اتصل بنا
 

الأردن: كلفة 'التصفيق' وغياب 'الملاحظين'… متى وكيف تكسب الحكومة؟

نيسان ـ نشر في 2023-08-30 الساعة 07:13

x
نيسان ـ أي قراءة للملاحظات العميقة التي تقدم بها مؤخراً وعلناً وزير الصحة الأردني الأسبق ورجل الأعمال سعيد دروزة ضمن مناقشات العام الأول للتحديث الاقتصادي والإداري خارج سياق الحرص من المتحدث على إنتاجية اقتصادية وطنية أكبر، ستمثل مقاربة دون مستوى المناسبة والحدث والمتحدث والحديث مع التحديث نفسه.
في إطار الصراحة، لفتت تعليقات منهجية للوزير السابق دروزة أنظار المراقبين في الاجتماع النخبوي العريض، الذي أدارته الحكومة في البحر الميت يومي الجمعة والسبت الماضيين، ليس لأن الحديث صادر عن وزير سابق ورجل أعمال موثوق يمقت الاستعراض ولا يتعاطى مع الإعلام بالعادة فقط، ولكن لأن وجود المرجعية كشاهد عيان ومراقب في الجلسة الختامية لتلك الخلوة الضخمة يختبر مصداقية شخصية من وزن دروزة قررت التحدث بنعومة وبصراحة في بعض المعطيات وبصيغة فيها كثير من المسؤولية، وأيضاً لأن المناسبة شكلت خطوة جريئة من الحكومة أصلاً ولا يمكن قراءة تعليقات دروزة خارج سياق الالتزام بالتشخيص، لا بل يرى خبراء بارزون بأن اجتماع البحر الميت كان ينبغي تطعيمه بنخبة من الشخصيات الوزارية والتكنوقراطية السابقة التي تستطيع التقاط ما هو جوهري في الملاحظة والتحدث بصراحة.
وما قاله دروزة بالخصوص وفي إطار غلاف من اللياقات السياسية والإعلامية هو تغريد داخل السرب وليس خارجه. وقد يكون المؤشر اليتيم على أن اجتماع البحر الميت الذي أثار الجدل عموماً لم يكن اجتماعاً يهدف للتصفيق للحكومة، وإن كانت تنقصه تلك النكهات الخبيرة القادرة على الملاحظة والرصد، والتي يمكنها التحدث بصراحة ببعض التفاصيل والملاحظات مع الحكومة ومن أجلها.
غاب بوضوح عن الاجتماع طيف من أبرز خبراء الملف الاقتصادي خصوصاً من طبقة الوزراء السابقين أصحاب الآراء الراشدة المنطقية في التقييم.
وخسرت الحكومة بسبب هذا النقص التنظيمي شركاء لديهم القدرة على خدمة برنامجها وإظهار اجتماع البحر الميت بعيداً عن حسابات الاستعراض.
لكن ذلك حصل لسبب ما على الأرجح، فيما وقف دروزة نفسه في جلسة ختامية بعيداً عن سياقات المناكفة والترصد والاصطياد أمام ملاحظات في غاية العمق من الطراز الذي ينبغي للحكومة أن تسمعه ما دام الأمر مرتبطاً بمرور العام الأول على رؤية التحديث الإداري والاقتصادي.
تحدث الرجل الذي سبق له أن أدار مؤسسات تتبع الدولة ويدير الآن الشركة الرائدة في إدارة مجال الصناعة الدوائية أو يساهم في إدارتها، عن قرارات وإجراءات حكومية صحيحة، لكنها لا تزال بطيئة أو متأخرة، مؤكداً أن إيقاع توقيت اتخاذ القرارات يحتاج لسرعة أكبر حتى يضمن الجميع تنفيذ ملامح الرؤية المطلوبة.
تحدث دروزة أيضاً بصوت هادئ ومنهجية علمية عن كيفية إدارة الجزئية المرتبطة بالمشاريع والاستثمارات في العلاقة أو في ما يسمى بالشراكة في قطاعي العام والخاص، مطالباً ضمناً بإعادة تنميط العلاقة وتلك الشراكة، بحيث يترك القطاع العام معقولاً ومنتجاً لمبادرات القطاع الخاص عندما يتعلق الأمر باختيار المشاريع مع ضمان توجهات وثوابت الدولة طبعاً.
في الملاحظتين الثالثة والرابعة لدروزة، وتحت مظلة المرجعية في النقاش، كلمات نقدية هادفة تحاول الوصول إلى خلاصات بشأن القطاع الشاب ومبادراته في المشاريع والإنتاجية، وخصوصاً من هم أقل من 30 عاماً. وهم من وصفهم دروزة باستمتاع بأنهم مبدعون وخلاقون، لكنهم سرعان ما يعودون إليه للاستفسار عن أفضل طريقة للهجرة مع مشاريعهم وأفكارهم.
وهي مفارقة طرحها دروزة بجرأة تحسب له وهزت الغربال وهو يتحدث عن تهدئة وتوطين المبادرات الشابة، مع تلميح إلى أن الإحباط هنا ينتج عن السلوكيات البيروقراطية التي تحتاج إلى نظرة مختلفة وجديدة، خصوصاً عندما يرتطم المشروع الشاب ببعض المؤسسات البيروقراطية ضارباً أمثلة بالضرائب والجمارك.
تغريدة دروزة كانت في السياق وفي عمق السرب الوطني وبحكم موقعه تحت ثوابت الدولة والمرجعيات وتضحياته المتعددة لصالح وظائف بيروقراطية. ويمكن القول إن الحكومة التي احتفت في العام الأول على التحديث هي المستفيد الأول والأساسي من ملاحظات عميقة عرضها أحد أبرز ممثلي القطاع الخاص والاستثماري في البلاد.
وعليه، لا مبرر لأي قلق حكومي ولا لتصنيف صاحب تلك المداخلة أو اتهامه؛ لأن إثراء النقاشات إحدى أبرز الملاحظات الإيجابية على اجتماعات البحر الميت التي غاب عنها تحديث السياسي في إطار تصور بيروقراطي حكومي قرر بصعوبة عدم خلط جمهور التحديث السياسي مع جمهور التحديث الاقتصادي، كما قدر بأن عمر التحديث السياسي يسبق عاماً على الأقل عمر شقيقه الاقتصادي.
اجتهدت الحكومة في البحر الميت، وكانت تريد القول إنها جاهزة لتدشين قواعد عمل تخص امتثالها لرؤية التحديث الاقتصادي والإداري. ورصدت بعض الأخطاء هنا وهناك، وغابت شخصيات جدية ومؤثرة عن حوار من هذا النوع، وتميز الخطاب الحكومي بمصداقية مرتفعة، وهو يصف ما ورد في وثائق التحديث الاقتصادي بأنها فرضيات وتحديات، مع أن المناخ امتلأ بالكواليس وببعض الاعتبارات المتعاكسة. فيما يعني صوت تلك المداخلة لدروزة، وينبغي أن يعني الكثير إيجابياً إذا ما حسنت نية جميع الأطراف.بسام بدارين/ العربي

نيسان ـ نشر في 2023-08-30 الساعة 07:13

الكلمات الأكثر بحثاً