اتصل بنا
 

إنه عواء ذئب

نيسان ـ نشر في 2015-10-26 الساعة 11:45

x
نيسان ـ

محمد قبيلات

-1-

عندما ضاقت به وعليه صروف الدهر يمَّمَ صوب تلك التلال المُمتطية الأودية، وراح يراقب انزياح الشمس وسحبِها لأشعتها، مفسحة المجال للظلال كي تملأ ما بقي من فراغ.

ورغم ما كان في ذلك من تقديم واستهلال واضح للعتمة، إلا أنه استراح لما أرخته من رطوبة وطراوة طردت بها ما تبقى من أثر الهجير.

لا يدري كم استغرقه الوقت وهو ساهم الطرف حين أفاق على عواء ذئب مُعذًّب الروح، فراح يتفكر، أي الضر قد مسّ قلبه، ليرسل كل هذا النشيج مع صوته، وأية شجاعة تملكته ليعلن آلامه على الملأ غير أبه بكل الكائنات.

هل هي مسغبة ألمت به في هذه الجرود الخاوية على عروشها وعرائشها؟

أم أنه ألم بالقلب ورّثته إياه خيانة الأصدقاء؟

أم أنه الحنين الى أزمان كان فيها يتمتع بالرعاية والحب من قبل الآخرين، قبل أن يتركوه ليواجه مصيره؟

أم أن كل هذه الظروف وغيرها قد اجتمعت عليه ولم يبق له غير الألم الذي يزفره الآن على شكل عواء؟

-2-

تذكرت اليوم سند،،،

يا له من فتى لم ير من الحياة إلا أوجاعها، واجه كل تلك المصاعب بقلق البحث المزمن عن منافذها، فلم تفض به إلا الى الموت.

وكأني به قد كان على علم بالنهاية ولم يجزع.

سكنته أوجاع أبا فراس الحمداني، وهو يوصي فلذة كبده بأن لا تحزن عليه، ويحكي لها عنه، وهو زين الشباب الذي مات ولم يُمتع بالشباب.

وكما طرفة بعين أخته، فقد هيأت له الحياة أن يصير فتى ضخما عملاقا ومحبوبا، الى درجة بكاه فيها يوم الوداع، الشيوخ قبل الشباب، والرجال قبل النساء.

لكني، الى هذه اللحظة، لم أدرك بعد معنى أن يُمعن من هو مثله في الغياب، رغم أني كنت شاهدا يوم وَدَّعته بلدتُه، كما ودعت البصرة ابنها البار الحسن، وبكاه الأقربون بكاء عدي المهلهل لأخيه كليب.

فيا له من مهيب وهو الذي ترك الحياة زاهدا، وانسلّ ليتوارى فاسحا لعتمة القلوب أن تزحف في فراغه.

-3-

الصحيفة الحرة يتيمة على موائد اللئام، يحاربها الأصدقاء قبل الأعداء، ويمقتها الأقارب قبل الغرباء، ويزدريها الحلفاء قبل الخصوم.

فأي مفر تفر إليه غير التهلكة في مزادات السماسرة والوسطاء؟.

هل تأكل بثدييها وهي الحرة؟

هل تموت؟

أم أن ليس من خيار أمامها غير كسب ود وقلوب الناس؟؟

ففي آخر المطافات هي أشياء لا تُشترى، وبالتالي لا تباع للشطار والعيارين.

-4-

أيها السُّراق وقطاع الطرق !

أعيدوا إلينا إبلنا !

القدرة على الاختلاس لا تضفي شرعية الامتلاك، ولا بد من لحظة يظهر معها الحق على الناس جميعا.

لمتابعة الكاتب على التويتر

@qubilatmohammad

نيسان ـ نشر في 2015-10-26 الساعة 11:45

الكلمات الأكثر بحثاً