اتصل بنا
 

البدايات أجمل

كاتبة جزائرية

نيسان ـ نشر في 2023-07-25 الساعة 21:44

نيسان ـ بداية حب على إصبعي تولد وتحوم حول روحي المتعبة وليس لها من دون الله كاشفة فمن أين يسطر الدرب الطويل ومن أين يرتفع الستار حيث الدرب اللامتناهي وأين وجب أن نسير في الأفق نسير نزاحم أحاسيس الزمن الخامد فينا، بينما أحلامنا نافذة من لهب وقلوبنا دجى مقرور تضيع في الدوار فتتناثر في الأفق وهي من حطب، تذويها الدهشة ويتلاشى الشغف عندها ويعربد الفتور وتسقط في فخ الشعور بلا جدوى والعبثية تجاه كل ما حولها، الحب، الحزن، الكتابة، القراءة والموسيقى ويبقى العشق فقط يطل على أحلام سوداء لإنسان مغرور دنياه مقبورة ويداه مبتورة، صوته مبحوح الأنين، قلبه مضرور ولياليه مهجورة، فتمزقه الهفوة وهو عالق وسط كل شيء وكل شيء يسلب إنسان من بقايا إنسان ولن يعتدل الشيء عنده أبدا، كأننا صرنا سبايا في هذه الزمن مائع ونحن من جئنا من وطن لا وطن له وجئنا من هاجس، من تعب ومن ألم نناشد عن ولادة مألوفة مثل الناس، نناشد عن بداية حب خالية من نهاية مديدة والمدى صداه شديد.
فيا خانة الفرح المؤجل نحن العاشقون الطافحون بالقبل مازلنا على قيد الحياة، لازلنا نشعر بحماس اللحظة الأولى والبدايات الجميلة، نحن مبدعون في التزلف من الأزمات النفسية نهيأ أرواحنا دوما للعواقب المميتة وندرك أن السم مضمور لكننا دماثة نشربه ومخيرون بين طريق ممتد وآخر عسر، فنسلك العسر دون بينة ثم نذكر انتصار قراراتنا الخرقاء ونترقب يوما ما حدوثها، يوم يأتينا الحب بخطى عابر عمر الذي رمانا بسهام الهوى ومالها من ضر في الجسد كشيطان الحب ليس يعذر فإنه يتلف ويجتر الأرواح الضد بالضد، ينساب في حوف الليل حاملا طيفه ونشوان عاشق مهاجرا إليا في ضفاف الهوى، ينير مقلتاي الجامدة وروحي التي كانت كرواكد باردة وتجلس على بابها صخرة، فيسري في دمي ويبدأ عمري من عينيه التي كانت هاوية نار وعلى مقلتيه الآنية ارتماء عميق الدفن، فأهلا من القلب وبالإرتباك الذي لديك في دمي والداب إلى قلبي، وقلبي مصلوب في كفيه، لن يحبه مرتين ولن يهاجره مرتين حتى إذ أخذته رجفة، فلقد تدحرجت بدايات الحب بسيطة كالأزهار وغبت فيه متناثرا تحت خفقة أضلاعه وتحت الأسوار، فخفق قلبه النشوان يثير حنين فاضا يذيع كل دفين الأسرار، أسرار أوثقت على قلبي الخائر بإحتوائها الأول الذي ارتطم يختبأ في الصدر أجمل البدايات التي شدت فؤادي وملت إليه وما إعتدلت قبله خطى الحب قصدي، فمال الهوى مال عليا، مزقني وبعثرني وطال الصدع طال في عينيه التي بها صبح وليل وزوبعة إغراء التي أتت تمشي على رفق آثرت نفسي وهي تحكي عن العشق، نعمت على قلبي بلوعة حب تطويني تارة وتارة أطويها بنار الشوق والدمع الذي يسقيها فصبابة الهوى ما من أحد يعصيها، ثم أعاني أنا كعاشق مجنون من شوق لهبني لاعجه بسكون وسكوت جميل وريقه الذي كان زمهريرا بلا برد بل صرصر تزيد بوهج الجمر أيضا رائحة العنق ثم يطويني الأنين ككتاب حزن معجز فاض الحب به فاض يفتش عن جهة بعيدة كالمدن الجديدة التي تعيرك كل شيء وتأخذ منك كل شيء وتظل انت مستقرا في اللاوعي لتدرك بعدها انك أبعد من الجهة البعيدة المرتبطة بالموت والحياة وانت تبحث عن بطاقة مفقودة لعاشق حاله مفقود، وبداية عمر غامضة بداية تعلق عاشقيها، فنركب جدران الحنين كلما كابدنا الشوق واحتياجاته المتزايدة والخاطفة للروح التي لا نجيد احتباسها مما يحتلنا الزوال والخاطر مكسور والدمع على الخد أخدود.
إنه الإحساس المكرر عن بدايات الروابط الانسانية يدركها الكثير منا صدفة كالحلم، تجعلنا نتساءل لماذا البدايات أجمل، تلك التي كانت تركز على إفشاء جوانب الوجد بصورة مستحبة ثم تنتهي البدايات الجميلة وتترك فينا فراغا وصمتا ليس يلتئم ونبضا بالقلب مسه الهرم والسدم ونتكبد ألم البدايات ثم نمضي في الدروب بقلوب واهنة وإحساس يفجرك، يشتتك، يحرقك كنار جهنم ولدمك جارف ونازف، هل السبب أن الكثير منا يعتبر أن الوصول إلى بدايات الحب مع شخص آخر هدفا زائف، لذا بطبيعته عندما يصل الى الهدف تفتر عزيمته ثم لا يبالي بما هو آت ويتوهم أنه مؤتمن لأنه اتخذ العلاقة هدفا، ومن هنا تبدأ الفجوة بالإتساع فنكرر البدايات ونكرر الفشل، اجعلوا علاقاتكم وصلة للتعايش لا هدفا، وصلة للعشاق الذين أرهقتهم. المخاوف وتشتتوا في دروب الأزل وضلوا في كل تل وما أصعب الحب الذي يسري في الدماء دون وهل ولولا الحب لكنا قبورا في دنيا القبور.

نيسان ـ نشر في 2023-07-25 الساعة 21:44


رأي: مريم عرجون كاتبة جزائرية

الكلمات الأكثر بحثاً