اتصل بنا
 

قهوة جدي وصباح العيد

رمزي الغزوي أديب وإعلامي أردني عربي، يعمل محاضرا متفرغا في الجامعة الأردنية، وعمل عضو هيئة تدريس في جامعة فيلادلفيا كلية الآداب والفنون قسم الصحافة، وهو كاتب عمود صحفي يومي (مجرات) في جريدة الدستور الأردنية، له ثمانية عشر مؤلفاً إبداعياً في مختلف صنوف الأدب (شعر، وقصة، وأدب أطفال، ونصوص مكان، ومقالات وأدب الرحلات)، يقيم في مدينة عمان، وهو مواليد عجلون 1972، حاصل على ماجستير في الصحافة الإعلام الحديث من معهد الإعلام الأردني/ الجامعة الأردنية ونال الكثير من الجوائز الأدبية والصحفية، أبرزها جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال عن روايته قمر ورد 2014، وجائزة أفضل مقالة صحفية عربية (جائزة محمد طبلية) 2012، وجائزة أفضل كاتب مقال صحفي لعام 2008، وجائزة إربد مدينة الثقافة الأردنية لأدب الأطفال لعام 2007 وجائزة تيسير سبول للقصة القصيرة 2000، كما نال لقب شاعر الطلبة العرب/ بغداد 1994 إبان دراسته للفيزياء في الجامعة المستنصرية (تخرج 1994). وهو متزوج وأب لطفلين وطفلة.

نيسان ـ نشر في 2023-06-28 الساعة 07:20

نيسان ـ في طفولتي كنت قبيل عيد الأضحى أصبح راعياً للغنم، فأتزنر شبابتي، وأحمل زوادتي بعصاي على كتفي، وأيمم شطر الوادي، فمهمتي الاستراتيجية تقتضي أن أسرح و(أربرب) الخاروف الذي اشتراه جدي أضحية، وعلى عكس ما أهوى، كانت تتولد بيننا صداقة مدهشة، نتبادل فيها النطحات، ونتهارش كقطط شبعانة عند نبعة الماء. وكم كان يفرحني، إذ أعتليه كحصان صغير، وأصهل بدلاً عنه بملء جموحي وجنوني، لكنه من ثقلي كان يثغو وينيخ.
لا أدري لماذا نهرب إلى حصون طفولتنا الأولى، وأحضانها الحانية كلما لاح لنا عيدٌ من بعيد؟ ولا أدري لماذا تبقى عامرة ومحشرجة في نفوسنا تلك الذكريات الحميمة، واللمسات الصغيرة عن عيد قديم، ما زال يعشش في البال كعصفور مبرود؟ أهو الحنين إلى عيد لم يأت بعد، عيد نريد أن نرسمه كيفما نشاء وباللون الذي نشتهي، أو أننا نهرب لأن هذا الواقع بات مكروهاً لا يطاق، فنهيم نبحث عن صور جديدة، فلا نجدها إلا في طفولة فرت من بين أصابعنا حين كبرنا سريعاً، على حين فجأة.
ولهذا لا أنسى دموعي على خاروفي ومصيره: فلماذا لا يهرب هذا الأبله، ألا يدري أنه سيذبحُ صباح العيد؟ ولهذا كنت لا أحبُّ أن أراه يذبحُ أمامي، وأصر بأني لن آكل من لحمه أبداً، لكني أغيِّر رأيي، عندما تتسلل إلي رائحة الشواء. وفي كل عام كانت تتكرر معي الحكاية والدموع، وذكريات خراف فاتها الهرب.
وسيبقى أن كل عيد لا يفتتح بالقهوة، لا يعول عليه. هذا عرفنا المحفوظ كخطوط اليد، فهو سيكون ضيئلاً بلا رائحتها المهيلة العابقة بريق الفجر؛ وفي كل عيد تترحم على جدك ومهباشه وقهوته الملتاعة على وهج الجمر، فأين أعيادنا الجميلة رغم هذه القهوة وغيومها ورائحتها التي تسكن المكان؟
في العيد نطرق أبواب البيوت معايدين، وستفرح كثيراً إن طلت عليك البنت النعومة بشعرها المكبوح كذيل فرس يلوح، فتعرض عليها أن تؤرجحها قرب النجمة بأرجوحتك المنصوبة بتوتة داركم؛ كي يظل ذيل الفرس المجنون يلوح وقلبك يلوح.
ربما كان الناس أجمل، يتصافحون بصدق وطفولة، والقلوب تودّ لو تقفز من قفص الصدر، تشارك في السلام والعناق، كانوا يتزاورون ويتناولون إفطارهم معاً: زيتاً وكعك عيد ساخناً، أما الآن فرسالة مكرورة من هاتف نقال تغني عن كل ذلك الحنين.
جميع الحقوق محفوظة.الدستور

نيسان ـ نشر في 2023-06-28 الساعة 07:20


رأي: رمزي الغزوي رمزي الغزوي أديب وإعلامي أردني عربي، يعمل محاضرا متفرغا في الجامعة الأردنية، وعمل عضو هيئة تدريس في جامعة فيلادلفيا كلية الآداب والفنون قسم الصحافة، وهو كاتب عمود صحفي يومي (مجرات) في جريدة الدستور الأردنية، له ثمانية عشر مؤلفاً إبداعياً في مختلف صنوف الأدب (شعر، وقصة، وأدب أطفال، ونصوص مكان، ومقالات وأدب الرحلات)، يقيم في مدينة عمان، وهو مواليد عجلون 1972، حاصل على ماجستير في الصحافة الإعلام الحديث من معهد الإعلام الأردني/ الجامعة الأردنية ونال الكثير من الجوائز الأدبية والصحفية، أبرزها جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال عن روايته قمر ورد 2014، وجائزة أفضل مقالة صحفية عربية (جائزة محمد طبلية) 2012، وجائزة أفضل كاتب مقال صحفي لعام 2008، وجائزة إربد مدينة الثقافة الأردنية لأدب الأطفال لعام 2007 وجائزة تيسير سبول للقصة القصيرة 2000، كما نال لقب شاعر الطلبة العرب/ بغداد 1994 إبان دراسته للفيزياء في الجامعة المستنصرية (تخرج 1994). وهو متزوج وأب لطفلين وطفلة.

الكلمات الأكثر بحثاً