اتصل بنا
 

عن لقاء رئيس الوزراء في الجامعة الأردنية

نيسان ـ نشر في 2023-06-23

عن لقاء رئيس الوزراء في الجامعة
نيسان ـ من حيث المبدأ، يعد لقاء الجمهور خطوة جيدة، غير أنه في التطبيق لم يكن بتقديري موفقا. ومسؤولية ذلك على الجميع: منظمي اللقاء ومخرجيه وموزعي أدواره ومدير الحوار والرئيس نفسه بالطبع.
نحن امام لقاء يصنف ضمن نشاط التواصل السياسي. وهذا التواصل عموما يتطلب فعلا قدرا من مهارات العمل المسرحي، وهذا أمر مفهوم ومقبول ولا ضير فيه، فاللقاء بين المسؤولين والجمهور ليس أمرا عارضا ولا يجري بارتجال وله طقوسه الضرورية. ومعروف اليوم، أن كل المسؤولين، وربما في كل الدنيا، شرقا وغربا، يعرفون أهمية مهارات التوصل السياسي، ويدفعون الأموال للتدريب عليها، ولكن الناجح منهم من يصيغ معادلة منطقية بين المسرح والواقع.
من بين ساعة ونصف سجلت وبثت من اللقاء، كانت حصة الطلبة بضعة دقائق فقط على شكل أسئلة كانت مختارة مسبقا، بطريقة "جديدة" لكنها قدمت بشكل بائس. فقد أعلن أنه أثناء الترتيبات المسبقة للقاء، تلقى "مديرو" النشاط أكثر من 300 سؤالا من عدد كبير من الطلبة، ثم أختير منها بضعة أسئلة وأعلنت الأسماء في اللقاء، وكان على من وقع عليه الاختيار أن يسأل سؤاله المكتوب بنفسه، وأن لا يخرج عن نص السؤال الموجود في اوراق يحملها مدير الحوار. وهو ما شكل ارتباكا، فلم يتمكن بعضهم من طرح سؤاله كما ورد أصلا، واحدهم/هن نسي سؤاله، فضلا عن أن منحى اختيار الأسئلة موجه بشكل واضح. لقد اضطر مدير اللقاء أكثر من مرة إلى إعادة قراءة السؤال المكتوب بنفسه. ولكن المشهد الأسوأ تمثل في محاولة أحد الحضور أخذ الاذن بطرح سؤاله الخاص إلى جانب الأسئلة المقررة، فرفض المدير ذلك بإصرار! وعلنا!
العدد الأكبر من الأسئلة كان من نصيب مدير الحوار نفسه، وهو إعلامي قدير ومحاور محترف لكنه ليس من الفئة المستهدفة باللقاء، أي ليس طالبا ولا ممثلا للطلبة ولا ينتمي إلى فئتهم العمرية. ومن الواضح أن المحتوى معد مسبقا، فالرئيس كان يحمل أوراقا بين يديه يرجع إليها في بعض الأجوبة. في ظروف كظروف بلدنا من حيث العلاقة بين المسؤول والجمهور، فإن مثل هذه الترتيبات قد تكون مقبولة ولكن بشرط ان تكون متقنة وبها هامش من امكانية الخروج عن النص، لغايات إقناع الجمهور. وبصراحة لم تنجح محاولات "العفوية".
نعلم أن الطلاب والشباب عموما يتحدثون ويعبرون عن آرائهم في شتى الشؤون ويكتبونها ويبثونها هنا وهناك. وبالمقابل تتحدث الحكومة وتصرح وتعلن الخطط والبرامج وتلقي الخطب والكلمات وتبثها. ويمكن لمن يرغب أن يستمع ويتابع ما تقوله الحكومة بدون الحاجة إلى لقاء مباشر، إلا إذا كان الكلام المباشر مختلفا ونوعيا. وكان يفترض من مثل هذا اللقاء النادر أن يكون في الأصل فرصة للاستماع المباشر من قبل الرئيس للطلبة، وبمقدار ما يكون اللقاء حرا تكون هناك فائدة ترجى منه. لماذا لا يحتمل المسؤول النقاش الجرئ داخل قاعة، وما الفائدة من جمع عدد من الطلاب "يؤدون" دور المحاورين؟ بل لماذا على الأقل، لم يجر تدريبهم على ذلك؟
بالصدفة، استمعت في اليوم التالي، عبر إحدى الإذاعات، إلى مقابلة مع طالب قُدم على أنه من أبرز من حضروا اللقاء. وفي الواقع كان يتحدث كما يتحدث الوزراء والرؤساء ويتخذ زاوية نظر مشابهة لما لدى المسؤولين. هذه مهارة جيدة لو كان مطلوبا منه أن يمثل دور مسؤول، ولكن ما علاقة ذلك بالنقاش الفعلي الذي يجري بين الطلاب والشباب؟
بالمناسبة، مر في تاريخ الجامعة الأردنية بالذات زمن كان يتعين فيه على كل وزير أن يعقد لقاءات فعلية ومباشرة مع الطلبة تكون بمثابة مختبر لأفكارة او لخطة وزارته، وكان يخوض تجربة الدفاع عن خطته. حصل هذا فعلا، ولكن بشكل وبمضمون مختلفين كثيرا.
ذاك زمان وهذا زمان آخر. هذا صحيح. ولكن ماذا لو تدرب المسؤولون على الدمج بين المهارات الفنية للتواصل، وبين التواصل نفسه؟

نيسان ـ نشر في 2023-06-23


رأي: احمد ابو خليل

الكلمات الأكثر بحثاً