اتصل بنا
 

إسحق الفرحان والسيرة المضادة

نيسان ـ نشر في 2023-06-11 الساعة 08:36

نيسان ـ يمكن القول إن الراحل اسحق الفرحان 1934-2018 ماركة اردنية مسجلة، لجيل من أبناء الأردن الذين اسهموا بخبراتهم واعمالهم في تقدمه المعرفي، وهو ابن زمن الوحدة الأردنية الفلسطينية، تلك التجربة الأجمل والافضل عربيا والتي قوضتها النكسة وجعلت الأردن يخسر نصفه الثاني استجابة لخطاب الناصرية ووعودها بالنصر المؤزر، لكي لا يقال بأن الأردن تنكب للمواجهة فكان ما كان من خسارة فادحة.
ابن عين كارم الفلسطينية، حضر في المشهد الاردني مبتعثا وخريجا لاعرق الجامعات، حيث الامريكية في بيروت وكولومبيا، وكانت درجاته العلمية في التربية والكيمياء والكيمياء الفيزيائية. وشغل مواقع عده من رئيس للجامعة الأردنية إلى مدير الجمعية العلمية الملكية إلى رئاسة جامعة الزرقاء الخاصة إلى عضوية مجلس الأعيان ومجع اللغة العربية وغيرها من المواقع المهمة، ولعل اكثرها اهمية مهمته كوزير عام 1970 بحكومة وصفي التل ثم للتربية إذ كان مؤمنا بخط التل السياسي الإصلاحي، ثم لاحقا وزير اوقاف في حكومة احمد اللوزي، ثم رئاسته للجامعة الأردنية والسردية التي يتم الحديث بها عن دوره في إدارته لمديرية المناهج في وزارة التربية بين عامي 1964 -1970. وهي تجربة غنية وكبيرة وظف بها خبراته العلمية بكل اقتدار، ويقال عنها الكثير من التيار الليبرالي والقومي، بمعنى اوضح يرى البعض أن مسحة التدين في المناهج ووقف تدريس الفلسفة جرى في عهد الراحل، لكن هذا الزعم يحتاج لدليل، حيث ينفيه مقربون منه، وهو لا ينقص من اداور الرجل وآرائه كمفكر اسلاموي من الخط الإخواني الذي قدم صورة ناصعة بالوفاء للدولة حين احتاجته فباعد بين ولائه السياسي في سبيل وطنه.
لاحقا في زمن استعادة الديمقراطية عاد الراحل كأول امين عام لحزب جبهة العمل الإسلامي. آنذاك كان الحزب منفتحًا ودعا مختلف الاطياف للانضمام له، ومنهم الراحل كامل ابو جابر كما علمت منه، إن لم يكن هناك رواية اخرى، بمعنى أن الحزب يوم ولد، ولد وطنيا وليس اخوانيا لكن الامور تغيرت لاحقا فعاد للدائرة الإخوانية الأولى.
الفرحان من طبقة إخوانية رفيعة، كانت تقدم التربية والدعوة على السياسة، مثل كبار رحلوا وارتبط بهم وافادو البلد امثال فاروق بدران وعبداللطيف عربيات ومحمد عبدالرحمن خليفة وعبدالمجيد الذنيبات وغيرهم من حكماء الحركة.
في التكوين العلمي لرجال الدولة، يعكس الفرحان في سيرته عظمة الاردن، الذي ابتعث ابناءه لافضل الجامعات فقد تخرج في البكالوريوس بالعلوم من الجامعة الامريكية ببيروت عام 1957 ولاحقا الماجستير بالعلوم بامتياز في الكيمياء الفيزيائية من ذات الجامعة عام 1958، ومن الاهمية بمكان الإشارة إلى دراسته الماجستير الآداب في جامعة كولومبيا بنيويورك وتخرجه منها عام 1962 ثم الدكتوراة في التربية من جامعة كولومبيا بنيويورك عام 1964.
لم يكن المسار العام للراحل إلا أريحيا، منفتحا على الأفكار، قد يكون اختلف مع البعض وقد يكون اخطأ في بعض القرارات، إلا أنه كان من عقلاء البلد ومن ذخيرتها الوطنية الناصعة السمعة ذات الأثر الطيب. فسيرة الرجل المضادة لكونه من قادة الحركة الإسلامية نجدها في جلّ الادوار التي أدّاها تربويا وقياديا نبيلا في ظروف دقيقة وفي مساحات مختلفة من العطاء وارفعها مكانة في التربية والتعليم والتعليم العالي.
(الدستور)

نيسان ـ نشر في 2023-06-11 الساعة 08:36


رأي: مهند مبيضين

الكلمات الأكثر بحثاً