القانون أم العشيرة؟
حسين الرواشدة
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2023-08-15
نيسان ـ ندخل الى المئوية الثانية بالقانون أم بالعشيرة ؟
الإجابة التي نسمعها ونكررها باستمرار، هي أننا دولة قانون، وأن الأردنيين -كمواطنين - متساوون أمامه، لكن الواقع يبدو عكس ذلك أحيانا، فنحن (اغلبنا) نهرب من الدولة، بما تمثله من قوانين، إلى العشيرة بما تمثله من تقاليد، كلما داهمتنا مشكلة أو أزمة. أخشى ما أخشاه أن يحاول البعض اعتبار العشيرة ندّاً للدولة، وملاذا آمنا بديلا عنها، وهو أخطر ما يمكن أن نتصوره، حين نفكر بالتحديث السياسي والاحزاب، وقيم المواطنة، والعدالة، وتداول السلطة.
لا يخطر ببالي، أبدا، أن أقلل من الدور الاجتماعي الذي تقوم به العشيرة، ولا من أهميتها في بناء الدولة، وتماسك المجتمع، وإشاعة مفاهيم المروءة والشهامة والتكافل بين الأردنيين، لكنني اشعر بالقلق حين تُوظف العشيرة لأغراض سياسية، أو حين يقتحم البعض باسم العشيرة مجالنا العام، لا من أجل تعزيز قيم الدولة وقوانينها، والاحتكام لشروط هيبتها، وإنما للاحتماء بالعشيرة منها.
أدرك، تماما، أن الفراغ الذي تتركه إدارات الدولة، حين تصمت، أو تتحرك ببطء، أو تصل متأخرة، تملؤه العشيرة، ومن أسف أن استدعاء العشيرة من الحاضنة الاجتماعية للقيام بدور الإطفاء السياسي، أو الردع القانوني، أضرّ بالعشيرة، وبالدولة أيضا.
صحيح، ثمة من يدعو لحذف العشيرة أو اقصائها من مجالنا العام، سواء بتجريحها والتهوين من دورها وإنجازها التاريخي، أو من خلال اقحامها في أدوار ليست لها، وهذا ما أرفضه تماما، صحيح، أيضا، يد الدولة أطول وأقوى من يد العشيرة، وبمقدورها أن تضرب بها (بالقانون) متى شاءت، لكن ثمة بيننا -ومنهم من يتغنى بالقوانين - من يوفر مسارات بديلة، بناء على الرغبات والمصالح، للآخرين، لكي يفلتوا، تحت عباءة العشيرة، من المساءلة أو المحاسبة، هذه السلوكيات صبت بعكس كل الجهود التي تبذلها إدارات الدولة ونخب المجتمع الحقيقية، لبناء الدولة، وتحديثها، كما أنها شوهت صورتها لدى بعض الأردنيين، بل وأغرتهم لمقايضة الدولة بالعشيرة، أو العكس.
إن الاحتكام لمنطق الدولة، بدل الاحتماء بمظلة العشيرة، خاصة فيما يتعلق بالمسارات السياسية والقانونية، هو أول خطوة ضرورية للخروج من حالة «الطبطبة «السياسية، هذا الخروج يحتاج إلى استعادة منطق الدولة الذي لا ينتصر إلا بسيادة القانون على الجميع، ثم استقامة موازين العدالة، و ترسيم قيم المواطنة الحقة، أما التحديث، إذا كنا جادين فيه، فلا يتحقق إلا في إطار دولة قوية تبسط هيبتها على الجميع، وتهضم كافة الولاءات الاجتماعية والاقتصادية والدينية لتصب في رصيدها، بدل أن تشكل وصايات عليها، أو فزاعات لإعاقة حركتها.
باختصار، يجب أن تدخل الدولة إلى مئويتها الثانية بالقانون الذي يحترمه الجميع، وأن تعود كل البدائل التي تطرح في سياق الملاذات البديلة إلى مكانها، ودورها وحجمها الطبيعي، معقول أن تُرفع بجامعاتنا أعلام بدل علم واحد نعرفه ونعتز به؟ أو تُشهر هويات متعددة وربما متنافرة بدل هوية اردنية واحدة نتوحد عليها؟ أو أن نتصارع حول القوانين، ثم نهرب منها إلى الجاهات العشائرية؟ معقول أن يحدث كل هذا، ثم نندب حظنا لضياع فرص التحديث، او نتلاوم لتراجع هيبة القانون، أو نحاول أن نقنع شبابنا بالدخول إلى أحزاب تضرب بيد العشيرة، وتستمد منها مشروعية حضورها في المجال العام معقول؟
الإجابة التي نسمعها ونكررها باستمرار، هي أننا دولة قانون، وأن الأردنيين -كمواطنين - متساوون أمامه، لكن الواقع يبدو عكس ذلك أحيانا، فنحن (اغلبنا) نهرب من الدولة، بما تمثله من قوانين، إلى العشيرة بما تمثله من تقاليد، كلما داهمتنا مشكلة أو أزمة. أخشى ما أخشاه أن يحاول البعض اعتبار العشيرة ندّاً للدولة، وملاذا آمنا بديلا عنها، وهو أخطر ما يمكن أن نتصوره، حين نفكر بالتحديث السياسي والاحزاب، وقيم المواطنة، والعدالة، وتداول السلطة.
لا يخطر ببالي، أبدا، أن أقلل من الدور الاجتماعي الذي تقوم به العشيرة، ولا من أهميتها في بناء الدولة، وتماسك المجتمع، وإشاعة مفاهيم المروءة والشهامة والتكافل بين الأردنيين، لكنني اشعر بالقلق حين تُوظف العشيرة لأغراض سياسية، أو حين يقتحم البعض باسم العشيرة مجالنا العام، لا من أجل تعزيز قيم الدولة وقوانينها، والاحتكام لشروط هيبتها، وإنما للاحتماء بالعشيرة منها.
أدرك، تماما، أن الفراغ الذي تتركه إدارات الدولة، حين تصمت، أو تتحرك ببطء، أو تصل متأخرة، تملؤه العشيرة، ومن أسف أن استدعاء العشيرة من الحاضنة الاجتماعية للقيام بدور الإطفاء السياسي، أو الردع القانوني، أضرّ بالعشيرة، وبالدولة أيضا.
صحيح، ثمة من يدعو لحذف العشيرة أو اقصائها من مجالنا العام، سواء بتجريحها والتهوين من دورها وإنجازها التاريخي، أو من خلال اقحامها في أدوار ليست لها، وهذا ما أرفضه تماما، صحيح، أيضا، يد الدولة أطول وأقوى من يد العشيرة، وبمقدورها أن تضرب بها (بالقانون) متى شاءت، لكن ثمة بيننا -ومنهم من يتغنى بالقوانين - من يوفر مسارات بديلة، بناء على الرغبات والمصالح، للآخرين، لكي يفلتوا، تحت عباءة العشيرة، من المساءلة أو المحاسبة، هذه السلوكيات صبت بعكس كل الجهود التي تبذلها إدارات الدولة ونخب المجتمع الحقيقية، لبناء الدولة، وتحديثها، كما أنها شوهت صورتها لدى بعض الأردنيين، بل وأغرتهم لمقايضة الدولة بالعشيرة، أو العكس.
إن الاحتكام لمنطق الدولة، بدل الاحتماء بمظلة العشيرة، خاصة فيما يتعلق بالمسارات السياسية والقانونية، هو أول خطوة ضرورية للخروج من حالة «الطبطبة «السياسية، هذا الخروج يحتاج إلى استعادة منطق الدولة الذي لا ينتصر إلا بسيادة القانون على الجميع، ثم استقامة موازين العدالة، و ترسيم قيم المواطنة الحقة، أما التحديث، إذا كنا جادين فيه، فلا يتحقق إلا في إطار دولة قوية تبسط هيبتها على الجميع، وتهضم كافة الولاءات الاجتماعية والاقتصادية والدينية لتصب في رصيدها، بدل أن تشكل وصايات عليها، أو فزاعات لإعاقة حركتها.
باختصار، يجب أن تدخل الدولة إلى مئويتها الثانية بالقانون الذي يحترمه الجميع، وأن تعود كل البدائل التي تطرح في سياق الملاذات البديلة إلى مكانها، ودورها وحجمها الطبيعي، معقول أن تُرفع بجامعاتنا أعلام بدل علم واحد نعرفه ونعتز به؟ أو تُشهر هويات متعددة وربما متنافرة بدل هوية اردنية واحدة نتوحد عليها؟ أو أن نتصارع حول القوانين، ثم نهرب منها إلى الجاهات العشائرية؟ معقول أن يحدث كل هذا، ثم نندب حظنا لضياع فرص التحديث، او نتلاوم لتراجع هيبة القانون، أو نحاول أن نقنع شبابنا بالدخول إلى أحزاب تضرب بيد العشيرة، وتستمد منها مشروعية حضورها في المجال العام معقول؟
نيسان ـ نشر في 2023-08-15
رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي