اتصل بنا
 

دفاعاً عن مجلس النواب

نيسان ـ نشر في 2023-09-07 الساعة 10:03

x
نيسان ـ محمد قبيلات
السلطات التنفيذية، وأذرعها "البحثية"، لا يتوقفون عن التهجم على المجالس النيابية وانتقاد أداء النواب، وفي ذلك تجسيد كامل لتبادل متعسف للأدوار الوظيفية والاختصاصات، ففي الوقت الذي يجب أن يكون فيه لمجلس النواب، بصفته الرقابية، دور انتقاد الأداء الحكومي، تنعكس الأمور ليتم تهشيم الصورة الأصلية لبيت الرقابة والتشريع، وتقديم فكرة جاهزة للرأي العام مفادها أن لا جدوى من العمل النيابي، وأن الجهات التنفيذية هي الأجدر والأقدر على القيام بوظائفها من دون عناء الرقابة والمحاسبة.
ولا تنحصر القصة بتشويه القيمة الرقابية فقط، بل تتعداها لتُجَرد السلطة الأولى من مهمتها الوقورة الأساسية؛ التشريع، ولتلبسها بدلا منها الهزال والضعف، كما ظهرت الصورة للرأي العام مؤخرًا، بعد إسدال ستارة الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي، التي أوحت بأن الحكومة تدرس مشروعات القوانين لسنوات بما يتناسب مع المصلحة العامة، بينما ينحصر دور مجلس النواب برفع الأيدي للتصويت، فتمر القوانين من بيت التشريع مرورا سريعا روتينيا، مقابل منح أعضائه بعض الامتيازات من إعفاءات طبية ووظائف لمقربين منهم.
من أين تبدأ المشكلة؟! من قانون الانتخاب ومن نظام وآليات الإشراف وإجراء الانتخابات، بينما تضع جهات نفسها فوق القانون وتعبث بالعملية الانتخابية، سواء بالتزوير المباشر، أو بهندسة المعارك الانتخابية، أو بالتأثير في إرادة الناخبين بتوجيههم للتصويت أو عدم التصويت لهذه الجهة أو تلك. وتدخل هذه الآفة ساحات الأحزاب، بالعقلية والآليات نفسيهما، خدمة للغايات ذاتها، وكذلك يتم التعامل مع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي بذرائع وادعاءات مختلفة.
واختصارًا للوقت والجهد؛ لعل الجواب المباشر على سؤال المليون: لِمَ يتم ذلك كله؟ نقول إن هذا ليس له إلّا تفسير واحد؛ هو أن جهة أو جهات، في مستويات نافذة، ليس لها مصلحة بتفعيل دور الأجهزة التشريعية والرقابية الصحيح، وأن لها مصلحة قوية بإقناع الجميع بأن لا جدوى من الانتخابات، كونها لا تُوصل إلى طبقات الحكم من يتحلون بالكفاية، بل إنها تفرض على الدولة مجموعة من الزعماء المحليين غير المتمكنين، الذين لا هدف لهم غير تحسين ظروفهم الخاصة، وأن وجودهم لا يعزز استقلال المؤسسات وقدرتها على أن تقوم بدورها الدستوري بالشكل السريع والصحيح.
ما الغاية من ذلك؟ تأمين الحماية لمنظومات خفية، تعشعش في مستويات الإدارة المختلفة، وهي من خَلقت وأسست لكل ما نعيشه من أزمات، وما كل هذه العمليات والترتيبات المبرمة إلّا لهدف إكسابها المزيد من الوقت، وتأخير لحظة الحساب، وأن تبقى المؤسسات التنفيذية خارج السيطرة والرقابة لأطول مدة ممكنة.

نيسان ـ نشر في 2023-09-07 الساعة 10:03

الكلمات الأكثر بحثاً