تلاوم وتبادل اتهامات بين قطاعي الأطباء والتأمين… جشع و'أزمة خدماتية' في الطريق
بسام بدارين
كاتب اردني
نيسان ـ نشر في 2023-08-21 الساعة 08:16
نيسان ـ قد تكون أزمة جديدة ومعيشية ذات طابع سياسي تغافلي يمكن الاستغناء عنها إذا ما دخلت الحكومة الأردنية على خطوط الاشتباك، حيث قرار غير مفهوم بعد لنقابة الأطباء يمس بشريحة واسعة من الأردنيين ومصالحهم جراء خلافات بين النقابة وشركات التأمين.
يبدو أن نقاط التفوق والنجاحات التي برزت مؤخراً على صعيد القطاع الصحي الرسمي والحكومي، وحصراً في عهد الطاقم الذي يديره اليوم وزير طبيب هو الدكتور فراس الهواري، في مستويات متفوقة تقريباً عن القطاع الطبي الخاص، حيث افتعلت خلال الساعات القليلة الماضية أزمة من لا شيء تصلح نموذجاً للتكهن بسلسلة أزمات معيشية الطابع يمكن أن تهز الغربال مجدداً في مجتمع مرهق وبرفقة حكومة لا بد أنها متعبة.
بكل حال، تفاجئ نقابة الأطباء المواطنين الأردنيين بقرار غريب سرعان ما أثار عاصفة من الجدل حتى على مستوى منصات التواصل الاجتماعي. ضمناً، وبصورة غير مباشرة، ينص قرار نقابة الأطباء على حجب الخدمات عن شريحة المؤمن عليهم في القطاع الخاص، اعتباراً من الشهر المقبل بسبب خلافات مالية الطابع مع شركات التأمين. النقابة استثنت الحالات الحرجة والطارئة، وذلك يعني عملياً الحالات التي تتوجب إجراءات في المستشفيات، فيما الإجراء الجديد مرتبط بعيادات الأطباء.
ونصح قرار النقابة الطبيب والمواطن المشمول ببرامج التأمين الخاصة بالحصول على فاتورة بعد الدفع نقداً للطبيب لإظهار حرص النقابة على مصالح المرضى المشمولين وضمان حقوقهم من شركات التأمين. لم توجه نقابة الأطباء الاتهام مباشرة لشركات التأمين، ولم تقل تلك النقابة إنها اتخذت إجراءات تصعيدية في إطار الشرعية النقابية. لكن الإجراء بصرف النظر عن تسميته النقابية، يؤدي إلى حجب خدمة مهمة عن قطاع كبير من الأردنيين وعلى نحو مفاجئ. هو ليس أضراباً للأطباء عن العمل، لكن نتائجه السياسية والشعبية تشبه الإضرابات لقطاع حيوي والامتناع عن تقديم خدمة مباشرة للمواطن إلا في حال دفعه نقداً بدل الخدمة. حصل جدال ونقاش وتجاذب، ودخل اتحاد شركات التأمين على الخط معتبراً أن قرار الأطباء لا علاقة له بالاتحاد، ومشيراً ضمناً إلى عدم حصول عملية تفاوض منطقية، والأهم أن الأطباء يطالبون برفع أجورهم بنسب كبيرة وغير معقولة. ووصف اتحاد التأمين قرار نقابة الأطباء بأنه غير قانوني، ووصفت النقابة كلام الاتحاد التأميني عن المطالبة برفع أجور الأطباء بنسب كبيرة أنه غير صحيح. لكن في النتيجة، المشهد العام وبصرف النظر عن إجراء النقابة وتفسير اتحاد التأمين، تم الإعلان عن خدمة أساسية ستحجب عن مواطنين أردنيين متعاقدين إما فردياً أو عبر مؤسساتهم مع شركات تأمين لتوفير التغطية الطبية، ودفع هؤلاء مالاً ووقعوا عقوداً لا تزال سارية المفعول. عملياً، إجراء النقابة يفجر لغماً وينقله إلى حضن شركات التأمين. لكن النتائج ستؤدي إلى حالة فوضى، لأن الحديث هنا عن مئات الآلاف من المواطنين يفترض أن يلتزم الأطباء وشركات التأمين بتوفير احتياجاتهم وضمان حصولهم على الخدمة، لأن نقابة الأطباء في الواقع اتخذت قراراً إجرائياً ولم تهدد باتخاذ القرار، الأمر الذي يكشف ضعفاً في ثقافة التصعيد نفسها، فيما يتبادل الأطباء اليوم مع أصحاب شركات التأمين حالة تلاوم نادرة.
يسأل مواطنون بكثافة: أين الجشع في القصة؟ وهي حالة تلاوم في طريقها لتفخيخ أزمة مجتمعية جديدة لا حاجة للجميع بها، فكرتها أن شريحة واسعة من الأردنيين بلا حقوق الآن فيما يتعلق بجزئية زيارات الأطباء في عياداتهم، والمقصود طبعاً أطباء الاختصاص، فيما تعلن النقابة أنها ملزمة بقرار الهيئة العامة لها، الذي يطالب بأن ترفع شركات التأمين أجرة الأطباء بنسبة 30 % فقط تعاملاً مع حيثيات ووقائع ارتفاع نسبة التضخم والأسعار عموماً، وحرصاً على ضمان استمرار الأطباء ومراكزهم وعياداتهم في تقديم الخدمة المطلوبة.
الموقف عموماً يبدو محرجاً ولا أحد يعلم ما إذا كانت النقابة قررت ليّ ذراع قطاع التأمين أم أن قطاع التأمين يتجاهل حقوق شريحة الأطباء. وفي سياق هذا التنابز بالاتهامات، التأشير على مشكلة مجتمعية جديدة مقابل حالة صمت حكومية غير مفهومة بعد، لا تعلق على مسار الأحداث. أما الحكومة فلم تقل كلمتها فيما يتعلق بهذا الخلاف والتصدع بين شركات التأمين ونقابة الأطباء.
والحكومة لم تقل كلمتها أيضاً فيما يختص بالبدائل التي يمكن توفيرها لشريحة واسعة من المواطنين في الحصول على حقهم بالعلاج والاستشارات الطبية باعتبار ذلك جزءاً أساسياً من مكونات واجبات الدولة وليس الحكومة فقط.
الموقف عموماً قيد الانتظار والترقب، وملامح أزمة معيشية وخدماتية الطابع تلوح في الأفق الأردني مع تعبيرات مماثلة تزدحم، عنوانها الخدمات الأساسية للمواطن الأردني.القدس العربي
يبدو أن نقاط التفوق والنجاحات التي برزت مؤخراً على صعيد القطاع الصحي الرسمي والحكومي، وحصراً في عهد الطاقم الذي يديره اليوم وزير طبيب هو الدكتور فراس الهواري، في مستويات متفوقة تقريباً عن القطاع الطبي الخاص، حيث افتعلت خلال الساعات القليلة الماضية أزمة من لا شيء تصلح نموذجاً للتكهن بسلسلة أزمات معيشية الطابع يمكن أن تهز الغربال مجدداً في مجتمع مرهق وبرفقة حكومة لا بد أنها متعبة.
بكل حال، تفاجئ نقابة الأطباء المواطنين الأردنيين بقرار غريب سرعان ما أثار عاصفة من الجدل حتى على مستوى منصات التواصل الاجتماعي. ضمناً، وبصورة غير مباشرة، ينص قرار نقابة الأطباء على حجب الخدمات عن شريحة المؤمن عليهم في القطاع الخاص، اعتباراً من الشهر المقبل بسبب خلافات مالية الطابع مع شركات التأمين. النقابة استثنت الحالات الحرجة والطارئة، وذلك يعني عملياً الحالات التي تتوجب إجراءات في المستشفيات، فيما الإجراء الجديد مرتبط بعيادات الأطباء.
ونصح قرار النقابة الطبيب والمواطن المشمول ببرامج التأمين الخاصة بالحصول على فاتورة بعد الدفع نقداً للطبيب لإظهار حرص النقابة على مصالح المرضى المشمولين وضمان حقوقهم من شركات التأمين. لم توجه نقابة الأطباء الاتهام مباشرة لشركات التأمين، ولم تقل تلك النقابة إنها اتخذت إجراءات تصعيدية في إطار الشرعية النقابية. لكن الإجراء بصرف النظر عن تسميته النقابية، يؤدي إلى حجب خدمة مهمة عن قطاع كبير من الأردنيين وعلى نحو مفاجئ. هو ليس أضراباً للأطباء عن العمل، لكن نتائجه السياسية والشعبية تشبه الإضرابات لقطاع حيوي والامتناع عن تقديم خدمة مباشرة للمواطن إلا في حال دفعه نقداً بدل الخدمة. حصل جدال ونقاش وتجاذب، ودخل اتحاد شركات التأمين على الخط معتبراً أن قرار الأطباء لا علاقة له بالاتحاد، ومشيراً ضمناً إلى عدم حصول عملية تفاوض منطقية، والأهم أن الأطباء يطالبون برفع أجورهم بنسب كبيرة وغير معقولة. ووصف اتحاد التأمين قرار نقابة الأطباء بأنه غير قانوني، ووصفت النقابة كلام الاتحاد التأميني عن المطالبة برفع أجور الأطباء بنسب كبيرة أنه غير صحيح. لكن في النتيجة، المشهد العام وبصرف النظر عن إجراء النقابة وتفسير اتحاد التأمين، تم الإعلان عن خدمة أساسية ستحجب عن مواطنين أردنيين متعاقدين إما فردياً أو عبر مؤسساتهم مع شركات تأمين لتوفير التغطية الطبية، ودفع هؤلاء مالاً ووقعوا عقوداً لا تزال سارية المفعول. عملياً، إجراء النقابة يفجر لغماً وينقله إلى حضن شركات التأمين. لكن النتائج ستؤدي إلى حالة فوضى، لأن الحديث هنا عن مئات الآلاف من المواطنين يفترض أن يلتزم الأطباء وشركات التأمين بتوفير احتياجاتهم وضمان حصولهم على الخدمة، لأن نقابة الأطباء في الواقع اتخذت قراراً إجرائياً ولم تهدد باتخاذ القرار، الأمر الذي يكشف ضعفاً في ثقافة التصعيد نفسها، فيما يتبادل الأطباء اليوم مع أصحاب شركات التأمين حالة تلاوم نادرة.
يسأل مواطنون بكثافة: أين الجشع في القصة؟ وهي حالة تلاوم في طريقها لتفخيخ أزمة مجتمعية جديدة لا حاجة للجميع بها، فكرتها أن شريحة واسعة من الأردنيين بلا حقوق الآن فيما يتعلق بجزئية زيارات الأطباء في عياداتهم، والمقصود طبعاً أطباء الاختصاص، فيما تعلن النقابة أنها ملزمة بقرار الهيئة العامة لها، الذي يطالب بأن ترفع شركات التأمين أجرة الأطباء بنسبة 30 % فقط تعاملاً مع حيثيات ووقائع ارتفاع نسبة التضخم والأسعار عموماً، وحرصاً على ضمان استمرار الأطباء ومراكزهم وعياداتهم في تقديم الخدمة المطلوبة.
الموقف عموماً يبدو محرجاً ولا أحد يعلم ما إذا كانت النقابة قررت ليّ ذراع قطاع التأمين أم أن قطاع التأمين يتجاهل حقوق شريحة الأطباء. وفي سياق هذا التنابز بالاتهامات، التأشير على مشكلة مجتمعية جديدة مقابل حالة صمت حكومية غير مفهومة بعد، لا تعلق على مسار الأحداث. أما الحكومة فلم تقل كلمتها فيما يتعلق بهذا الخلاف والتصدع بين شركات التأمين ونقابة الأطباء.
والحكومة لم تقل كلمتها أيضاً فيما يختص بالبدائل التي يمكن توفيرها لشريحة واسعة من المواطنين في الحصول على حقهم بالعلاج والاستشارات الطبية باعتبار ذلك جزءاً أساسياً من مكونات واجبات الدولة وليس الحكومة فقط.
الموقف عموماً قيد الانتظار والترقب، وملامح أزمة معيشية وخدماتية الطابع تلوح في الأفق الأردني مع تعبيرات مماثلة تزدحم، عنوانها الخدمات الأساسية للمواطن الأردني.القدس العربي
نيسان ـ نشر في 2023-08-21 الساعة 08:16
رأي: بسام بدارين كاتب اردني