لمَن تُصفّق الجماهير أكثر؟!
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2023-08-09 الساعة 08:09
نيسان ـ لماذا يحظى بعض اخواننا الفنانين والمطربين، لاسيما إذا كانوا من خارج البلد، بالحفاوة والاحترام، أكثر مما يحظى العلماء والمثقفون، أساتذة الجامعات وكبار السياسيين والإعلاميين، وغيرهم من قادة الرأي والفكر والزعامات الاجتماعية الوطنية؟ بصراحة لم أجد أي إجابة مقنعة، قلت : اللهم لا حسد، ربما يستحق هؤلاء ذلك، أو ربما يجدون جماهير من المعجبين ترفعهم فوق الأكتاف، وتصفق لهم بحرارة، أو ربما تطوّعت بعض الجهات الرسمية لاستقبالهم، وتوفير ما يلزم منه «مواكب»، تُشيّعهم بالترحاب والتكريم.
حاولت أن أفهم اكثر، هل الاحتفاء ينصرف نحو الفنون النظيفة، بما تمثله من قيمة إنسانية ووجدانية، وبما تشكله من رافعة لقضايا الناس والوطن، ام انه ينصرف لأشخاص محددين اكتسبوا الشهرة، حتى وإن افتقدو القيمة الفنية والاخلاقية؟ حين دققت بواقع الفنون وأصحابها في بلادنا، أدركت -تماما - ان ما نفعله لا يتجاوز حدود «التسطيح» لأولوياتنا، نحن أهملنا الفنون الوطنية، ونغطي على تقصيرنا بصور مغشوشة ومنتقاة، نحن قدمنا هذ النماذج كملهمين لابنائنا، فأصبحوا قدوات لهم، نحن طردنا صناع الثقافة والفكر والزعامات التي تمثلنا حقيقة، ولم نُقدّر، كما يجب، شهداءنا وأبطالنا الحقيقيين، واستبدلناهم بآخرين، لان كثيرين منا يرون فيهم انفسهم، ويتمنون لو كانوا مثلهم. يا خسارة!
حين تشوهت الذائقة العامة في مجتمعنا، وتراجعت مساطرها و معاييرها، حصل ذلك وأكثر منه، ارجو -فقط - أن نلوم انفسنا، فنحن، كمجتمعات، مسؤولون عن اختياراتنا وانحيازاتنا واعجاباتنا، نحن يمكن أن نصنع التفاهة، ونحن، أيضا، يمكن أن نطردها، ونصنع بدلا عنها الجدية واحترام القيمة، وتقدير المؤثرين والملهمين الحقيقيين، لا تستطيع الإدارات الرسمية، مهما حاولت وفعلت، أن تجبرنا على التصفيق لنجوم من كرتون، او التدافع لشراء تذكرة بأسعار خيالية لمطرب عابر للسخافات، فيما لا يتحرك الا القليل القليل منا لحضور ندوة ثقافية، أو إشهار إنجاز علمي، او تكريم من أفنى عمره في خدمة البلد.
ما قد تصرّ الحكومات والإدارات أن تفعله، بما لا يعجبنا، يمكن للمجتمعات، متى امتلكت الوعي والإرادة، أن ترفضه وتبحث عن بدائل له، صحيح هذا لا يعفى الرسميين من مسؤولياتهم، لكنه يضع المشكلة في الزاوية الحقيقية، أقصد المجتمع، نحن، لا الآخرين، من يقف على المدرجات بالآلاف لتشجيع الطرب واللعب، ولا نتحرك للانتصار أو الدفاع عن مظلوم، أو الاحتفاء بمبدع حقيقي، أو الانحياز لفنان قدم لنا زهرة حياته، ثم ادركه العوز، فتحول إلى متسول للحصول على رغيف الخبز، نحن الذين دخلنا اللعبة، ثم قبلنا النتيجة، وانصهرنا فيها، وأصبحنا مجرد خادم لها، وإن كنا ننتقدها أحيانا، او نرفضها بالعلن.
إذا أردت أن تحكم على مجتمع، اي مجتمع، انظر فقط لمن يتقدمون الصفوف، دقق بقائمة «كبار البلد»، أسأل لمن تقام المهرجانات ومن يحظى فيها بالتكريم، وإذا امكن أن تسير في جنازة عالم كبير، فلا تنسى أن تحصي أعداد المشيعين، ستكتشف، كل مرةً، أننا فعلنا بأنفسنا أسوأ مما فعلته بنا الإدارات الرسمية، وأن التغيير ما لم يمر بأنفسنا ومجتمعاتنا فإنه لن ينزل علينا بالبراشوت، ستكتشف، أيضا، أن «التفاهة «احكمت علينا قبضتها، و أن «الفرجة» شكّلت صورة مجتمعنا، و أفرزت منا أرخص ما فينا، ستكتشف، ثالثا، أننا مازلنا نعاني من «الشيزوفرينيا» والنفاق الاجتماعي، وأننا جلادون وضحايا معا..
الدستور
حاولت أن أفهم اكثر، هل الاحتفاء ينصرف نحو الفنون النظيفة، بما تمثله من قيمة إنسانية ووجدانية، وبما تشكله من رافعة لقضايا الناس والوطن، ام انه ينصرف لأشخاص محددين اكتسبوا الشهرة، حتى وإن افتقدو القيمة الفنية والاخلاقية؟ حين دققت بواقع الفنون وأصحابها في بلادنا، أدركت -تماما - ان ما نفعله لا يتجاوز حدود «التسطيح» لأولوياتنا، نحن أهملنا الفنون الوطنية، ونغطي على تقصيرنا بصور مغشوشة ومنتقاة، نحن قدمنا هذ النماذج كملهمين لابنائنا، فأصبحوا قدوات لهم، نحن طردنا صناع الثقافة والفكر والزعامات التي تمثلنا حقيقة، ولم نُقدّر، كما يجب، شهداءنا وأبطالنا الحقيقيين، واستبدلناهم بآخرين، لان كثيرين منا يرون فيهم انفسهم، ويتمنون لو كانوا مثلهم. يا خسارة!
حين تشوهت الذائقة العامة في مجتمعنا، وتراجعت مساطرها و معاييرها، حصل ذلك وأكثر منه، ارجو -فقط - أن نلوم انفسنا، فنحن، كمجتمعات، مسؤولون عن اختياراتنا وانحيازاتنا واعجاباتنا، نحن يمكن أن نصنع التفاهة، ونحن، أيضا، يمكن أن نطردها، ونصنع بدلا عنها الجدية واحترام القيمة، وتقدير المؤثرين والملهمين الحقيقيين، لا تستطيع الإدارات الرسمية، مهما حاولت وفعلت، أن تجبرنا على التصفيق لنجوم من كرتون، او التدافع لشراء تذكرة بأسعار خيالية لمطرب عابر للسخافات، فيما لا يتحرك الا القليل القليل منا لحضور ندوة ثقافية، أو إشهار إنجاز علمي، او تكريم من أفنى عمره في خدمة البلد.
ما قد تصرّ الحكومات والإدارات أن تفعله، بما لا يعجبنا، يمكن للمجتمعات، متى امتلكت الوعي والإرادة، أن ترفضه وتبحث عن بدائل له، صحيح هذا لا يعفى الرسميين من مسؤولياتهم، لكنه يضع المشكلة في الزاوية الحقيقية، أقصد المجتمع، نحن، لا الآخرين، من يقف على المدرجات بالآلاف لتشجيع الطرب واللعب، ولا نتحرك للانتصار أو الدفاع عن مظلوم، أو الاحتفاء بمبدع حقيقي، أو الانحياز لفنان قدم لنا زهرة حياته، ثم ادركه العوز، فتحول إلى متسول للحصول على رغيف الخبز، نحن الذين دخلنا اللعبة، ثم قبلنا النتيجة، وانصهرنا فيها، وأصبحنا مجرد خادم لها، وإن كنا ننتقدها أحيانا، او نرفضها بالعلن.
إذا أردت أن تحكم على مجتمع، اي مجتمع، انظر فقط لمن يتقدمون الصفوف، دقق بقائمة «كبار البلد»، أسأل لمن تقام المهرجانات ومن يحظى فيها بالتكريم، وإذا امكن أن تسير في جنازة عالم كبير، فلا تنسى أن تحصي أعداد المشيعين، ستكتشف، كل مرةً، أننا فعلنا بأنفسنا أسوأ مما فعلته بنا الإدارات الرسمية، وأن التغيير ما لم يمر بأنفسنا ومجتمعاتنا فإنه لن ينزل علينا بالبراشوت، ستكتشف، أيضا، أن «التفاهة «احكمت علينا قبضتها، و أن «الفرجة» شكّلت صورة مجتمعنا، و أفرزت منا أرخص ما فينا، ستكتشف، ثالثا، أننا مازلنا نعاني من «الشيزوفرينيا» والنفاق الاجتماعي، وأننا جلادون وضحايا معا..
الدستور
نيسان ـ نشر في 2023-08-09 الساعة 08:09
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي