عندما ندم أندريه جيد على الانتساب إلى عالم القضاء بين المحلفين
نيسان ـ نشر في 2023-03-15 الساعة 20:47
نيسان ـ أسئلة كاتب حول نسبية العدالة أم نهائيتها في كتاب "ذكريات من محكمة الجنايات".
في عام 2007 اختارت مكتبة الكونغرس الأميركية فيلم "12 رجلاً غاضباً" من إخراج سيدني لاميت كي يحفظ في السجل الوطني باعتباره "مهماً ثقافياً وتاريخياً وجمالياً". هو فيلم درامي أميركي مقتبس على أية حال من فيلم تلفزيوني كان قد عرض في عام 1954 ويحكي قصة هيئة محلفين مؤلفة من 12 رجلاً يتداولون في إدانة أو تبرئة مراهق متهم بالقتل على أساس شك معقول. والحال أن الخلاف والصراع بين أولئك المحلفين يجبرهم طوال زمن الفيلم على التساؤل عن أخلاقهم وقيمهم، وعن معنى أن يصدر امرئ ما حكمه على متهم لا يعرفه ومن دون أن يكون محامياً أو قاضياً أو شخصاً له أية علاقة بالقوانين وما شاكلها. بالتالي فإن الفيلم يستكشف، وبحسب قرار مكتبة الكونغرس العديد من تقنيات بناء الإجماع والصعوبات التي تواجهها هذه المجموعة من الرجال الذين تزيد شخصياتهم من حدة الصراع من خلال تحديد أعضاء لجنة التحكيم من الذين يجبر الفيلم الجمهور على تقييم صورتهم الذاتية من خلال مراقبة شخصياتهم وخبراتهم وأفعالهم. ومهما يكن من أمر فإن ثمة إجماعاً عند النقاد عادة على اعتبار هذا الفيلم واحداً من أعظم الأفلام الأميركية التي تدور في قاعة محكمة ومن حول محاكمة تشغل الفيلم كله.
من الواقع إلى الشاشة
والحقيقة أن تأخر ظهور هذا الفيلم عدة سنوات كان من سوء حظ كاتب فرنسي كبير هو أندريه جيد الذي كان من شأنه لو رآه قبل رحيله عام 1951 أن يحس برضى عنه بل يرى أنه يحقق له انتصاراً شخصياً في معركة كان هو نفسه قد خاضها قبل ذلك بما يقرب من أربعة عقود، من دون أن يكون لا سينمائياً ولا رجل قضاء. إذ حتى وإن كان جيد (الفائز بجائزة نوبل الأدبية عام 1947) - الذي عُرف في العالم العربي بكونه قدم بشكل بديع للترجمة الفرنسية لـ"أيام" طه حسين -، قد عرف بتعمقه في مسألة العدالة والتفرقة بين موقفها من الفرد وموقفها من الجماعة، فإنه في الحقيقة حتى وإن كان قد أصدر في عام 1914 كتاباً سيضحي أساسياً بين كتبه، لم يعرف عنه دراسته للحقوق أو ما يمت إلى القضاء والمحاكم بأي صلة من الصلات، ومع ذلك سيبدو ذلك الكتاب وعنوانه "ذكريات من محكمة الجنايات" وكأن كاتبه تمرس في العمل القضائي والقوانين، وليس انطلاقاً من عنوانه وحده. بل في عمق موضوعه وتفاصيله وفكرانيته السجالية تحديداً حول فكرة العدالة وإن من موقع ما في مقاعد المحلفين التي شغل جيد يوماً واحدها ففتنته التجربة ودفعته وكان قد تجاوز الخمسين من عمره ليضع ذلك الكتاب الذي قد يبدو غريباً عن أدبه لكنه في الواقع يتماشى تماماً مع ذلك الأدب إلى درجة أن أي متفرج مثقف يشاهد، منذ عرضه الأول عام 1957 ذلك الفيلم الذي افتتحنا به هذا الكلام، سيشعر وكأن ثمة صلة أساسية بين الكتاب والفيلم.
بين محلفين حقيقيين
المهم في الموضوع، أن أندريه جيد انضمّ عام 1902 ولشهور إلى المحلّفين، طواعية، في محكمة الجنايات في مدينة روين، غرب فرنسا. والطريف أن جيد قدّم بنفسه إلى محكمة الجنايات طلب اختياره محلفاً، واضطر إلى أن ينتظر ست سنوات قبل أن يتم ذلك الاختيار. لقد دخل التجربة بحماسة شديدة، لكنه لم يخرج منها سالماً، ذهنياً وأخلاقياً. ذلك أن تلك التجربة أعطته، عن العدالة في صورة عامة، فكرة أتت متناقضة مع كل ما كان اعتقده عنها من قبل بحسب ما يخبرنا في فصول الكتاب. ولعل النقطة الأساس التي حرّكت خيبة جيد في هذا المجال، تتعلق بالعلاقة بين العدالة المطلقة - لا سيما بالمعنى الحقوقي والتقني للكلمة -، وبين العامل الإنساني. فالمحاكم، من على مقاعد المحلفين سيقول لنا جيد بوضوح أنها شيء آخر تماماً غير مقاعد المتفرجين في المحاكم نفسها.
استنتاجات صادمة
أصدر أندريه جيد إذاً هذا الكتاب عام 1914، وذلك بعد سنة من مشاركته في استفتاء نشرته صحيفة "لوبينيون" بعنوان "المحلفون يحاكمون أنفسهم". وفي تلك المشاركة، كما في الكتاب لاحقاً، توصّل جيد إلى استنتاجات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تناقض دوافعه السابقة التي كانت جعلته يرغب بعناد في أن يصبح محلفاً. فما هي هذه الاستنتاجات؟ لعلّ في الإمكان اختصارها بهذه الجملة التي ترد في التحقيق وفي الكتاب: "إنه ليحدث أحياناً لعجلة العدالة أن تتعثر"، بمعنى أن الآلة التي يجدر بها تطبيق العدالة لا تكون عادلة، وفي مجالات عدة: مثلاً في مجال اختيار المحلفين وأواليات هذا الاختيار، وكذلك في مجال الأساليب التي تتّبع في التحقيقات وجمع الأقوال، المُدينة أو المبرّئة. ولئن كان أندريه جيد ينعى الزمن الذي استُجيب فيه، أخيراً لعناده في رغبته في أن يكون محلفاً في زمن لم يعد فيه مكان للتسامح، فإنه يقف مع هذا ليطرح سؤالاً لا يبدو ظرفياً على الإطلاق، بل يتّسم بطابع جوهري: ترى، كيف يمكننا أن نلائم بين ضرورة الدفاع عن المجتمع وضرورة الدفاع عن الإنسان؟ إن جيد، في هذا السياق، يرى نفسه قادراً على أن يشهد على أوضاع يجد فيها المحلفون أنفسهم مجبرين على التصويت ضد قناعاتهم الإنسانية الخاصة، وضد مشاعرهم وإنسانيتهم، لمجرد اضطرارهم إلى مناصرة ما تصوّروا أنه العدالة، أو حتى ما أُقنعوا بأنه العدالة من طريق أسئلة تُطرح عبر ألعاب ذكية غالباً ما تتجاوز قدرتهم على التمحيص والنقد.
من هذا كله، أفلا ترانا نستخلص مع جيد أن ليس ثمة عدالة مطلقة؟ ربما. لكن هذا في الحقيقة لم يكن همّ الكاتب. لم يكن همّه البحث عن العدالة، بل عن العامل الإنساني، من منطلق وعظي أخلاقي. وهذا ما كان طبيعياً من لدن كاتب جعل من نفسه في كل كتبه، باحثاً يسعى إلى فرض الأخلاق بعد البحث عنها. إنه كاتب للأخلاق لديه منزلة مفضلة على العدالة... ويتساءل جيد: "ترى أليس من أصعب الأمور وأقساها على المحلّف أن يتمكن، ذات لحظة، من أن يكوّن لنفسه رأياً خاصاً... رأياً لا يتوافق بالضرورة مع رأي رئيس المحلفين؟". ومن ناحية أخرى، هل يكون بعيداً من الصواب أن يقول جيد أنه، في أحيان كثيرة قد يجد المحلف نفسه يحكم على مظهر المتهم الماثل أمامه من دون أن يخطر في باله أن يتعمّق أكثر، كي يعثر على ما يقبع خلف ذلك المظهر! ثم، هل يكون على صواب ذلك المحلف الذي يجرؤ على أن يصدر حكمه أمام متهم لا يبدو أن لديه حافزاً واعياً لارتكاب جريمة اتهم بارتكابها؟ فمثلاً يروي جيد: ثمة عامل زراعي اتهم بحرق مزرعة، فإذا به - دفاعاً عن نفسه - يقول: لماذا أحرقها؟ ما هو حافزي لذلك؟. وهنا لا بأس من التذكير بأن أصداء أساسية من هذا الكتاب، سنجدها لاحقاً في فصول من كتب تالية لأندريه جيد. فمثلاً مسألة "الفعل المجاني" ودوره في رسم العدالة، وقد نجدها ماثلة من خلال شخصية لانكاديد في رواية جيد التي كتبها في العام نفسه الذي كتب فيه هذا الكتاب، "أقبية الفاتيكان".
بحث عن الصواب
عاش أندريه جيد المولود والراحل في باريس، بين 1869 و1951، وكان واحداً من أكثر كتّاب جيله خصوبة وتفرداً، سواء كتب الرواية أو القصة أو كتب الذكريات أو النصوص القضائية، أو سدّد واحدة من أكبر الإدانات الفكرية إلى النظام الستاليني الذي كان مناصراً له، ولكن بعد عودته من زيارة إلى الاتحاد السوفياتي في كتابه الشهير "العودة من الاتحاد السوفياتي" (1936)، وكذلك في مساهمته مع آرثر كوستلر وإغناسيو سيلوني وستيفن سبندر (وكلهم يساريون سابقون) في كتاب "الإله الذي هوى". ومن أبرز كتب أندريه جيد الأخرى: "مزيفو العملة"، "رحلة إلى الكونغو"، "عودة من تشاد"، "الحاج"، "حدود الفن"، "الأغذية الأرضية"، إضافة إلى كتاب شهير عن أوسكار وايلد (1910) وآخر عن "دوستويفسكي" (1923) و"ملاحظات على شوبان" (1938).
في عام 2007 اختارت مكتبة الكونغرس الأميركية فيلم "12 رجلاً غاضباً" من إخراج سيدني لاميت كي يحفظ في السجل الوطني باعتباره "مهماً ثقافياً وتاريخياً وجمالياً". هو فيلم درامي أميركي مقتبس على أية حال من فيلم تلفزيوني كان قد عرض في عام 1954 ويحكي قصة هيئة محلفين مؤلفة من 12 رجلاً يتداولون في إدانة أو تبرئة مراهق متهم بالقتل على أساس شك معقول. والحال أن الخلاف والصراع بين أولئك المحلفين يجبرهم طوال زمن الفيلم على التساؤل عن أخلاقهم وقيمهم، وعن معنى أن يصدر امرئ ما حكمه على متهم لا يعرفه ومن دون أن يكون محامياً أو قاضياً أو شخصاً له أية علاقة بالقوانين وما شاكلها. بالتالي فإن الفيلم يستكشف، وبحسب قرار مكتبة الكونغرس العديد من تقنيات بناء الإجماع والصعوبات التي تواجهها هذه المجموعة من الرجال الذين تزيد شخصياتهم من حدة الصراع من خلال تحديد أعضاء لجنة التحكيم من الذين يجبر الفيلم الجمهور على تقييم صورتهم الذاتية من خلال مراقبة شخصياتهم وخبراتهم وأفعالهم. ومهما يكن من أمر فإن ثمة إجماعاً عند النقاد عادة على اعتبار هذا الفيلم واحداً من أعظم الأفلام الأميركية التي تدور في قاعة محكمة ومن حول محاكمة تشغل الفيلم كله.
من الواقع إلى الشاشة
والحقيقة أن تأخر ظهور هذا الفيلم عدة سنوات كان من سوء حظ كاتب فرنسي كبير هو أندريه جيد الذي كان من شأنه لو رآه قبل رحيله عام 1951 أن يحس برضى عنه بل يرى أنه يحقق له انتصاراً شخصياً في معركة كان هو نفسه قد خاضها قبل ذلك بما يقرب من أربعة عقود، من دون أن يكون لا سينمائياً ولا رجل قضاء. إذ حتى وإن كان جيد (الفائز بجائزة نوبل الأدبية عام 1947) - الذي عُرف في العالم العربي بكونه قدم بشكل بديع للترجمة الفرنسية لـ"أيام" طه حسين -، قد عرف بتعمقه في مسألة العدالة والتفرقة بين موقفها من الفرد وموقفها من الجماعة، فإنه في الحقيقة حتى وإن كان قد أصدر في عام 1914 كتاباً سيضحي أساسياً بين كتبه، لم يعرف عنه دراسته للحقوق أو ما يمت إلى القضاء والمحاكم بأي صلة من الصلات، ومع ذلك سيبدو ذلك الكتاب وعنوانه "ذكريات من محكمة الجنايات" وكأن كاتبه تمرس في العمل القضائي والقوانين، وليس انطلاقاً من عنوانه وحده. بل في عمق موضوعه وتفاصيله وفكرانيته السجالية تحديداً حول فكرة العدالة وإن من موقع ما في مقاعد المحلفين التي شغل جيد يوماً واحدها ففتنته التجربة ودفعته وكان قد تجاوز الخمسين من عمره ليضع ذلك الكتاب الذي قد يبدو غريباً عن أدبه لكنه في الواقع يتماشى تماماً مع ذلك الأدب إلى درجة أن أي متفرج مثقف يشاهد، منذ عرضه الأول عام 1957 ذلك الفيلم الذي افتتحنا به هذا الكلام، سيشعر وكأن ثمة صلة أساسية بين الكتاب والفيلم.
بين محلفين حقيقيين
المهم في الموضوع، أن أندريه جيد انضمّ عام 1902 ولشهور إلى المحلّفين، طواعية، في محكمة الجنايات في مدينة روين، غرب فرنسا. والطريف أن جيد قدّم بنفسه إلى محكمة الجنايات طلب اختياره محلفاً، واضطر إلى أن ينتظر ست سنوات قبل أن يتم ذلك الاختيار. لقد دخل التجربة بحماسة شديدة، لكنه لم يخرج منها سالماً، ذهنياً وأخلاقياً. ذلك أن تلك التجربة أعطته، عن العدالة في صورة عامة، فكرة أتت متناقضة مع كل ما كان اعتقده عنها من قبل بحسب ما يخبرنا في فصول الكتاب. ولعل النقطة الأساس التي حرّكت خيبة جيد في هذا المجال، تتعلق بالعلاقة بين العدالة المطلقة - لا سيما بالمعنى الحقوقي والتقني للكلمة -، وبين العامل الإنساني. فالمحاكم، من على مقاعد المحلفين سيقول لنا جيد بوضوح أنها شيء آخر تماماً غير مقاعد المتفرجين في المحاكم نفسها.
استنتاجات صادمة
أصدر أندريه جيد إذاً هذا الكتاب عام 1914، وذلك بعد سنة من مشاركته في استفتاء نشرته صحيفة "لوبينيون" بعنوان "المحلفون يحاكمون أنفسهم". وفي تلك المشاركة، كما في الكتاب لاحقاً، توصّل جيد إلى استنتاجات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تناقض دوافعه السابقة التي كانت جعلته يرغب بعناد في أن يصبح محلفاً. فما هي هذه الاستنتاجات؟ لعلّ في الإمكان اختصارها بهذه الجملة التي ترد في التحقيق وفي الكتاب: "إنه ليحدث أحياناً لعجلة العدالة أن تتعثر"، بمعنى أن الآلة التي يجدر بها تطبيق العدالة لا تكون عادلة، وفي مجالات عدة: مثلاً في مجال اختيار المحلفين وأواليات هذا الاختيار، وكذلك في مجال الأساليب التي تتّبع في التحقيقات وجمع الأقوال، المُدينة أو المبرّئة. ولئن كان أندريه جيد ينعى الزمن الذي استُجيب فيه، أخيراً لعناده في رغبته في أن يكون محلفاً في زمن لم يعد فيه مكان للتسامح، فإنه يقف مع هذا ليطرح سؤالاً لا يبدو ظرفياً على الإطلاق، بل يتّسم بطابع جوهري: ترى، كيف يمكننا أن نلائم بين ضرورة الدفاع عن المجتمع وضرورة الدفاع عن الإنسان؟ إن جيد، في هذا السياق، يرى نفسه قادراً على أن يشهد على أوضاع يجد فيها المحلفون أنفسهم مجبرين على التصويت ضد قناعاتهم الإنسانية الخاصة، وضد مشاعرهم وإنسانيتهم، لمجرد اضطرارهم إلى مناصرة ما تصوّروا أنه العدالة، أو حتى ما أُقنعوا بأنه العدالة من طريق أسئلة تُطرح عبر ألعاب ذكية غالباً ما تتجاوز قدرتهم على التمحيص والنقد.
من هذا كله، أفلا ترانا نستخلص مع جيد أن ليس ثمة عدالة مطلقة؟ ربما. لكن هذا في الحقيقة لم يكن همّ الكاتب. لم يكن همّه البحث عن العدالة، بل عن العامل الإنساني، من منطلق وعظي أخلاقي. وهذا ما كان طبيعياً من لدن كاتب جعل من نفسه في كل كتبه، باحثاً يسعى إلى فرض الأخلاق بعد البحث عنها. إنه كاتب للأخلاق لديه منزلة مفضلة على العدالة... ويتساءل جيد: "ترى أليس من أصعب الأمور وأقساها على المحلّف أن يتمكن، ذات لحظة، من أن يكوّن لنفسه رأياً خاصاً... رأياً لا يتوافق بالضرورة مع رأي رئيس المحلفين؟". ومن ناحية أخرى، هل يكون بعيداً من الصواب أن يقول جيد أنه، في أحيان كثيرة قد يجد المحلف نفسه يحكم على مظهر المتهم الماثل أمامه من دون أن يخطر في باله أن يتعمّق أكثر، كي يعثر على ما يقبع خلف ذلك المظهر! ثم، هل يكون على صواب ذلك المحلف الذي يجرؤ على أن يصدر حكمه أمام متهم لا يبدو أن لديه حافزاً واعياً لارتكاب جريمة اتهم بارتكابها؟ فمثلاً يروي جيد: ثمة عامل زراعي اتهم بحرق مزرعة، فإذا به - دفاعاً عن نفسه - يقول: لماذا أحرقها؟ ما هو حافزي لذلك؟. وهنا لا بأس من التذكير بأن أصداء أساسية من هذا الكتاب، سنجدها لاحقاً في فصول من كتب تالية لأندريه جيد. فمثلاً مسألة "الفعل المجاني" ودوره في رسم العدالة، وقد نجدها ماثلة من خلال شخصية لانكاديد في رواية جيد التي كتبها في العام نفسه الذي كتب فيه هذا الكتاب، "أقبية الفاتيكان".
بحث عن الصواب
عاش أندريه جيد المولود والراحل في باريس، بين 1869 و1951، وكان واحداً من أكثر كتّاب جيله خصوبة وتفرداً، سواء كتب الرواية أو القصة أو كتب الذكريات أو النصوص القضائية، أو سدّد واحدة من أكبر الإدانات الفكرية إلى النظام الستاليني الذي كان مناصراً له، ولكن بعد عودته من زيارة إلى الاتحاد السوفياتي في كتابه الشهير "العودة من الاتحاد السوفياتي" (1936)، وكذلك في مساهمته مع آرثر كوستلر وإغناسيو سيلوني وستيفن سبندر (وكلهم يساريون سابقون) في كتاب "الإله الذي هوى". ومن أبرز كتب أندريه جيد الأخرى: "مزيفو العملة"، "رحلة إلى الكونغو"، "عودة من تشاد"، "الحاج"، "حدود الفن"، "الأغذية الأرضية"، إضافة إلى كتاب شهير عن أوسكار وايلد (1910) وآخر عن "دوستويفسكي" (1923) و"ملاحظات على شوبان" (1938).
نيسان ـ نشر في 2023-03-15 الساعة 20:47
رأي: إبراهيم العريس