صندوق النقد تطمينات السيسي للمصريين ..'وعاء مثقوب'
نيسان ـ نشر في 2023-06-22 الساعة 08:38
الجنيه المصري صورة ارشيفية
نيسان ـ نسفت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، ما قدمه رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، من تطمينات للمصريين بعدم تعويم حكومته للعملة المحلية مجددا، بل انتقدت تباطؤ حكومته في الإصلاح، وطالبتها بخطوات ثلاثة اعتبرها حتمية.
وفي 15 حزيران/ يونيو الجاري، أكد السيسي، بـ"مؤتمر الشباب"، بمدينة "برج العرب"، (شمال غرب)، وقف تعويم الجنيه المصري إذا أثر على المصريين، حتى لو تعارض ذلك مع مطالب صندوق النقد الدولي.
السيسي، الذي حرر سعر صرف الجنيه أمام العملات المحلية لأول مرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وخفض قيمة عملة بلاده بأكثر من 100بالمئة منذ آذار/ مارس 2022، قال إن سعر الصرف في مصر قضية "أمن قومي"، ولا يمكن للحكومة الاقتراب منه إذا كان سيؤثر على حياة المصريين.
وإزاء انتقاد السيسي شرط تعويم الجنيه، الذي يطالب به خبراء صندوق النقد الدولي، شبهت مديرة الصندوق غورغييفا، استنزاف دعم الجنيه لاحتياطيات مصر من العملات الأجنبية بأنه "أشبه بسكب الماء في وعاء مثقوب"، معتبرة أن مسألة سعر صرف العملة المصرية ليست اقتصادية فحسب، وإنما "متصلة بالاقتصاد السياسي" أيضا.
وحددت غورغييفا في مقابلة مع "اقتصاد الشرق"، 3 خطوات لمصر، تتمثل في انسحاب الدولة من الأنشطة، ودعم القطاع الخاص، وبذل المزيد من الجهود لتخصيص الدعم للفئات الأكثر هشاشة، وتعزيز احتياطياتها من العملات الأجنبية.
ودعت لاتخاذ الإجراءات الضرورية للحيلولة دون استنزاف الاحتياطيات من العملات الأجنبية، معلنة عن مراجعة للصندوق في أيلول/ سبتمبر المقبل للإجراءات الاقتصادية بمصر ، ثاني أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين.
تصريحات غورغييفا، اعتبرتها نشرة "انتبرايز" الاقتصادية، الصادرة الأربعاء، سلبية، وتأتي على خلفية اتفاق الصندوق وحكومة السيسي، نهاية العام الماضي، على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، حصلت القاهرة على دفعته الأولى، وتنتظر مراجعة خبراء الصندوق لما اتخذته من إجراءات للحصول على الدفعة الثانية.
وأرجأ صندوق النقد المراجعة الأولى، والتي كان من المقرر إجراؤها منتصف آذار/ مارس الماضي، وذلك بسبب عدم إحراز تقدم فيما يخص تعهدات الحكومة بتطبيق سعر صرف مرن وبيع المزيد من الأصول المملوكة للدولة.
لكنه، وفي نهاية الحوار، قللت غورغييفا، من حدة انتقاداتها للحكومة المصرية، وقالت إنها "اتخذت عدد من الخطوات المناسبة" في أجندة الإصلاح الاقتصادي، مضيفة أنها تكن "احتراما كبيرا" للرئيس السيسي.
اقرأ أيضا:
هل تراجع السيسي عن قرار تعويم الجنيه ..أم يناور؟
"أصل المشكلة"
وفي قراءته الاقتصادية لحديث رئيسة صندوق النقد الدولي، وإجابته عن السؤال: كيف نسفت تصريح السيسي وتطميناته المصريين حول تعويم الجنيه؟ قال الخبير الاقتصادي الدكتور علي عبدالعزيز: "هناك فجوة دولارية بين إيرادات الدولة وإنفاقها من الدولار تخطت حاجز 50 مليار دولار خلال عام".
أكد في حديثه لـ"عربي21"، أن تلك الفجوة صنعتها "سياسات السيسي الاقتصادية، التي تهدر الثروة الدولارية على أوجه إنفاق غير مجدية، وأغلبها غير معلن، كالإنفاق على السلاح والتسليح الاستراتيجي".
"هذا بالإضافة إلى الفساد بأركان الدولة، وامتلاك عدد محدود من قادة الجيش والأجهزة الأمنية ثروات مهولة يحولونها بالدولار للخارج، إما لأبوظبي أو إلى الملاذات الآمنة"، بحسب قوله.
وأضاف: "وفوق ذلك، يأتي الإنفاق على العاصمة الإدارية الجديدة بعشرات المليارات من الدولارات، وأيضا محطة (الضبعة النووية)، ومشروعات (المونوريل)، و(القطار الكهربائي)، و(القصور الرئاسية)، وغير ذلك مما لا نعلم عنه شيئا".
الأكاديمي المصري، قال إن "كل ما سبق جعل هناك فجوة دولارية بين إيرادات الدولة وإنفاقاتها من الدولار، فعانت الشركات والمصانع من صعوبة شراء الدولار من البنوك لاستيراد احتياجاتهم، وارتفع سعر الصرف بالسوق السوداء متجاوزا 40 جنيها".
وتابع: "وأصبح الضغط على الجنيه كبيرا، والحكومة أمام ضغوط صندوق النقد ودول الخليج لتحرير سعر الصرف، وبيع أصول الدولة، بدعوى عدم تأثر رصيد احتياطي النقد الأجنبي، وحتى تلبي الشركات والمصانع احتياجاتها، ويعود المال الساخن بسعر صرف مجدي وسعر فائدة مرضي أيضا".
عبدالعزيز، يرى أن "ما قالته مديرة صندوق النقد صحيح، لكنها لم تشر للمشكلة الرئيسية، وهي إهدار حكومات السيسي لثروة الشعب الدولارية، والتي تمثل غطاء أساسيا للجنيه، في ظل واردات تجاوزت 90 مليار دولار، ولا يوجد إنتاج محلي يغني عنها أو حتى عن 5 بالمئة منها".
ويعتقد أن "ما قاله السيسي، مؤخرا من أن سعر الصرف أمن قومي، لا يمكن الاقتراب منه إذا كان سيؤثر على حياة المصريين هو فقط للاستهلاك المحلي، ولتخفيف ضغط السوق على الدولار، ويشبه ما قاله عام 2016، بأن الأسعار لن ترتفع مهما حدث للدولار، ولن يحدث شيء للدولار".
ولفت إلى أنه "وبعدها بشهور قليلة، ارتفع سعر الصرف من 7.8 جنيه إلى 20 جنيه، وتجاوز التضخم وقتها 35 بالمئة، حسب تصريحات الحكومة المصرية".
وختم بالقول: "يجب أن نعود لأصل المشكلة؛ وهي في النظام نفسه وسياساته وطمعه الشديد وفساده".
"توقيت مقلق"
تصريحات غورغييفا، بحسب مراقبين، تأتي في توقيت غير مناسب، إذ تتزامن مع حملة دعاية إعلام الدولة المصرية لإنجازات السيسي، في 9 سنوات، استعدادا لجولة انتخابات رئاسية محتملة نهاية العام الجاري، والتي بدأت خطواتها بتعيين السيسي، نائب رئيس محكمة النقض المستشار وليد حسن حمزة، رئيسا للهيئة الوطنية للانتخابات.
ولذا فإن أذرع النظام المصري الإعلامية وجهت انتقاداتها لتصريحات غورغييفا، حيث قال الإعلامي أحمد موسى إن الصندوق يحاول فرض ضغوط سياسية على مصر، مدافعا عن السيسي، بقوله إنه يعلم حجم الضغوط على مصر، ومنذ 10 سنوات يؤكد أنه لن يسمح بتهديد المصريين وترويعهم.
ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن انخفاض قيمة الجنيه المصري يضيف إلى عبء الدين الخارجي على البلاد، والذي بلغ 91.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في حزيران/ يونيو 2022.عربي21
وفي 15 حزيران/ يونيو الجاري، أكد السيسي، بـ"مؤتمر الشباب"، بمدينة "برج العرب"، (شمال غرب)، وقف تعويم الجنيه المصري إذا أثر على المصريين، حتى لو تعارض ذلك مع مطالب صندوق النقد الدولي.
السيسي، الذي حرر سعر صرف الجنيه أمام العملات المحلية لأول مرة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وخفض قيمة عملة بلاده بأكثر من 100بالمئة منذ آذار/ مارس 2022، قال إن سعر الصرف في مصر قضية "أمن قومي"، ولا يمكن للحكومة الاقتراب منه إذا كان سيؤثر على حياة المصريين.
وإزاء انتقاد السيسي شرط تعويم الجنيه، الذي يطالب به خبراء صندوق النقد الدولي، شبهت مديرة الصندوق غورغييفا، استنزاف دعم الجنيه لاحتياطيات مصر من العملات الأجنبية بأنه "أشبه بسكب الماء في وعاء مثقوب"، معتبرة أن مسألة سعر صرف العملة المصرية ليست اقتصادية فحسب، وإنما "متصلة بالاقتصاد السياسي" أيضا.
وحددت غورغييفا في مقابلة مع "اقتصاد الشرق"، 3 خطوات لمصر، تتمثل في انسحاب الدولة من الأنشطة، ودعم القطاع الخاص، وبذل المزيد من الجهود لتخصيص الدعم للفئات الأكثر هشاشة، وتعزيز احتياطياتها من العملات الأجنبية.
ودعت لاتخاذ الإجراءات الضرورية للحيلولة دون استنزاف الاحتياطيات من العملات الأجنبية، معلنة عن مراجعة للصندوق في أيلول/ سبتمبر المقبل للإجراءات الاقتصادية بمصر ، ثاني أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين.
تصريحات غورغييفا، اعتبرتها نشرة "انتبرايز" الاقتصادية، الصادرة الأربعاء، سلبية، وتأتي على خلفية اتفاق الصندوق وحكومة السيسي، نهاية العام الماضي، على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، حصلت القاهرة على دفعته الأولى، وتنتظر مراجعة خبراء الصندوق لما اتخذته من إجراءات للحصول على الدفعة الثانية.
وأرجأ صندوق النقد المراجعة الأولى، والتي كان من المقرر إجراؤها منتصف آذار/ مارس الماضي، وذلك بسبب عدم إحراز تقدم فيما يخص تعهدات الحكومة بتطبيق سعر صرف مرن وبيع المزيد من الأصول المملوكة للدولة.
لكنه، وفي نهاية الحوار، قللت غورغييفا، من حدة انتقاداتها للحكومة المصرية، وقالت إنها "اتخذت عدد من الخطوات المناسبة" في أجندة الإصلاح الاقتصادي، مضيفة أنها تكن "احتراما كبيرا" للرئيس السيسي.
اقرأ أيضا:
هل تراجع السيسي عن قرار تعويم الجنيه ..أم يناور؟
"أصل المشكلة"
وفي قراءته الاقتصادية لحديث رئيسة صندوق النقد الدولي، وإجابته عن السؤال: كيف نسفت تصريح السيسي وتطميناته المصريين حول تعويم الجنيه؟ قال الخبير الاقتصادي الدكتور علي عبدالعزيز: "هناك فجوة دولارية بين إيرادات الدولة وإنفاقها من الدولار تخطت حاجز 50 مليار دولار خلال عام".
أكد في حديثه لـ"عربي21"، أن تلك الفجوة صنعتها "سياسات السيسي الاقتصادية، التي تهدر الثروة الدولارية على أوجه إنفاق غير مجدية، وأغلبها غير معلن، كالإنفاق على السلاح والتسليح الاستراتيجي".
"هذا بالإضافة إلى الفساد بأركان الدولة، وامتلاك عدد محدود من قادة الجيش والأجهزة الأمنية ثروات مهولة يحولونها بالدولار للخارج، إما لأبوظبي أو إلى الملاذات الآمنة"، بحسب قوله.
وأضاف: "وفوق ذلك، يأتي الإنفاق على العاصمة الإدارية الجديدة بعشرات المليارات من الدولارات، وأيضا محطة (الضبعة النووية)، ومشروعات (المونوريل)، و(القطار الكهربائي)، و(القصور الرئاسية)، وغير ذلك مما لا نعلم عنه شيئا".
الأكاديمي المصري، قال إن "كل ما سبق جعل هناك فجوة دولارية بين إيرادات الدولة وإنفاقاتها من الدولار، فعانت الشركات والمصانع من صعوبة شراء الدولار من البنوك لاستيراد احتياجاتهم، وارتفع سعر الصرف بالسوق السوداء متجاوزا 40 جنيها".
وتابع: "وأصبح الضغط على الجنيه كبيرا، والحكومة أمام ضغوط صندوق النقد ودول الخليج لتحرير سعر الصرف، وبيع أصول الدولة، بدعوى عدم تأثر رصيد احتياطي النقد الأجنبي، وحتى تلبي الشركات والمصانع احتياجاتها، ويعود المال الساخن بسعر صرف مجدي وسعر فائدة مرضي أيضا".
عبدالعزيز، يرى أن "ما قالته مديرة صندوق النقد صحيح، لكنها لم تشر للمشكلة الرئيسية، وهي إهدار حكومات السيسي لثروة الشعب الدولارية، والتي تمثل غطاء أساسيا للجنيه، في ظل واردات تجاوزت 90 مليار دولار، ولا يوجد إنتاج محلي يغني عنها أو حتى عن 5 بالمئة منها".
ويعتقد أن "ما قاله السيسي، مؤخرا من أن سعر الصرف أمن قومي، لا يمكن الاقتراب منه إذا كان سيؤثر على حياة المصريين هو فقط للاستهلاك المحلي، ولتخفيف ضغط السوق على الدولار، ويشبه ما قاله عام 2016، بأن الأسعار لن ترتفع مهما حدث للدولار، ولن يحدث شيء للدولار".
ولفت إلى أنه "وبعدها بشهور قليلة، ارتفع سعر الصرف من 7.8 جنيه إلى 20 جنيه، وتجاوز التضخم وقتها 35 بالمئة، حسب تصريحات الحكومة المصرية".
وختم بالقول: "يجب أن نعود لأصل المشكلة؛ وهي في النظام نفسه وسياساته وطمعه الشديد وفساده".
"توقيت مقلق"
تصريحات غورغييفا، بحسب مراقبين، تأتي في توقيت غير مناسب، إذ تتزامن مع حملة دعاية إعلام الدولة المصرية لإنجازات السيسي، في 9 سنوات، استعدادا لجولة انتخابات رئاسية محتملة نهاية العام الجاري، والتي بدأت خطواتها بتعيين السيسي، نائب رئيس محكمة النقض المستشار وليد حسن حمزة، رئيسا للهيئة الوطنية للانتخابات.
ولذا فإن أذرع النظام المصري الإعلامية وجهت انتقاداتها لتصريحات غورغييفا، حيث قال الإعلامي أحمد موسى إن الصندوق يحاول فرض ضغوط سياسية على مصر، مدافعا عن السيسي، بقوله إنه يعلم حجم الضغوط على مصر، ومنذ 10 سنوات يؤكد أنه لن يسمح بتهديد المصريين وترويعهم.
ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن انخفاض قيمة الجنيه المصري يضيف إلى عبء الدين الخارجي على البلاد، والذي بلغ 91.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في حزيران/ يونيو 2022.عربي21


