اتصل بنا
 

قراءة في الحراك الحزبيّ

قاص وأكاديمي

نيسان ـ نشر في 2023-09-18 الساعة 18:26

نيسان ـ تشكل الأحزاب وقوة حضورها وازدهارها على الساحة السياسية مؤشرا مهما ودلالة حقيقية في قراءة المشهد الديمقراطي في الدول التي تعنى بالديمقراطية، من خلال ما تطرحه من برامج ورؤى من شأنها أن تنعكس على المشهد العام؛ منتسبين وأفراد، كما إنها تعد مقياسا لمستوى التعددية الفكرية والتنوع الإيدلوجي في حياة المجتمعات.
وفي هذه الأيام تشهد الساحة الأردنية نشاطا حزبيا مزدحمًا بعدما صارَ العملُ الحزبيّ فعلا لا يعاقب عليه القانون، ولايجرم فاعله، ولا يُضيق على ناشطيه بل يحفز ويدفع لتكوين مظلة حزبية؛ فغدا عدد يؤسسون ويحاورون ويحاولون الحصول على تراخيص لتنظيماتهم بهدف تلبيه احتياجات منتسبيه والوصول للسلطة.
وهذا أمر صحي وفي ظاهره جميل الهدف والغاية والفكرة، لكن ما نراه اليوم هو قيام أشخاص لا يملكون خبرة سياسية كافية وعمق في العمل العام والمعرفة يسعون ويركضون لتشكيل أحزاب، ولا يملون من دعوة العامة للانخراط بالحياة الحزبية، وكل هذا لا يخرج عن كونه إعادة تموضع ومحاولة تدوير وتلميع لهؤلاء الأشخاص لا أكثر.
علاوة على مانراه في هذا الحراك الحزبي- الذي نرجو ألا يكون نشاطا آنياً- أحزاب الفرد الواحد الذي يسعى إلى جمع حشود في محاولة إعادة تكراره أو تكوين قوة ضغط لا أكثر، حتى بتنا نعرف أمين عام الحزب قبل انتخابه،

المواطن أوعى من أن يُخدع مرة أخرى، أو يُظن به أنّه سهلُ الإقناع بكلامٍ مُستهلك مُكرر مُستل من لغة الدراويش وأوجاع الناس؛ فكلما رغب أحدهم أن يركب موجة لفت الأنظار أو الوصول لسلطة أو أُحيل لتقاعد تشدق به وراح يطرم آذاننا جعجعة لا نرى منها طحناً.
الأولى أن تكون الدعوة من شخصيات وطنية تُحسن العمل العام وأحسنته وتعرفه، خبرتها الناس وتثق في فعلها، لديها المعرفة السياسية الكافية التي كسبتها بالتراكمية المعرفية لا بالتراتبية الوظيفية أو الواسطة والمحسوبية.
لا أظن أن التناحر الحزبي الذي نراه اليوم وتصارع الاستقطاب وتسارعه يجعل المواطن في طمأنينة الاختيار، ولا يعكس المُخرج الحقيقي للتحديث السياسي الذي ينادي به النظام ولا يكتب للتجربة القادمة النجاح.
مع التنبيه إلى أن عددا من الأحزاب يحمل القائمون عليها - مؤسسون ومنتسبون- الفكرة والوعي السياسي والفهم الحقيقي لمفهوم الحياة الحزبية مع الحرص على الديمومة والاستمرارية بعيدا عن الآنية والأنانية التأسيسية.
اتركوا الناس تختار بقناعتها ولتكن التجربة الحزبية بعيدة عن كل مُجرب كان سبباً في تردي الحالة الاقتصادية أو السياسية أو ترجعنا الإداري أو أسهم في ضعف تنافسنا التعليمي.

نيسان ـ نشر في 2023-09-18 الساعة 18:26


رأي: د. فيصل القعايدة قاص وأكاديمي

الكلمات الأكثر بحثاً