معقول هذه صورة مجتمعنا؟
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2023-04-11 الساعة 01:59
نيسان ـ هل تعكس الدراما الأردنية و برامج «التوك شو « التلفزيونية حقيقة المجتمع الأردني وطبيعته؟
الإجابة، في تقديري، «لا كبيرة»، معظم هذه الأعمال الجديدة و المتجددة، تصر على تقديم صورة نمطية متخلفة للمجتمع الأردني، أقرب ما تكون إلى «الهلفوت «، الذي يثير الضحك والسخرية، وربما الشفقة أحيانا، وسواء أكان ذلك بقصد او بدون قصد، فإن النتيجة واحدة، مجتمع مسطّح ومنفعل يتحدث بلهجة غير لائقة، وأردنيون مازالوا يعيشون في القرون الوسطى، الدراما -هنا- للأسف تفرز منا أسوأ ما فينا، وتتسلى بإضحاكنا على انفسنا، وتستميت بطمس هويتنا، وإبراز عيوبنا وتضخيمها، وتقديمها وكأننا ( آسف ) مجاميع من «المغفلين».
أقدّر، سلفا، عتب الكثير من أصدقائي الفنانين، وأفهم اضطرار بعض الشاشات المحلية لعرض مثل هذه الأعمال، وأعرف -تماما - أن بعضها يستقطب مشاهدات وإعجابات كبيرة، كما أدرك أننا نعيش في عصر «التفاهة «، حيث تزدهر الأسواق، وربما الأذواق، بمثل هذه العروض، لكن ما يجب أن أقوله هو أن صورة مجتمعنا ليست كما نراها في هذه الدراما التي تحتشد على شاشاتنا، كما أن وظيفة الفن لا يجوز أن «تتقزم» لتؤدي أدوارا بمثل هذا المستوى من الرداءة، بل الواجب أن ترتقي بنا، وتعكس ما لدينا من جماليات وإبداعات، وما يشهده مجتمعنا من تطورات، تستحق الاحتفاء والنقاش أيضا.
أخطر ما تفعله هذه الدراما هو أنها تستهين بمجتمعنا، وتتعامل معنا كمتلقين بلهاء، لا نمتلك المعرفة ولا الذائقة الجمالية والفنية، ولا نبحث عنهما، ثم أنها تتعمد تكريس انطباع عام غارق بالتهكم مما نفعله بأنفسنا، وما يفعله الآخرون بنا، فيما الحقيقة أن مجتمعنا من أكثر المجتمعات وعيا وتعليما وثقافة، وانفتاحا على العالم، كما أن لدى الأردنيين نماذج ملهمة، حظيت باحترامنا واحترام الآخرين، جراء ما قدمته من إنجازات بكافة المجالات.
للأسف، لا تقدم لنا الدراما المحلية صورة الأردني البطل الذي يضحي من أجل أسرته وبلده، لا تقدم لنا صورة الشباب الذين نجحوا بإقامة مشروعات عالمية، في مجال التقنية والزراعة والصناعة والإعلام.. الخ، لا تقدم لنا صورة المرأة الأردنية، المعلمة والمهندسة والطبيبة وربة البيت، التي أنجزت و حازت على أرفع الدرجات والجوائز، لا تقدم لنا هذا الفضاء الأردني الرحب والجميل، وإنما تحفر في الزوايا المعتمة لتقدم لنا عجزنا ويأسنا وظلامنا، وكل ما يستخف بعقولنا، ويستهزئ بإنجازاتنا.
لا يهم أن يكون ذلك صدفة أم بفعل فاعل، المهم أن لدى الأردنيين أسئلة كبرى يمكن للدراما، وبرامج التلفزة، أن تناقشها، كما يوجد لديهم قضايا وهموم وإنجازات يفترض أن تكون حاضرة أمامنا في مرآة الدراما، ليس لتحسين الصورة، وإنما لصناعتها بأمانة ومسؤولية وحرفية، خذ -مثلا -أسئلة الحرية والعدالة، قضايا البطالة والفقر، تاريخنا المزدحم بالإنجازات، شبابنا الذين أبدعوا في الداخل والخارج، معاركنا التي خاضها عسكرنا النشامى وانتصروا فيها، مئات المراقد والأضرحة لانبياء وفاتحين وصحابة، مرّوا او استقروا في بلدنا.
معقول ان لا نجد في هذه الدراما صورة أو لهجة او بصمة لمجتمعنا المزدحم بالخيرات، ولأبنائنا الأردنيين الذين أوصلتهم كفاءاتهم العلمية لأقصى الأرض، معقول أن يكون الأبطال الذين يتقافزون على شاشات الدراما، ويمثلون الأردنيين، بمثل هذه السخافة، معقول أن تكون شخصيتنا الوطنية صورة مطابقة «للهلفوت «، او نموذجا مكررا «للفهلوي»، معقول أن بلادنا عقمت عن ولادة أردني راق وملهم، يستحق الاحترام ؟
أبدا، هذا غير صحيح، لكن يا خسارة، ثمة من يريد أن يرانا كذلك، أو أن يقنعنا، أيضا، أننا كذلك.
(الدستور)
الإجابة، في تقديري، «لا كبيرة»، معظم هذه الأعمال الجديدة و المتجددة، تصر على تقديم صورة نمطية متخلفة للمجتمع الأردني، أقرب ما تكون إلى «الهلفوت «، الذي يثير الضحك والسخرية، وربما الشفقة أحيانا، وسواء أكان ذلك بقصد او بدون قصد، فإن النتيجة واحدة، مجتمع مسطّح ومنفعل يتحدث بلهجة غير لائقة، وأردنيون مازالوا يعيشون في القرون الوسطى، الدراما -هنا- للأسف تفرز منا أسوأ ما فينا، وتتسلى بإضحاكنا على انفسنا، وتستميت بطمس هويتنا، وإبراز عيوبنا وتضخيمها، وتقديمها وكأننا ( آسف ) مجاميع من «المغفلين».
أقدّر، سلفا، عتب الكثير من أصدقائي الفنانين، وأفهم اضطرار بعض الشاشات المحلية لعرض مثل هذه الأعمال، وأعرف -تماما - أن بعضها يستقطب مشاهدات وإعجابات كبيرة، كما أدرك أننا نعيش في عصر «التفاهة «، حيث تزدهر الأسواق، وربما الأذواق، بمثل هذه العروض، لكن ما يجب أن أقوله هو أن صورة مجتمعنا ليست كما نراها في هذه الدراما التي تحتشد على شاشاتنا، كما أن وظيفة الفن لا يجوز أن «تتقزم» لتؤدي أدوارا بمثل هذا المستوى من الرداءة، بل الواجب أن ترتقي بنا، وتعكس ما لدينا من جماليات وإبداعات، وما يشهده مجتمعنا من تطورات، تستحق الاحتفاء والنقاش أيضا.
أخطر ما تفعله هذه الدراما هو أنها تستهين بمجتمعنا، وتتعامل معنا كمتلقين بلهاء، لا نمتلك المعرفة ولا الذائقة الجمالية والفنية، ولا نبحث عنهما، ثم أنها تتعمد تكريس انطباع عام غارق بالتهكم مما نفعله بأنفسنا، وما يفعله الآخرون بنا، فيما الحقيقة أن مجتمعنا من أكثر المجتمعات وعيا وتعليما وثقافة، وانفتاحا على العالم، كما أن لدى الأردنيين نماذج ملهمة، حظيت باحترامنا واحترام الآخرين، جراء ما قدمته من إنجازات بكافة المجالات.
للأسف، لا تقدم لنا الدراما المحلية صورة الأردني البطل الذي يضحي من أجل أسرته وبلده، لا تقدم لنا صورة الشباب الذين نجحوا بإقامة مشروعات عالمية، في مجال التقنية والزراعة والصناعة والإعلام.. الخ، لا تقدم لنا صورة المرأة الأردنية، المعلمة والمهندسة والطبيبة وربة البيت، التي أنجزت و حازت على أرفع الدرجات والجوائز، لا تقدم لنا هذا الفضاء الأردني الرحب والجميل، وإنما تحفر في الزوايا المعتمة لتقدم لنا عجزنا ويأسنا وظلامنا، وكل ما يستخف بعقولنا، ويستهزئ بإنجازاتنا.
لا يهم أن يكون ذلك صدفة أم بفعل فاعل، المهم أن لدى الأردنيين أسئلة كبرى يمكن للدراما، وبرامج التلفزة، أن تناقشها، كما يوجد لديهم قضايا وهموم وإنجازات يفترض أن تكون حاضرة أمامنا في مرآة الدراما، ليس لتحسين الصورة، وإنما لصناعتها بأمانة ومسؤولية وحرفية، خذ -مثلا -أسئلة الحرية والعدالة، قضايا البطالة والفقر، تاريخنا المزدحم بالإنجازات، شبابنا الذين أبدعوا في الداخل والخارج، معاركنا التي خاضها عسكرنا النشامى وانتصروا فيها، مئات المراقد والأضرحة لانبياء وفاتحين وصحابة، مرّوا او استقروا في بلدنا.
معقول ان لا نجد في هذه الدراما صورة أو لهجة او بصمة لمجتمعنا المزدحم بالخيرات، ولأبنائنا الأردنيين الذين أوصلتهم كفاءاتهم العلمية لأقصى الأرض، معقول أن يكون الأبطال الذين يتقافزون على شاشات الدراما، ويمثلون الأردنيين، بمثل هذه السخافة، معقول أن تكون شخصيتنا الوطنية صورة مطابقة «للهلفوت «، او نموذجا مكررا «للفهلوي»، معقول أن بلادنا عقمت عن ولادة أردني راق وملهم، يستحق الاحترام ؟
أبدا، هذا غير صحيح، لكن يا خسارة، ثمة من يريد أن يرانا كذلك، أو أن يقنعنا، أيضا، أننا كذلك.
(الدستور)
نيسان ـ نشر في 2023-04-11 الساعة 01:59
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي