اتصل بنا
 

مجالس الأصدقاء راحةٌ .. أم مظاهر و تفاخر ؟!

نيسان ـ روتانا ـ نشر في 2015-11-02 الساعة 20:10

x
نيسان ـ

لا يستطيع أحد أن يعيش حالة من العزلة الاجتماعية بعيداً عن تكوين صداقات على المستوى الشخصي أو المهني، فالصداقة لها فوائد عدة للشخص والمجتمع وتساعد على إيجاد حلقة من الترابط والحب والمودة بين الأفراد؛ ما يوفر جواً من السعادة والراحة والنفسية.

وفي السابق كان المجلس الذي يضم أشخاصاً من أعمار مختلفة ومرجعيات متعددة يُعد صالوناً ثقافياً يتبادل فيه الحاضرون الآراء والخبرات والمواضيع والتجارب ليخرج كل منهم وكأنه درس عاماً كاملاً لما اكتسبه من وعي ولما أصبحت عليه مداركه من توسع بعد الاطلاع المتنوع عبر هذا المجلس.

أما اليوم فقد أصبحت المجالس مخجلة، بعدما صارت تضج بكل شيء سطحي يتخيله العقل، وتخلو من شيء واحد خلواً يكاد يكون تاماً ألا وهو المعرفة، وبين أحاديث آخر أخبار مواقع التواصل، ومشتركي برامج الهواة المنتشرين هنا وهناك، وأحدث صيحات التكنولوجيا والملابس والسيارات، وآخر قضية مجتمعية تستحق الفلسفة بشأنها، ضاعت المجالس وضاعت قيمتها.

تفريغ الشحنات

توضح شيماء زكي "25 عاماً" أن لديها مجموعة من الصديقات ترتاح كثيراً في الحديث معهن وهن مقربات منها لدرجة كافية تسمح لها بتفريغ جميع الشحنات السلبية التي بداخلها أثناء لقائهن بانتظام، وتشعر كثيراً بالوحدة عندما يحدث أمر وتطول مدة غيابها عنهن.

لقاء الجمعة

أما باسل الحلواني "مهندس" الذي تعدى عامه الثلاثين، فيؤكد أنه يعشق كثيراً أن يلتقي بأصدقائه؛ لأنهم يمارسون أنشطة عدة تبعث على السعادة؛ بعيداً عن ضغوط الحياة اليومية سواء كانت شخصية أو عملية، وأنه يواظب دائماً على لقاء أصدقائه كل جمعة للعب كرة القدم والسهر ليلاً للتمتع بالأماكن السياحية الليلية.

التطوير مطلوب

من جهته، يرى الكاتب مجد جابر أن المجالس أصبحت بحاجة إلى تطوير، حيث يبدو أنه لم يعد هناك هدف من وراء المجالس وتم استبدال كل ذلك بالاجتماعات التكنولوجية مع الآخرين.

قيمة مفقودة

كما يقول جابر علي "موظف": "أثر الهاتف الذي يحظى بالأولوية والأهمية القصوى في أي جلسة في رؤية الناس بعضهم بعضاً والاستمتاع باللحظة والأجواء الحميمية الصادقة بينهم"، مضيفاً: "إن الهدف الأساسي منها أخذ أكبر عدد ممكن من الصور بشكل مبالغ به ومشاركة الناس على مواقع التواصل بها؛ ما جعل كثيراً من الأشياء تفقد قيمتها الحقيقية والمعنى الأساسي من حدوثها، فالمشهد الذي يتكرر يومياً في أي مناسبة، وبأي مكان، يتلخص بأشخاص يجتمعون ولا تفارق أيديهم هواتفهم الذكية، يلتقطون عشرات الصور بشكل متكرر ومستمر للمشهد الواحد، ومن ثم يبدأون بتحميلها ومتابعة ردود الفعل عليها على مواقع التواصل الاجتماعي حتى ينتهي الوقت بدون أن يتحدثوا أو يقضوا وقتاً ممتعاً ومفيداً مع بعضهم".

الملاذ الوحيد

وتقول سمر كمال "ربة منزل" إنها تعلمت عادة المجلس الأسبوعي للأصدقاء من والدتها التي تواظب حتى الآن على لقاء صديقاتها أسبوعياً رغم بلوغهن 60 عاماً، وتجد أنه الملاذ الوحيد للشعور بأنها سعيدة والتخلص من عبء المنزل والأطفال ولو لمدة ساعات قصيرة تشعر فيها أنها عادت مرة أخرى إلى أيام الجامعة.

الرغبة موجودة ولكن!

أما محمد فاروق "محامٍ 26 عاماً"، فيقول إنه ليس لديه وقت لكي يتجمع مع أصدقائه يوماً واحداً في الأسبوع رغم رغبته في ذلك بشدة، ولكن ضغوط العمل واختلاف أيام الإجازات بينهم تمنعهم من المواظبة على حضور اللقاء الأسبوعي.

مقارنة صعبة

بينما يقول الكاتب سليمان العيدي: "إن المقارنة بين الماضي والحاضر مقارنة يصعب تحليل مسبباتها، لكنني أدرك أن التغير الزمني والنفسي أسهم بلا شك في ذلك، إن المقارنة بين جيل الأمس وجيل اليوم، وما يحدث فيها إنها تعطي الإنسان علامة استفهام لا تحمل معها إجابة لماذا يحدث هذا؟ هل تغير الليل والنهار أم تغيرت نفوس الناس وضاقت بهم الأرض بما رحُبْت، ولم يعد هناك مكان للاستمتاع البريء بتلك المجالس".

دفعة للإنجاز

بينما يقول الدكتور عماد حمدان "خبير التنمية البشرية": "إن التقاء الأصدقاء في موعد محدد مهم جداً للصحة النفسية للفرد، لأن الشخص تتكون لديه حالة من الشغف حيال لقاء أصدقائه، وينتظر هذا اليوم وكأنه سيذهب لحضور حفل يستمتع بكل ما فيه، وقد يعطيه ذلك دفعة جيدة نحو إنجاز جميع المهام والأعمال؛ حتى لا يكون لديه ضغط مهني أو واجبات منزلية تحول دون هذا اللقاء".

كما أكد حمدان أن المجلس الأسبوعي للأصدقاء يساعد على التغلب على اليأس والاكتئاب والإفصاح عن المشاعر ومشاركة الفرحة، بدلاً من الملل الذي يصيب الإنسان من الوحدة، لافتاً إلى أنه من الممكن أن تتحول مثل هذه المجالس إلى سلبية أكثر منها إيجابية؛ لأن هناك نوعاً من الأفراد يميل إلى التفاخر والتباهي بما لديه، فقد يجعل ذلك مجموعة الأصدقاء تنفر من بعضها ويضمرون مشاعر سلبية تجاه تلك النوعية من الشخصيات؛ فتصير العزلة أو الوحدة في نظرهم أكثر راحة من التجمع.

الثقة بالصداقة

كشفت دراسة أمريكية حديثة أن النساء اللاتي لديهن صديقات كثُر قادرات أكثر من غيرهن على تحمل المعاناة الجسدية عند الكبر، كما أن عدم وجود صداقات مقربة أو لديهن ثقة كافية تكون له أضرار على الصحة كالتدخين والبدانة، وحتى يتمتع الشخص بصحة جيدة عليه أن يكون على علاقات طيبة مع أصدقاء عديدون؛ فإن عدد الأصدقاء المهمين للعيش في سعادة وصحة جيدة يراوح ما بين خمسة وعشرة أصدقاء كما حدد الأطباء القائمون على الدراسة.

تشابه الجينات

وفي دراسة أخرى أجريت أخيراً ثبت أننا متشابهون جينياً مع أصدقائنا بنفس القدر الذي نتشابه فيه مع بعض أقاربنا، وأكثر من الغرباء الذين يعيشون في نفس المجتمع، إذ إن لدينا DNA مشترك أكثر مع الأشخاص الذين نختارهم أصدقاء.

كما أظهرت الدراسة أن الأصدقاء كانوا أكثراً تماثلاً جينياً، واشتركوا في المتوسط بما يقارب 1 في المئة من التركيب الجيني، وهو تقريباً نفس القدر الذي يشترك فيه الشخص مع ابن العم أو الخال الرابع، أو والد الجد أو الجدة.

نيسان ـ روتانا ـ نشر في 2015-11-02 الساعة 20:10

الكلمات الأكثر بحثاً