اتصل بنا
 

سِيَرُ السّاسَة والذاكرة الموجوعة بالخيانات

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2023-09-09 الساعة 10:42

سير الساسة والذاكرة الموجوعة بالخيانات ـ
نيسان ـ محمد قبيلات.. عندما يستعيد السياسي أو الصحافي شريط ذكرياته، فإنه يُسقط منها، عن عمد، الكثير، لذلك تبدو الصور غاية في الجمال والشجاعة والإقدام ونكران الذات، والأهم من ذلك كله العصامية! فلا أحد منهم يسرد علينا قصصا مؤلمة، أو أية ذكرى حقيقية، بمعنى أنها خفيت وصنعت فروقات في شخصياتهم عن الآخرين من أترابهم ومجايليهم، فكأنهم منزهون عن الفشل والخذلان والتواطؤ، فيظهرون كأنهم رجال من خيوط النور، ولا صلة لهم بطين البشر.
لا يستطيع القارئ المواكب لهم ولسردياتهم، أو المتتبع للأحداث والمحطات المهمة في حياتهم، أن يفسر سرّ انقلابهم، وما يعوضون باختزالهم السير الذاتية من أحداث ومواقف قد تكون صاغت شخصياتهم، لكنهم يهربون من أطر صورهم العادية البسيطة، ليظهروا بصور خارقة لا تشوبها شوائب الحياة.
في الوقت نفسه، هم لا يتذكرون خلفياتهم أو ميولهم الفكرية والسياسية، التي انتهجوها مطالع حياتهم، وكلنا يعلم أن لا أحد منهم بدأ من ذاته، بل إنا نجد خلفيات الساسة والكتاب والصحافيين جميعهم إما إسلامية، أو يسارية، أو قومية، لكن لِمَ يخفون ذلك؟! لا أحد يعلم، يقفزون مع سبق إصرار عن تلك الفقرات من سيروراتهم، وكأنهم يسعون لفرض صيروراتهم المتخيلة على مخيلاتنا، فيمارسون انتقائية ليست بعيدة عن التزييف، سعيا للمزيد من التزلف وتحقيق المكاسب، أو للحفاظ على ما حققوه من مواقع.
طيّب، اذا كانت هذه هي حدود طموحاتهم، ما هو الذنب الذي اقترفناه لنعاقب مع كل طالع نهار بصورهم المتجددة، ما الذي فعلناه لنجلد كل هذا الجلد بصفحاتهم التي تنشر يوميا، فتلوث المجال العام، بروائحها الكريهة، فتعمم أمراضهم على المارة والمتسكعين على أرصفة المعرفة بحثا عن الحقيقة، من يدفعهم، أو يدفع لهم، ليبثوا في فضاءاتنا كل هذه التشويشات.
إنهم يعبثون عن سبق إصرار بالشخصية الأردنية الناشئة، فيقدمون استخلاصاتهم المريضة للشباب، ليحذوا حذوهم في السكوت، يقدمون لهم وجبات سريعة مضمخة بالدهون الضارة، فتترهل أفكارهم، ويستسهلون اتباع الفئة الضالة، في تزلفهم ومرآتهم وجبنهم وانتهازيتهم، فلا أمثلة تبعث على الفخر في سيرهم، إنما هي مسالك ضيقة سلكوها منحرفين عن طرق الشجاعة والرجولة، فاختاروا أن يكونوا مجرد أذناب، يبحثون عن ضالتهم في التبعية، فإن لم يعثروا عليها هنا، التصقوا بأي مكان، حتى لو كان في آخر جزر المعمورة وممالكها.
يا أصحاب المواقع الإخبارية، إنزعوا صورهم المشوهة عن جدران مواقعكم، حتى لو لم تجدوا ما يملأ فراغاتها، فبياضها أكثر راحة لنا من رؤية صورهم الشاحبة.

نيسان ـ نشر في 2023-09-09 الساعة 10:42

الكلمات الأكثر بحثاً