اتصل بنا
 

عزوف عن الزواج وارتفاع نسب الطلاق في الكرك ..وخبراء ينادون بـ(التيسير)

نيسان ـ نشر في 2023-03-26 الساعة 11:27

x
نيسان ـ «لا أستطيع الباءة، تكاليف الزواج مرهقة »..بهذه العبارة اجابني الشاب خالد (36) عاما عندما بادرته بالسؤال عن سر تأخره عن الزواج، وقال: انا شاب اعمل بوظيفة ادارية في القطاع الخاص منذ (6) سنوات براتب (400) دينار شهريا، عانيت الكثير حتى استطعت تأمين فرصة العمل وحصلت عليها بعد تخرجي من الجامعة بسنوات، وقررت الزواج مرتين الاولى تم رفضي لتواضع دخلي، والثانية آثرت الانسحاب بعد ان اثقل اهل الفتاة كاهلي بمطالب لا اقوى على الوفاء بها حتى ولو اعانني الاهل واستدنت.
واضاف: حالتي ليست الوحيدة، فانا وامثالي كثيرون من شباب الكرك، فاصبح الزواج بالنسبة لنا غاية صعبة المنال، فضيق ذات اليد والظروف ومغالاة الكثير من الاسر بالمهور ومتطلبات الزواج ومجاراة الآخرين، تحتم على الشباب العزوف عن الزواج.
وقال الشاب الاربعيني مصعب الذي يعمل موظفا بالقطاع الحكومي: تقدمت قبل اربع سنوات وبعد الحاح من والدتي لخطبة فتاة وقبلنا بشروط اهلها، رغم إدراكي انها تفوق قدرتي المالية ولكن حاول البعض اقناعي ان ما يكتب بعقد الزواج مجرد وعود لحين ميسرة، مضيفا: أتممنا مراسم الخطوبة التي تمت على نطاق ضيق بمصاريف مقبولة نوعا ما، ومرت الشهور وبدأنا التحضير للزواج بما تيسر لي من مال كنت قد ادخرته من عملي كما قدمت لي والدتي مساعدة مالية كانت قد خبأتها لمثل هذا اليوم.
واضاف: لكن المفاجأة كانت عندما طالب اهل الفتاة بكل ما تم تدوينه بالعقد من مهر وتوابعه من اثاث فاخر ومصاغات ذهبية باهظة وحفلة وشقة بمواصفات محددة وربطوا اتمام الزواج بتوفير المتطلبات المنصوص عليها بالعقد، وهنا قال مصعب: أصبحت امام خيارين اما ان ارضخ لطلبات الاهل واسعى بشتى السبل لتوفير مبلغ مالي باللجوء الى احد البنوك او المؤسسات الاقراضية او انهاء الخطوبة وهو ما آثرته رغم ما تحملته من تبعات مالية ونفسية.
الشاب عمر الحباشنة (28) عاما قال: انه لن يفكر حاليا بالزواج في ظل عادات وتقاليد اجتماعية لا زالت تحكم ظروف الزواج والتي تؤطرها ظروف اقتصادية ومتطلبات معيشة تزداد صعوبة من عام لآخر، فالشاب يتخرج من الجامعة ليبدأ رحلة البحث عن وظيفة وان وجدها فالراتب متواضع يذهب جلّه كاقساط للبنوك تترتب عليه جراء التزامات مالية تفرضها متطلبات الحياة.
واضاف ان ما نشهده من تنام في حالات العزوف عن الزواج يخلف مخاطر اجتماعية ونفسية بتنا نلمسها، داعيا اولياء الامور الى تيسير امور الزواج امتثالا لتعاليم الشريعة الاسلامية وقول رسولنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم «اقلكن مهرا اكثركن بركة».
ويقول الشاب علي المبيضين: ليست تكاليف الزواج الباهظة وحدها العائق امامنا، فتأمين عش الزوجية امر لا يمكن تجاوزه فارتفاع اسعار ايجار الشقق السكنية والمعروضة للبيع يفوق قدرة الكثير من الشباب المقبلين على الزواج بحكم تدني سقوف رواتبهم الشهرية خاصة ومعظمهم من موظفي القطاع العام.
وطالب بتقديم تسهيلات مالية وقروض للشباب المقبلين على الزواج، وان تبادر الحكومة بإنشاء صندوق للزواج وفق تعليمات محددة تسمح لرجال الاعمال والمقتدرين والشركات الكبرى المساهمة فيه لتسهيل اجراءات الزواج، بحيث يتم منح الشباب سلفا مالية تقسط على سنوات طويلة اضافة الى اقامة مشروعات اسكانية للشباب.
وتدلل الارقام الصادرة عن دائرة قاضي القضاة على حجم ظاهرة العزوف عن الزوج في محافظة الكرك، حيث بلغت نسبة حالات الزواج العادي والمكرر التي سجلت لدى المحاكة الشرعية في المحافظة خلال العام الماضي(2،9) بالمئة، وبواقع (1874) حالة، وهذا الرقم يضع المحافظة في ذيل القائمة بين محافظات المملكه الاخرى اذا ما تم مقارنة اجمالي حالات الزواج بعدد سكان المحافظة الكلي والمقدر بـ(366700) الف نسمة لتصل النسبة الى (5،1) بالمئة.
وبحسب مختصين اجتماعيين ونفسيين ورجال دين في الكرك، فإن ارتفاع سن الزواج والطلاق قبل اتمام الزواج، اصبحت ظاهرة مقلقة تقود الى تبعات اجتماعية واخلاقية في ظل اوضاع اقتصادية يسودها الفقر والبطالة وتدني مستويات الدخل اضافة الى سيطرة وسائل التكنولوجيا الحديثة بمختلف اشكالها بما تبثه من افكار بعيدة عن قيمنا الاسلامية ومجتمعنا العربي والتي أصبحت تهدد بناء الاسرة.
محادين: أولويات الزواج آخذة بالتراجع
وقال استاذ علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤته الدكتور حسين محادين: إن المجتمع الاردني يمر بارتفاع نسب البطالة والفقر والظروف الاقتصادية الصعبة من جهة، ومن جهة اخرى ضعف العلاقات الاجتماعية داخل الاسرة الواحدة اضافة لبروز نوع من الفتور لدى الشباب المستهدفين من الزواج لانشاء اسرة شرعية، مضيفا انه بتفاعل هذه العوامل يضاف اليها متطلبات الاهل المبالغ فيها ظهرت مجموعة من القيم الفردية الحرة اضعفت اتجاهات الشباب نحو الزواج.
واضاف: ان اولويات الزواج كغريزة وضرورة أخذه بالتراجع في الاردن ولم تقتصر على المقبلين على الزواج وانما على المتزوجين ايضا بدليل ارتفاع نسب الطلاق مشيرا الى ان وسائل التكنولوجيا البصرية بما وفرته من فرص تواصل بكافة اللغات وبوسائل عابرة للجغرافيا اعطت الشباب من الجنسين نوعا من الاشباع البديل عما كانت توفره الاسرة اضافة لظهور مؤسسات وسيطة تقدم خدمات الجنس تنافس الاسرة ككينونة شرعية، كل ذلك ادى بحسب المحادين ادى لظهور الاحصاءات المخيفة الي تحمل جرس انذار بان الاسره فكرة وواقعا مهددة بتلاش او ضمور، مبينا ان الم?تمعات عموما آخذة بالتاثر بانماط عيش المجتمعات الغربية رغم اننا مجتمع عربي مسلم محافظ الامر الذي يستوجب اجراء دراسات معمقة تشخص حجم المشكلة وتجترح الحلول للتصدي لابعادها الكارثة على المجتمع.
ويرى ان اقناع الوالدين بتسهيل شروط الزواج في مجتمع يعاني من ارتفاع نسب البطالة والفقر من ابرز الحلول، فيما يستوجب على الحكومات المسارعة باقامة مشاريع تنموية وتسهيل التحاق الشباب بسوق العمل ومراعاة الظروف الاقتصادية الضاغطة وممارسة سلطتها على المؤسسات المالية لتخفيض فوائد شروط الاستدانة منها كجزء من تخفيف الاعباء والمتطلبات المالية في الوقت الذي يتوجب على وسائل الاعلام التركيز على اهمية حماية بناء الاسرة وضمان استمراريتها لحياة المجتمع لكون الاسرة جدارها الديني والحضاري الاخير في وجه اطروحات واجراءات العولم? التي ترى باهمية تذويب الاسرة وسيادة العلاقات الثنائية خارج أي اطار.
الكركي:العزوف عن الزواج يخلق آزمات نفسية واجتماعية وآخلاقية
من جانبها، قالت استاذة علم النفس التربوي ومديرة مركز الملكة رانيا العبدالله للدراسات التربوية والنفسية بجامعة مؤتة الدكتورة وجدان الكركي يقوم بناء الأسرة السليمة على أسس عاطفية ومعرفية وروحية تحقق المودة ويضمن قيامها بدورها كلبنة أساسية لبناء المجتمع.
واضافت ان عزوف الشباب عن الزواج يمثل أزمة نفسية واجتماعية وأخلاقية حيث أن السواء النفسي يتحقق بالإشباع العاطفي والغريزي من خلال الزواج الذي يسهم في توجيه الشباب والشابات لمتابعة مسيرتهم في بناء المجتمع نظرا لتوفر الاستقرار العاطفي.
وبينت ان الظروف الاقتصادية السبب الأول ‏لعزوف الشباب ولتكاليف الزواج الباهظة التي يتحملها بالكامل الزوج في المجتمع الأردني، كما أسهم التطور التكنولوجي والانفتاح على الحضارات الأخرى والميل إلى التقليد الأعمى حيث يمثل المزيد من العبء المادي والنفسي على المقبلين على الزواج، مما قد يدفع الشباب إلى اللجوء إلى القروض التي تثقل كاهل الزوجين في بداية حياتهم الأسرية محفزة للخلافات الأسرية حيث يلاحظ ارتفاع نسبة الطلاق.
واشارت الكركي الى ان العزوف عن الزواج يتبعه مشاكل عاطفية وانفعالية ونفسية واجتماعية مما يتطلب توفير الحلول لمواجهة ذلك، ومنها مكافحة البطالة وتوفير الفرص الملائمة للشباب والفتيات واستغلال طاقاتهم من خلال المشاريع الانتاجية التي ترفد الوطن اقتصاديا، وقد يتحقق ذلك كما قالت من خلال التشجيع على العمل من المرحلة المدرسية بحيث تتضمن المناهج المدرسية التدريب على العمل والمهن كجزء أساسي من اليوم المدرسي والتخفيف من المناهج النظرية وتشجيع النوادي المدرسية المحفزة للعمل والانتاج، وأن تتضمن متطلبات النجاح في المرحلة ?لثانوية أن يعمل الطلبة في العطل المدرسية للتعود على الاعتماد على النفس.
مفتى الكرك: الزواج يحصن من الفواحش ويحقق الأمن الاجتماعي
بدوره قال مفتى الكرك الدكتور وليد الذنيبات ان الاسلام رغب وسن للشباب والفتيات الزواج وشرع الوسائل والأمور التي تعين على تحقيقه لقول الله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،مضيفا ان الله شرع الزواج لأنه يحقق الاستقرار النفسي والأنس والمودة بين الزوجين وينشر المحبة بين أفراد المجتمع ويقوي الأواصر بين الأسر ويحصن الشباب من الفواحش والشهوات كما يحقق الأمن الإجتماع? للمجتمع ويساعد على تطوره وتقدمه.
ورد الذنيبات العزوف والتباطؤ في الزواج الى حاجة الشاب إلى وقت طويل للوصول إلى الاستقرار المادي المطلوب للعيش في حياة زوجية، وأسرية في ظل غلاء مهور البعض، وتكاليف حفلات الزواج فضلاً عن الرغبة في إكمال الدراسة والحصول على شهادات عليا، ومن الأسباب كذلك المخاوف من المستقبل وكثرة الخلافات والطلاق، ورغبة الشاب أو الفتاة فيمن يماثله في المستوى التعليمي والاجتماعي.
واكد ان العزوف العام عن الزواج مع وجود الرغبة والقدرة عليه حرام، وهو سبب للفساد، وطريق إلى انتشار الشرور في المجتمعات، فمن كان يخشى العالة والفقر، ولا يملك من النفقة ما يمكنه من القيام على شؤون الأسرة، فعليه بالقناعة والسداد من العيش، وحسن الظن بالله عز وجل، موضحا ان النبي -صلى الله عليه وسلم- بين السبيل لمن عجز عن الزواج، ففي صحيح البخاري عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- شبابا لا نجد شيئا، فقال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا معشر الشباب، من استطاع الباءة، فليتزوج؛?فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع؛ فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء »، مؤكدا على دور الحكومة مؤسسات المجتمع والدعاة في تشجيع الزواج وتيسير أسبابه.

الرأي

نيسان ـ نشر في 2023-03-26 الساعة 11:27

الكلمات الأكثر بحثاً