حب رحلة صيفية
مريم عرجون
كاتبة جزائرية
نيسان ـ نشر في 2023-09-25 الساعة 17:01
نيسان ـ من أين أبدأ الكلام، كتبي مبعثرة، وقلبي ليس يتركني أنام، فقل لي بربك، هل يموت الحب في جوف الظلام؟
انشأني الله من حَمَإٍ مَسنونٍ، لا يعرف طينة البغضاء، حيث عمدني بماء دافق، وخلقني من بريق نبضة لا تهدأ، و أمشاج، ثم نفخ في الروح، فسواني خلقاً آخر ، وأعتقني بريقا طليقا في السبيل، و تشهد الخلائق أَنني حيُّ، وحُرُّ، أين النور والظلمات، وكل النفوس فيها سجينة آسية، و على هَدْيِ البصيرة، أسعى للوصول إلى اليقين، وأن أسْتَقْصي الوجود، و أسْتَنْبط معنى أن أكون في الدرب.
لكن أربكتني الأضواء في الليالي الصافية، وحيرتني ظلمة النهار التي كانت دميمة في قبحها، كالمدن العارية، فأرى زلاّت و آثاما لأرواح غاشية، تمشي في صخب الهاوية، ذاك الصخب بالأفق الذي كاد أن يضلّلني في الشعاب القاسية، لكنني ثبت رغم صعوبة المسلك، بأقدامي العارية بالساقية، التي كانت تهرول من الكهف، و الغاب، و السبل الخافية، وأحيانا أمشي بتأني على ضوء فانوس المحبة، المعلق بين البصائر، والنبضة الآنية، وبكل خير كانت تدنو لي شافية، تلك الضِيَاء الباهتة التي جاد به الله عليا، لذا لم تنزلق قدماي، ولم أمش مكبا على وجهي، أو ضللت السبيل.
ربما تعثرت في المساري قليلا، لأني خلقت من نبض حب دافق، الحب الذي هو أَسْمَى مَكَارِم الله، حيث سِاقَه الله لي يسري على ساقِ، و عرج عليا بطلقة أصابت قلبي، من أسفل الشفرة، و من هزة النظرة، سَمَا بها موال وراء موال، هز الجوانح هزة، مرة يعانق جمري الجمرة، ومرة يمد صبري الصبر، و مرات يهد الجبال ، تلك الطلقة العتيقة التي سارت بالدم الخاثر، فلا بأس بالزلة بين الحين والحين، إن كانت ترتيب القدر، و مرحبا بالموت في حضرة الحب النادر، الذي وصل في جوف القلب، فظننته رحيقا مختوما، ولكنه قاتلٌ محترف، لم يرفق بحالي، فكنت في ذاك اللهب المقتول، والقتيل، حيث الجحيم الذي لا يخجل، وكل ذاك كان سيف حب لم يتَحَنّن، والجسم بالٍ، حط رحاله في رحلة صيف، بطلقة سهام طائشة، نسجت لي عتمة موحشة، ثم اختفت، وفارقت هنيهةً مسارها، فتهت عند مقاطع المنتهى، أصنع صباحيا الأنيق المهمشة، وهو صنع لي قنوان دانية، من الوحدة بعد وصال حب.
عطلة صيف داهية، وآلت عيناي حينها مسكن يدمي بقوسه الذي رماني سهما بالسم، بلغ مسكن العظم، و نبضة الحب أرست عندي ترتجف مقهورة، مهجورة، مقرورة في دمي، وظلت دياري تذروها الرياح، المسكونة بالشوق المغترب، لا حب عندها باق، و لا حنين عندها يحكى.
فيا ملهما الوجدانِ، كيف السبيلُ والمسالك إليك عاثرة، هل هي الظروف بعد الصيف قاصرة، أو أن حب رحلة الصيف دائما هي علاقة عابرة، وإسمع أيها العابث، قد اسْتَجَرتك يوما بدين الحب، فبأي دين أو ملة أنت مائل، و دائن، وهل كان حبك دين آمن، وإن كان عكس ذلك، إما أن تغلق بابك في كتم، وتترك باب قلبي مشرعا على التوقعات، ربما تُزين أحلامي حينها من الوهم، فغالبا حب رحلة الصيف تأخذ القلوب رهائن، وقواعدها قواعد هدم، وأنا التي ما كنت أعلم أن جسم المحب واهن، لا ملة له، و قلبي لا يرد السقم بالسقم.
وإما يا نصف حاضر، و ساكنا في وطن غير المواطن، و بالقلب ساكن، أن تأخذني اليكَ برفقٍ، فكل آيات السحر قرأتها، ولم أنجو من سحر عيونك، التي حكمت عليا بعشقك لألف عام، فمثلك لن يأتي به العمر مرتين.\
انشأني الله من حَمَإٍ مَسنونٍ، لا يعرف طينة البغضاء، حيث عمدني بماء دافق، وخلقني من بريق نبضة لا تهدأ، و أمشاج، ثم نفخ في الروح، فسواني خلقاً آخر ، وأعتقني بريقا طليقا في السبيل، و تشهد الخلائق أَنني حيُّ، وحُرُّ، أين النور والظلمات، وكل النفوس فيها سجينة آسية، و على هَدْيِ البصيرة، أسعى للوصول إلى اليقين، وأن أسْتَقْصي الوجود، و أسْتَنْبط معنى أن أكون في الدرب.
لكن أربكتني الأضواء في الليالي الصافية، وحيرتني ظلمة النهار التي كانت دميمة في قبحها، كالمدن العارية، فأرى زلاّت و آثاما لأرواح غاشية، تمشي في صخب الهاوية، ذاك الصخب بالأفق الذي كاد أن يضلّلني في الشعاب القاسية، لكنني ثبت رغم صعوبة المسلك، بأقدامي العارية بالساقية، التي كانت تهرول من الكهف، و الغاب، و السبل الخافية، وأحيانا أمشي بتأني على ضوء فانوس المحبة، المعلق بين البصائر، والنبضة الآنية، وبكل خير كانت تدنو لي شافية، تلك الضِيَاء الباهتة التي جاد به الله عليا، لذا لم تنزلق قدماي، ولم أمش مكبا على وجهي، أو ضللت السبيل.
ربما تعثرت في المساري قليلا، لأني خلقت من نبض حب دافق، الحب الذي هو أَسْمَى مَكَارِم الله، حيث سِاقَه الله لي يسري على ساقِ، و عرج عليا بطلقة أصابت قلبي، من أسفل الشفرة، و من هزة النظرة، سَمَا بها موال وراء موال، هز الجوانح هزة، مرة يعانق جمري الجمرة، ومرة يمد صبري الصبر، و مرات يهد الجبال ، تلك الطلقة العتيقة التي سارت بالدم الخاثر، فلا بأس بالزلة بين الحين والحين، إن كانت ترتيب القدر، و مرحبا بالموت في حضرة الحب النادر، الذي وصل في جوف القلب، فظننته رحيقا مختوما، ولكنه قاتلٌ محترف، لم يرفق بحالي، فكنت في ذاك اللهب المقتول، والقتيل، حيث الجحيم الذي لا يخجل، وكل ذاك كان سيف حب لم يتَحَنّن، والجسم بالٍ، حط رحاله في رحلة صيف، بطلقة سهام طائشة، نسجت لي عتمة موحشة، ثم اختفت، وفارقت هنيهةً مسارها، فتهت عند مقاطع المنتهى، أصنع صباحيا الأنيق المهمشة، وهو صنع لي قنوان دانية، من الوحدة بعد وصال حب.
عطلة صيف داهية، وآلت عيناي حينها مسكن يدمي بقوسه الذي رماني سهما بالسم، بلغ مسكن العظم، و نبضة الحب أرست عندي ترتجف مقهورة، مهجورة، مقرورة في دمي، وظلت دياري تذروها الرياح، المسكونة بالشوق المغترب، لا حب عندها باق، و لا حنين عندها يحكى.
فيا ملهما الوجدانِ، كيف السبيلُ والمسالك إليك عاثرة، هل هي الظروف بعد الصيف قاصرة، أو أن حب رحلة الصيف دائما هي علاقة عابرة، وإسمع أيها العابث، قد اسْتَجَرتك يوما بدين الحب، فبأي دين أو ملة أنت مائل، و دائن، وهل كان حبك دين آمن، وإن كان عكس ذلك، إما أن تغلق بابك في كتم، وتترك باب قلبي مشرعا على التوقعات، ربما تُزين أحلامي حينها من الوهم، فغالبا حب رحلة الصيف تأخذ القلوب رهائن، وقواعدها قواعد هدم، وأنا التي ما كنت أعلم أن جسم المحب واهن، لا ملة له، و قلبي لا يرد السقم بالسقم.
وإما يا نصف حاضر، و ساكنا في وطن غير المواطن، و بالقلب ساكن، أن تأخذني اليكَ برفقٍ، فكل آيات السحر قرأتها، ولم أنجو من سحر عيونك، التي حكمت عليا بعشقك لألف عام، فمثلك لن يأتي به العمر مرتين.\
نيسان ـ نشر في 2023-09-25 الساعة 17:01
رأي: مريم عرجون كاتبة جزائرية