اتصل بنا
 

لا جنازة لعوض!

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2023-02-12 الساعة 19:20

نيسان ـ منذ أيّام، وغياضة تشعر أن في أُذنيها رنينا ودويّاً متواصلين ولا يكفّان عن تذكيرها بالحفيد عوض.
كانت على موعد مع لمّة الرجال في صيوانها. سأبلغهم بالأمر، قالت وهي تعد القهوة وتسبّل على المخدات بما يليق بمراكي القوم.
وعدتهم أن تستكمل سرد السيرة الهلالية التي بلغت في تعليلة البارحة بوابات تونس الخضراء.
أقبل القوم وبدت على وجوههم معالم ابتسامات. أجلستهم بمحاسن قولها وسألت قبل أن تطلب لعياش المهنا، أن يصب القهوة : ماذا عسى الأقدار ستفعل بي؟! ألم تخطف المنايا من عائلة العطية أربعة شبان تباعاً؟!
واردفت : يا ويلي من جيرة المقبرة. علّها تأخذني ويعود عوض!
كانت غياضة تسأل وهي تكتم بجبروت لا قبله ولا بعده، أوجاع الكون التي تحتشد في قلبها.
وهو يصب القهوة، اقترب عياش منها : يا عمّة، عوض راح ع فلسطين ينفذ عملية ضد اليهود.
تكوّمت على فراشها ودخلت في صمت لم يبدده القوم.
وأخذت تلقي شعرا نبطياً ارتجلته : عوض غاب وطوّل مغيبو.
أجهشت بصوت مسموع دون دموع!
كان عوض نسمةً عليلةً في صيف مليح. احبته القرية بضوضائه الساحرة. عرف الناس وتطيروا : الفتى مو طير عيشة!
كانت مليح تتململ مثل نهر يعنُّ له أن يترع من فيضه على الشطآن، فيفوح أديم الأرض.
كانت مليح تنتظر خبرا تعرف انه لن يصل. كانت تعرف ان عوض لاذ في قلب الأرض.
لكن الفتى ظلّ مُسجّى في مقلة غياضة! وغياضة تشيّعه ملفوفاً بحضنها كل لحظة!

نيسان ـ نشر في 2023-02-12 الساعة 19:20


رأي: سليمان قبيلات كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً