البروفة الحزبية: مقنعة أم لا؟
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2023-05-16 الساعة 08:56
نيسان ـ انتهى سباق ماراثون الحزبية بتتويج 26 حزبا مؤهلا للتنافس في مونديال الانتخابات البرلمانية القادمة، وخروج 19 حزبا من المضمار، النتيجة كانت متوقعة، فالإقبال على الانضمام للأحزاب -حسب آخر الاستطلاعات - لا يتجاوز 1% من عموم الأردنيين، كما أن مجموع عدد الذين سجلوا بالأحزاب الوليدة والجديدة 40,000 عضو فقط، الأهم من الأرقام أن الثقة بالتجربة الحزبية ما زالت متواضعة، كما أن افرازاتها التي طفت على السطح ذات نوعية سياسية ضعيفة، فيما لا تزال مساراتها غير معبدة كما يجب.
إذا اتفقنا على أن هدف الحزبية، كقاطرة لمشروع التحديث السياسي، هو الانتقال بالتجربة السياسية من الوضع القائم، إلى الوضع القادم، و عنوانه «التحول الديمقراطي « (برلمانات وحكومات حزبية)، فإن ما جرى، حتى الآن، لا يطمئننا إلى هذه النتيجة، الأسباب عديدة، أبرزها أن الوضع القائم هو الذي تسّيد المشهد الحزبي الجديد، بمعظم مضامينه وأشخاصه، كما أن اغلبية هذه الأحزاب جاءت بشكل صناعي وميكانيكي، ولم يلدها المجتمع بشكل طبيعي، زد على ذلك أن بنيتها أشبه ما تكون بالهرم المقلوب، حيث القاعدة ضامرة، والرؤوس عريضة ومتورمة.
أفهم، تماما، أن تكون « البروفة» الأولى لخريطة الأحزاب مشوبة بالنواقص والأخطاء، أفهم، ثانيا، إن مرحلة اللايقين الحزبي التي تكرست على مدى العقود الماضية ستفرز الكثير من الهواجس والمخاوف على صعيد إدارات الدولة والمجتمع معا تجاه الحزبية، أفهم، ثالثا، أن البعض ما زال مترددا باستقبال ذبذبات التحديث السياسي بمشاريعه الثلاثة، سوءا بدافع الريبة من نتائجه، أو عدم الاقتناع به أصلا، لانه يتناقض مع ما استقر من مكاسب وامتيازات لطبقة سياسية معروفة، افهم، رابعا، أن عملية التحول نحو الديمقراطية لا يمكن أن تتم بكبسة زر، وأن قابلية الدولة والمجتمع بمكوناتها ومصالحها وظروفها ما زالت غير مهيأة تماما لهذا التحول، لا سياسيا ولا اجتماعيا ولا ثقافيا، وربما تحتاج لوقت أطول لإتمام ذلك.
أفهم كل ذلك وأقدّره، لكن أشير إلى ثلاث مسائل للتذكير والتدقيق، الأولى أن الدولة هي التي أطلقت مشروع التحديث السياسي، وتكفلت بإنجاحه، وبالتالي فإن إداراتها مطالبة بتوفير كل ما يلزم لوضع الحزبية على السكة الصحيحة، وإقناع الأردنيين ورفع كل الوصيات عنهم لإعادة ثقتهم بها، الثانية انه بعض الرسائل التي وصلت للأردنيين، على مدى العام الماضي ( منذ إشهار نتائج لجنة التحديث السياسي )، صبت باتجاه مختلف أحيانا عما عايشوه من اجراءات ومناخات، أقصد انه ثمة تضارب بالرسائل، ناهيك عن تفاوت باستخدام المساطر عند التعامل مع الحالة الحزبية، اما المسألة الثالثة، فهي أنه لابد من تبلور قناعة راسخة لدى الجميع بأن الأحزاب المعارضة هي الوجه الاخر للأحزاب الموالية، كلاهما ضرورة ما داما يمثلان إرادة الأردنيين، ويلتزمان بالدستور والقوانين.
بقي لدي ثلاثة اسئلة، الأول : إذا كانت الحزبية هي خيار الدولة للدخول للمئوية الثانية -كما أكد الملك اكثر من مرة- فهل نحن، أقصد الدولة والمجتمع، جاهزون لذلك، وهل ما جرى على امتداد عام يعكس هذه الجاهزية ام ان العكس صحيح؟، السؤال الثاني: إذا افترضنا ان الجاهزية، ناهيك عن الإرادة والرغبة، متوفرة، فهل يمكن تغيير الوضع القائم بذات أدواته وبأشخاصه انفسهم، أم أننا بحاجة إلى طبقة سياسية جديدة ؟ السؤال الثالث : ما الذي يجب أن نفعله لتصحيح المسار الحزبي، وهل سنشهد عملية تقييم لما أنجزناه، أين أخطأنا وأين أصبنا، من يتحمل مسؤولية ذلك، ولماذا حدث، وما ضمانات عدم تكراره؟
(الدستور)
إذا اتفقنا على أن هدف الحزبية، كقاطرة لمشروع التحديث السياسي، هو الانتقال بالتجربة السياسية من الوضع القائم، إلى الوضع القادم، و عنوانه «التحول الديمقراطي « (برلمانات وحكومات حزبية)، فإن ما جرى، حتى الآن، لا يطمئننا إلى هذه النتيجة، الأسباب عديدة، أبرزها أن الوضع القائم هو الذي تسّيد المشهد الحزبي الجديد، بمعظم مضامينه وأشخاصه، كما أن اغلبية هذه الأحزاب جاءت بشكل صناعي وميكانيكي، ولم يلدها المجتمع بشكل طبيعي، زد على ذلك أن بنيتها أشبه ما تكون بالهرم المقلوب، حيث القاعدة ضامرة، والرؤوس عريضة ومتورمة.
أفهم، تماما، أن تكون « البروفة» الأولى لخريطة الأحزاب مشوبة بالنواقص والأخطاء، أفهم، ثانيا، إن مرحلة اللايقين الحزبي التي تكرست على مدى العقود الماضية ستفرز الكثير من الهواجس والمخاوف على صعيد إدارات الدولة والمجتمع معا تجاه الحزبية، أفهم، ثالثا، أن البعض ما زال مترددا باستقبال ذبذبات التحديث السياسي بمشاريعه الثلاثة، سوءا بدافع الريبة من نتائجه، أو عدم الاقتناع به أصلا، لانه يتناقض مع ما استقر من مكاسب وامتيازات لطبقة سياسية معروفة، افهم، رابعا، أن عملية التحول نحو الديمقراطية لا يمكن أن تتم بكبسة زر، وأن قابلية الدولة والمجتمع بمكوناتها ومصالحها وظروفها ما زالت غير مهيأة تماما لهذا التحول، لا سياسيا ولا اجتماعيا ولا ثقافيا، وربما تحتاج لوقت أطول لإتمام ذلك.
أفهم كل ذلك وأقدّره، لكن أشير إلى ثلاث مسائل للتذكير والتدقيق، الأولى أن الدولة هي التي أطلقت مشروع التحديث السياسي، وتكفلت بإنجاحه، وبالتالي فإن إداراتها مطالبة بتوفير كل ما يلزم لوضع الحزبية على السكة الصحيحة، وإقناع الأردنيين ورفع كل الوصيات عنهم لإعادة ثقتهم بها، الثانية انه بعض الرسائل التي وصلت للأردنيين، على مدى العام الماضي ( منذ إشهار نتائج لجنة التحديث السياسي )، صبت باتجاه مختلف أحيانا عما عايشوه من اجراءات ومناخات، أقصد انه ثمة تضارب بالرسائل، ناهيك عن تفاوت باستخدام المساطر عند التعامل مع الحالة الحزبية، اما المسألة الثالثة، فهي أنه لابد من تبلور قناعة راسخة لدى الجميع بأن الأحزاب المعارضة هي الوجه الاخر للأحزاب الموالية، كلاهما ضرورة ما داما يمثلان إرادة الأردنيين، ويلتزمان بالدستور والقوانين.
بقي لدي ثلاثة اسئلة، الأول : إذا كانت الحزبية هي خيار الدولة للدخول للمئوية الثانية -كما أكد الملك اكثر من مرة- فهل نحن، أقصد الدولة والمجتمع، جاهزون لذلك، وهل ما جرى على امتداد عام يعكس هذه الجاهزية ام ان العكس صحيح؟، السؤال الثاني: إذا افترضنا ان الجاهزية، ناهيك عن الإرادة والرغبة، متوفرة، فهل يمكن تغيير الوضع القائم بذات أدواته وبأشخاصه انفسهم، أم أننا بحاجة إلى طبقة سياسية جديدة ؟ السؤال الثالث : ما الذي يجب أن نفعله لتصحيح المسار الحزبي، وهل سنشهد عملية تقييم لما أنجزناه، أين أخطأنا وأين أصبنا، من يتحمل مسؤولية ذلك، ولماذا حدث، وما ضمانات عدم تكراره؟
(الدستور)
نيسان ـ نشر في 2023-05-16 الساعة 08:56
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي