اتصل بنا
 

حزن من نوع خاص

نيسان ـ نشر في 2023-05-05 الساعة 22:45

حزن من نوع خاص ـ بقلم:
نيسان ـ ودعنا منذ يومين صديقَنا يوسف سميرات.
رحيل يوسف دفع بقوة كتلة كبيرة من الذكريات لا يعرف مادة صنعها إلا من عاش مثلها. لقد أدخلَنا العمل الحزبي السابق في علاقات تبدو اليوم غريبة. وإذا كانت تلك العلاقات انتهت كتجربة سياسية، إلا أنها كتجربة انسانية جماعية تحتاج للكثير من التأمل، فمن لم يعش مثلها فقد فاته الكثير.
كان يحصل مثلا أن تتطلب ظروف العمل الحزبي أن تتعرف على رفيق جديد، فيجري ترتيب الموعد ويحصل اللقاء.
وعلى طريقة الحب من أول نظرة، كانت يحصل بعد دقائق أن تشعر أنك دخلت في علاقة مع انسان أنت على استعداد أن تفتديه بروحك. وبالطبع لم يكن هذا هو الحال مع الجميع دوما أو كثيرا، ولكنه إن حصل فإنك تكون قد دخلت في علاقة من صنف خاص.
قبل أكثر من 35 عاما تعرفت على يوسف. كنت متوجسا من ظاهرة "رفاق عمان" المولعين بطقوس العمل الحزبي النموذجية، بينما كنت أقرب الى الصنف الشعبي "البلدي" من العمل الحزبي.
غير أن يوسف حظي فورا بمكانة خاصة، وكان وصف "راقي" يتكرر كثيرا عند الحديث عنه. إنه كتلة نادرة من الصدق. كانت انفعالاته تتأخر لبرهة، ولكنها تظهر بقوة، فإذا فرح، فإنه يفرح "كله"، فتتسع عيونه وتظهر كل أسنانه وتندفع وجنتاه ويحمر كامل وجهه وتتوثب يداه.. وإذا غضب ينكمش عنده كل ما سبق، فيبلع ريقه بقوة ويزيح بصره جانبا وتتغير نبرة صوته... ولكنه في كل الأحوال يبقى "راقيا".
لقد تشتت شملنا كثيرا، وإن لم ننقطع على المستوى الشخصي، برفقة صديقنا رمزي الخب، وهو ما يعني (اثنين مقابل واحد) وهذا ما كان يمكننا من الاستعانة بالتهكم على التوتر، فقد حافظ يوسف على جدية حزبية وسياسية لا تلين، بينما كنت مع رمزي نعتمد مبدأ "هاظ اللي جاك" كأسلوب مستمد من ثقافة رمثاوية تساعدنا على مواصلة الحياة.
أما زوجته الصديقة العزيزة أمينة، فهي قصة أكثر خصوصية من يوسف نفسه، لقد شكلا معا تجربة إنسانية/ حزبية فريدة حقا. قلوبنا معها ومع ابنتهما.
رحمك الله يا يوسف، وهنيئا لك ولأسرتك هذا الاجماع على الاحترام والمحبة.

نيسان ـ نشر في 2023-05-05 الساعة 22:45


رأي: احمد ابو خليل

الكلمات الأكثر بحثاً