مستقبل الأحزاب البرامجية
نيسان ـ نشر في 2023-07-05 الساعة 01:25
نيسان ـ محرر الشؤون الحزبية/
ما زالت الغالبية الشعبية تنظر بعين الريبة إلى الأحزاب الوليدة أو المصوبة أوضاعها بما يتوافق مع قانون الأحزاب الجديد بأطيافها كافة، فخبرات العقل الجمعي الأردني تستند إلى تراكمات تاريخية تعزز هذه التشككات برغم عديد التجارب الناجحة التي رافقت نشوء الدولة الأردنية الحديثة، واستمرت حتى نهايات الخمسينيات من القرن الماضي، لكن الأحداث التي عقبت تلك الحقب أضفت غلالة من الشك بإمكانية أن تتحمل الإدارة السياسية ضجيج وقرقعة الأحزاب، خصوصا في المحطات التأريخية المشوبة بالقلق والمتأثرة بالواقع الجيوسياسي للدولة الأردنية.
ربما يقول قائل أن المقدمة أعلاه تنطبق على الأحزاب القومية والأيدولوجية حصريًا، وهذا صحيح، لكن لا بد من الإنتباه إلى أن الأثر يمتد ليلف كافة مروحة التفرعات الحزبية بقضها وقضيضها من اليمين إلى الوسط إلى اليسار، لأن الدعاية السياسية الرسمية اعتمدت منهجية تخوين الأحزاب على مدى العقود الماضية، بل وجرّمتها باعتبارها مهددا للأمن الوطني للدولة، فترسخت نتيجة لذلك قناعات لدى عامة الناس بأن العمل الحزبي ضرب من الخروج على القانون، وربما يجلب المتاعب على من يفكر بالانضمام للأحزاب عموما.
والأبعد من ذلك كله، أن الرأي العام اتجه إلى الحيادية السلبية في بناء موقفه من الحزبية، وذلك لارتباط مصالح فئات واسعة من المجتمع بمؤسسات الدولة، حيث أن أغلبية القوى العاملة انخرطت في قطاع خدمات وإدارة الدولة، وبذلك انتفت إلى حد ما العملية الصراعية بين الطبقات أو الشرائح أو حتى الجهويات، وأصبح للفرد قيمة بمكانته ورتبته الوظيفية والاجتماعية، وليس بجماعته، حتى أنه لم يعد بحاجة إلى جماعة يلوذ بها ليحمي مصالحه، لأنه صار يستطيع أن يحقق مصالحه ويؤمن حاجاته من خلال مؤسسات الدولة التي اتسعت لأبعد المديات والنطاقات.
واذا طالعنا واقع الأحزاب القوية في المنطقة، سنجد أنها استندت عموما إلى مظلومية حاضنة اجتماعية طائفية أو عرقية معينة، ولعل أبرز الأمثلة وأوضحها تظهر جلية في العراق ولبنان وسوريا، وإذا عدنا لتجربتنا المحلية فسنجد أن هذا الواقع غير موجود لدينا، لذلك تكونت طبقة سياسية سائلة، لا تحفل كثيرا بالأفكار أو العقيدة الجمعية التي تؤسس لعصبة سياسية أو تشكيل تنظيمي يسعى لتحقيق العدالة أو الخلاص للمجوعة المظلومة، بل إن الخلاص أخذ الطابع الفردي لأعضاء نادي السياسة الأردنية، وصار هؤلاء الأعضاء يسعون للخلاص الفردي بأن يحقق كل واحد منهم خلاصه بالوصول إلى أعلى الرتب في السلم الوظيفي فيتحصل على منافع الوظيفة العامة من دون أي واجبات أو التزامات اجتماعية أو حتى لمجموعة ما.
وهنا تكمن اشكالية الأحزاب البرامجية، حيث أن جل أعضائها من هذه الطبقة المستقيلة من فكرة العمل الجماعي، والتي تسعى لحصد المكاسب الفردية، غير آبهة بالعناوين السياسية والفكرية الكبيرة أو حتى الصغيرة، وهنا تحديدًا تكمن بذرة فناء الأحزاب البرامجية الوليدة التي تحملها في أحشائها، وربما ستنفجر عند أول محطة توزيع أو تقاسم للمغانم.
ما زالت الغالبية الشعبية تنظر بعين الريبة إلى الأحزاب الوليدة أو المصوبة أوضاعها بما يتوافق مع قانون الأحزاب الجديد بأطيافها كافة، فخبرات العقل الجمعي الأردني تستند إلى تراكمات تاريخية تعزز هذه التشككات برغم عديد التجارب الناجحة التي رافقت نشوء الدولة الأردنية الحديثة، واستمرت حتى نهايات الخمسينيات من القرن الماضي، لكن الأحداث التي عقبت تلك الحقب أضفت غلالة من الشك بإمكانية أن تتحمل الإدارة السياسية ضجيج وقرقعة الأحزاب، خصوصا في المحطات التأريخية المشوبة بالقلق والمتأثرة بالواقع الجيوسياسي للدولة الأردنية.
ربما يقول قائل أن المقدمة أعلاه تنطبق على الأحزاب القومية والأيدولوجية حصريًا، وهذا صحيح، لكن لا بد من الإنتباه إلى أن الأثر يمتد ليلف كافة مروحة التفرعات الحزبية بقضها وقضيضها من اليمين إلى الوسط إلى اليسار، لأن الدعاية السياسية الرسمية اعتمدت منهجية تخوين الأحزاب على مدى العقود الماضية، بل وجرّمتها باعتبارها مهددا للأمن الوطني للدولة، فترسخت نتيجة لذلك قناعات لدى عامة الناس بأن العمل الحزبي ضرب من الخروج على القانون، وربما يجلب المتاعب على من يفكر بالانضمام للأحزاب عموما.
والأبعد من ذلك كله، أن الرأي العام اتجه إلى الحيادية السلبية في بناء موقفه من الحزبية، وذلك لارتباط مصالح فئات واسعة من المجتمع بمؤسسات الدولة، حيث أن أغلبية القوى العاملة انخرطت في قطاع خدمات وإدارة الدولة، وبذلك انتفت إلى حد ما العملية الصراعية بين الطبقات أو الشرائح أو حتى الجهويات، وأصبح للفرد قيمة بمكانته ورتبته الوظيفية والاجتماعية، وليس بجماعته، حتى أنه لم يعد بحاجة إلى جماعة يلوذ بها ليحمي مصالحه، لأنه صار يستطيع أن يحقق مصالحه ويؤمن حاجاته من خلال مؤسسات الدولة التي اتسعت لأبعد المديات والنطاقات.
واذا طالعنا واقع الأحزاب القوية في المنطقة، سنجد أنها استندت عموما إلى مظلومية حاضنة اجتماعية طائفية أو عرقية معينة، ولعل أبرز الأمثلة وأوضحها تظهر جلية في العراق ولبنان وسوريا، وإذا عدنا لتجربتنا المحلية فسنجد أن هذا الواقع غير موجود لدينا، لذلك تكونت طبقة سياسية سائلة، لا تحفل كثيرا بالأفكار أو العقيدة الجمعية التي تؤسس لعصبة سياسية أو تشكيل تنظيمي يسعى لتحقيق العدالة أو الخلاص للمجوعة المظلومة، بل إن الخلاص أخذ الطابع الفردي لأعضاء نادي السياسة الأردنية، وصار هؤلاء الأعضاء يسعون للخلاص الفردي بأن يحقق كل واحد منهم خلاصه بالوصول إلى أعلى الرتب في السلم الوظيفي فيتحصل على منافع الوظيفة العامة من دون أي واجبات أو التزامات اجتماعية أو حتى لمجموعة ما.
وهنا تكمن اشكالية الأحزاب البرامجية، حيث أن جل أعضائها من هذه الطبقة المستقيلة من فكرة العمل الجماعي، والتي تسعى لحصد المكاسب الفردية، غير آبهة بالعناوين السياسية والفكرية الكبيرة أو حتى الصغيرة، وهنا تحديدًا تكمن بذرة فناء الأحزاب البرامجية الوليدة التي تحملها في أحشائها، وربما ستنفجر عند أول محطة توزيع أو تقاسم للمغانم.


