد استثمرت دوماً بتضخيم المخاوف الوجودية لدى شعبها وهذا ما فعلته مع الداخل الفلسطيني فقد ضخمته الى حدود التهديد بالبقاء من عدمه، ومثل ذلك صورت الخارج على أنه مصدر التهديد الذي لا يزول أبداً، ولأجل ذلك عمقت قناعات شعبها بأن الآخرين العرب هم الأغيار، ومارست بحقهم فكرة التفوق العرقي، فتم تصوير الإنسان اليهودي بأنه متفوق على الإنسان العربي المتخلف والمتوحش، وهم مصدر للخطر ويهدد بقاء الدولة وقد يؤدي الى زوالها، لذلك يجب أن يبقى هذا الخارج ضعيفاً وتابعاً لا يمتلك ناصية قراره، فعملت دوماً على هزيمته في كل المجالات العسكرية والمعرفية والثقافية والاقتصادية وهي لم تستطع فعل أي من ذلك وحدها بل كانت الشريك الأصغر لدول عظيمة وقوية ساندتها في تحقيق ذلك وبريطانيا والولايات المتحدة على رأس قائمة هؤلاء، وهي لن تستطيع فعل اي شيء بدونهم، فهي لم تكن لتوجد لولا بريطانيا ولم تكن لتبقى لولا الولايات المتحدة الأميركية، وهي بسبب هذا الدعم أمعنت في هزيمة العرب أصحاب الأرض والحضارة العريقة، فكرست لديهم القناعة بأنهم مفلسون عسكرياً وعلمياً وثقافياً واقتصادياً وأنهم بحاجة دوماً للمساعد.
وفي اللحظة التى قرر فيها هؤلاء العرب الانسياق مهزومين الى مدريد، رفضت حتى إذعانهم وتعالت عليهم كمنتصر ولم تقدم لهم اي شيء، وحتى الفلسطينيين ورغم كل ما لحق بهم من ظلم وإجحاف وبعد أن اعتقدوا أنهم قادرون على إقامة صلح تاريخي يحقق السلام ويعيد الحقوق بدعم من أميركا مع ذلك لم يُعطوا إلا القليل القليل، وبعد حين لم تلق بالاً لمبادرةً عربية شاملة لإقامة مصالحة تاريخية مع علاقات طبيعية، إذاً هي لا تريد السلام مع العرب ولا تريد الاعتراف ابداً بأن هناك شعباً آخر له حقوق يجب أن يحصل عليها، وهي على قناعة تامة بأنها منتصرة والآخرون مهزومون وهي تطبق عليهم شروط الهزيمة وهذا ما قاله بن غفير حينما تحدث عن مظلمتين تاريخيتين بحق الشعب اليهودي الأولى حينما خانتهم بريطانيا وأخرجت الأردن من المشروع الصهيوني والثاني حينما دعمت اميركا العرب في مدريد رغم هزيمتهم وأجبرت إسرائيل على تقديم التنازلات المؤلمة حسب رأيه طبعاً وبالنسبة له يجب العودة إلى حقاىًق الأرض وتطبيقها على العرب كمهزومين.
إذاً هذه هي العقلية التي تعاملت فيها سابقاً ولكن من وراء حجاب التهديد الوجودي، أما الآن فهي تعلنها صراحة وبدون مواربة، ورغم كل ذلك ورغم هذه العنجهية والعنصرية لا أستطيع أن أجد تفسيراً مقنعاً للتسابق على إقامة علاقات دبلوماسية مع دولة هذه قناعاتها والتي لو كانت غير إسرائيل لفرضت عليها عقوبات صارمة، أكان ذلك من أجل السلام؟ لا أعتقد فهذه الدول لم تكن في حروب معها ولا يوجد خطر حقيقي يتهددها فهي في أغلبها بعيدة ولا تحاذيها، أم لأجل الأمن أو الخوف من تهديدات خارجية؟ لا أعتقد أن اسرائيل تمتلك القوة الكافية لتكون شريكاً مسانداً لأي دولة ضد أي خطر خارجي بل بالعكس ففي تحالفاتها الأمنية ستكون هي الخطر الحقيقي الذي يتهدد تلك الدول، أم من أجل الإقتصاد؟ لا يمكن فهي لا تمتلك المؤهلات الكافية لتكون شريكاً اقتصادياً مؤثراً ومفيداً للطرف الآخر بل أن العكس هو الصحيح فهي ستستثمر كل إمكاناتها للحصول على كل ما تستطيع من ذلك الشريك، أم لأجل الحصول على رضى الولايات المتحدة؟ لا شك أن هذه أكبر نكتة يمكن سماعها، فالولايات المتحدة يمكن أن تدعم إسرائيل لأجلها هي وليس لأجل أي آخر، ثم أن الصورة النمطية السلبية عن العرب رسمها هؤلاء فكيف يمكن لهم في ليلة وضحاها أن يقوموا بتغييرها؟
لم أستطع أن أتوصل إلى إجابة واضحة لماذا يتهافت الجميع نحو (إسرائيل) حتى فكرة التآمر لا تبرر ذلك، لا أستطيع أن أفسر ابداً كيف أقنع هؤلاء أنفسهم بأن الصراع قد انتهى وأنه حان الوقت كي نقيم السلام، أهو الاعتراف بالهزيمة؟ من الصعب الجزم لأن آخرين ما يزالون يرفضون ذلك ويستمرون بالقتال نيابة عن الجميع لأنهم توصلوا منذ البداية إلى أن هذا الصراع ليس صراعاً على الأرض فقط، بل هو صراع بين التاريخ المزيف والحاضر الحقيقي لأجل الاستحواذ على المستقبل، والمستقبل هنا لا يخص الفلسطينيين وحدهم بل المنطقة برمتها لذلك هم وحدهم من سينتصر في النهاية.
أما جميع الآخرين أو الأغيار كما يطلق عليهم الإسرائليون فقد استطاعوا أن يضخموا إسرائيل لدرجة أنهم أوصلوا أنفسهم إلى قناعة بأن المستقبل لن يتحقق إلا بالشراكة معها بغض النظر عن الثمن الذي سيدفعه الفلسطينيون فلا أحد يبالي بذلك.
نيسان ـ نشر في 2023-02-07 الساعة 06:22
رأي: الدكتور منذر الحوارات