خطأ الصين الإستراتيجي الأخير
نيسان ـ نشر في 2023-04-05 الساعة 02:08
نيسان ـ تقاربت الصين مؤخرا مع روسيا على وقع المواجهات الاخيرة بينها وبين الولايات المتحدة. التقارب الروسي الصيني من حيث المضمون لم تتضح تفاصيله بعد، ولكن من حيث الشكل حرص الطرفان على اظهار بذور لتحالف عميق، يعبر عن مصالح مشتركة واجندات تقارب منطقية، تحافظ على مصالح البلدين في مواجهة تهديدات هذه المصالح من قبل العالم الغربي وبعض الدول الاسيوية. التقارب الاخير مهم والارجح استراتيجي، يجب ان يقرأ بتأن وضمن سياقه التاريخي الصحيح، معناه ان الصين بدأت تتلمس ضغطا غربيا لم تعد تقوى على مقاومته، وانها تريد ان تخفف او توقف هذا الضغط عن طريق التقارب مع روسيا وهو ما احجمت الصين عن فعله من قبل عندما رفضت التحالف مع روسيا في حربها في اوكرانيا.
التغيير في السلوك الصيني له مسبباته ومسوغاته حيث الضغوط الاقتصادية الشديدة على الصين من الغرب ضمن استراتيجية التنافس الاستراتيجي التي تهدف لإحداث التفوق على الصين استراتيجيا واقتصاديا من خلال التركيز على نقاط ضعفها الاقتصادية منها: انتهاك الصين لحقوق الملكية الفكرية، ومواجهة سلوكها غير السوي بتحديد اسعار عملتها بشكل منخفض ما سمح لها بتصدير السلع والخدمات بأسعار اقل، بالإضافة الى سلوكياتها في دعم شركاتها ما يخرق مبدأ التنافس الحر. هذه بعض من عوامل الضعف الاقتصادية الصينية يبدو ان الغرب قرر الدخول منها لإضعاف ومواجهة الصين اقتصاديا. الغرب تسامح تاريخيا اي سمح للصين بكل هذه التجاوزات لأسباب استراتيجية مرتبطة بالحرب الباردة، ولان احدا لم يكن يتوقع ان تصل الصين لتكون ثاني اكبر اقتصاد بالعالم، أما وكلا الامرين لم يعودا واقعا، فالأرجح ان العلاقة مع الصين ستدخل مساحة المواجهة والاضعاف ضمن اطار التنافس الاستراتيجي، ولن يسمح للصين ما كان يسمح لها بالسابق.
من وحي هذه الصورة لتقييم واقع الحال، يجب ان نقرأ الانفتاح الصيني الاخير على روسيا، وهذا بتقديري خطأ استراتيجي يتجاهل التاريخ وحقائق الميدان، وهو خروج عن سياسية الصين العميقة التاريخية فيما يعرف “بالنمو السلمي” اي النمو وبناء الاقتصاد بسلام دون مواجهات او نزاعات او صراعات، فكانت الصين مبتعدة تماما عن اي منافسات دولية مع الغرب، لا تريد ذلك ولا ترغب به، وركزت بالمقابل على بناء الاقتصاد والتكنولوجيا، ما جعلها عملاقا اقتصاديا. الصين بانفتاحها على روسيا تغادر هذه السياسة، وتبدأ مرحلة جديدة من المواجهة والاشتباك، وهذا سيوجه ادوات الغرب نحو اضعافها على عكس السابق عندما كانت ادوات الغرب محايدة لا تريد ولا ترغب في اضعاف الصين. ما قامت به الصين خروج عن قرارها الاستراتيجي الانزياح للغرب والاقتصاد العالمي منذ زيارة نكسون الشهيرة في سبعينيات القرن الماضي. الزيارة كانت عبقرية ابعدت الصين الشيوعية عن الاتحاد السوفيتي، وهي قرار عبقري صيني ايضا اختار الجانب الصحيح من التاريخ وانحاز للبناء والتقدم لا التنافس العالمي الاستراتيجي المكلف. انحياز الصين الاخير لصالح روسيا خروج عن عقود من السياسة الصينية في البناء السلمي، وهي بذلك تدخل مضمار التنافس السياسي والاستراتيجي وهما ميدانان سيرهقانها ماليا واقتصاديا.
(الغد)
التغيير في السلوك الصيني له مسبباته ومسوغاته حيث الضغوط الاقتصادية الشديدة على الصين من الغرب ضمن استراتيجية التنافس الاستراتيجي التي تهدف لإحداث التفوق على الصين استراتيجيا واقتصاديا من خلال التركيز على نقاط ضعفها الاقتصادية منها: انتهاك الصين لحقوق الملكية الفكرية، ومواجهة سلوكها غير السوي بتحديد اسعار عملتها بشكل منخفض ما سمح لها بتصدير السلع والخدمات بأسعار اقل، بالإضافة الى سلوكياتها في دعم شركاتها ما يخرق مبدأ التنافس الحر. هذه بعض من عوامل الضعف الاقتصادية الصينية يبدو ان الغرب قرر الدخول منها لإضعاف ومواجهة الصين اقتصاديا. الغرب تسامح تاريخيا اي سمح للصين بكل هذه التجاوزات لأسباب استراتيجية مرتبطة بالحرب الباردة، ولان احدا لم يكن يتوقع ان تصل الصين لتكون ثاني اكبر اقتصاد بالعالم، أما وكلا الامرين لم يعودا واقعا، فالأرجح ان العلاقة مع الصين ستدخل مساحة المواجهة والاضعاف ضمن اطار التنافس الاستراتيجي، ولن يسمح للصين ما كان يسمح لها بالسابق.
من وحي هذه الصورة لتقييم واقع الحال، يجب ان نقرأ الانفتاح الصيني الاخير على روسيا، وهذا بتقديري خطأ استراتيجي يتجاهل التاريخ وحقائق الميدان، وهو خروج عن سياسية الصين العميقة التاريخية فيما يعرف “بالنمو السلمي” اي النمو وبناء الاقتصاد بسلام دون مواجهات او نزاعات او صراعات، فكانت الصين مبتعدة تماما عن اي منافسات دولية مع الغرب، لا تريد ذلك ولا ترغب به، وركزت بالمقابل على بناء الاقتصاد والتكنولوجيا، ما جعلها عملاقا اقتصاديا. الصين بانفتاحها على روسيا تغادر هذه السياسة، وتبدأ مرحلة جديدة من المواجهة والاشتباك، وهذا سيوجه ادوات الغرب نحو اضعافها على عكس السابق عندما كانت ادوات الغرب محايدة لا تريد ولا ترغب في اضعاف الصين. ما قامت به الصين خروج عن قرارها الاستراتيجي الانزياح للغرب والاقتصاد العالمي منذ زيارة نكسون الشهيرة في سبعينيات القرن الماضي. الزيارة كانت عبقرية ابعدت الصين الشيوعية عن الاتحاد السوفيتي، وهي قرار عبقري صيني ايضا اختار الجانب الصحيح من التاريخ وانحاز للبناء والتقدم لا التنافس العالمي الاستراتيجي المكلف. انحياز الصين الاخير لصالح روسيا خروج عن عقود من السياسة الصينية في البناء السلمي، وهي بذلك تدخل مضمار التنافس السياسي والاستراتيجي وهما ميدانان سيرهقانها ماليا واقتصاديا.
(الغد)
نيسان ـ نشر في 2023-04-05 الساعة 02:08
رأي: د.محمد المومني