اتصل بنا
 

متى يبتسم معالي الوزير؟!

نيسان ـ نشر في 2023-09-26 الساعة 12:37

x
نيسان ـ محمد قبيلات
حافظ معالي الوزير، إلى جانب حرصه الشديد على أن يكون هندامه غاية في الأناقة، على تجهمه، وعلى نظرة متفحصة بشكل حثيث ومتابع لمحدثه، تصل حدّ الحصار، نظرة يمكن أن يراوح تفسيرها بين الاستعلاء والشك والتدقيق، طبعا من غير أن يقصد هو ذلك، لكنه مارسه من باب حاجة المسؤول لسرعة اتخاذ القرار المُدَقَق، فلذلك استعجل تصنيف حديث أصدقائه حسب الأهمية، كما يتعامل مع عامة أبناء الشعب، وكان ميله واضحا لاستخلاص المفيد من الكلام، فجعل من كل مقابلة بمثابة محاكمة تفتيش في أعماق الآخر، لا تتوانى في إصدار الأحكام الميدانية الباطشة خصوصا بأولئك المتفلسفين من المعارضين والغاضبين، أحكام بالضرورة منحازة للمصالح العليا وليس بالضرورة للحق والعدالة.
في الوقت نفسه، حافظ معاليه على احترام المسؤولين الذين يعلونه في الرتبة، وواظب على الدفاع عن مواقفهم، خصوصا رئيس الوزارة، إذ يرى فيه، إلى هذه اللحظة، صاحب مشروع ومثالاً على النزاهة والاستقامة، تمّ هذا بالطبع إلى جانب حفاظه على الدفاع، من غير هوادة، عن جملة المواقف الرسمية، وغير الرسمية، لمراكز القرار في الدولة.
لم يحدث أن فترت ملامحه بابتسامة، حتى بعد انتصاراته الكثيرة في مواجهاته اليومية المفتوحة، التي تدور مروحتها عمومًا بين حِزم مصالح العائلة والعشيرة والمحافظة والوطن، لذلك؛ كثيرًا ما أنفذ أو طالب بإنفاذ إجراءات متضاربة، كونها لا تخضع للمنطق البيروقراطي، بل لأنها تراعي بالدرجة الأولى حزمة من تلك الحزم والمستويات المتضاربة الغايات، وبناء عليه تضاربت الكثير من مواقفه بين بعضها بعضا، وعندما مازحه محدثكم، بلغة مشوبة بالتهديد، بأن المقال المقبل سيكون بالعنوان أعلاه، قال: لا، إجعله معالي الوزير في متاهة.
وللأمانة؛ العلمية والمهنية، ظل على الدوام متحليًا، على غير ما يبدو للآخرين، بمودة عالية تجاه الرعية، لكن تراكم الأضابير اليومية على سطح طاولته، جعل منه شخصًا مستَفَزًا، ويمكن أن يُودع نصف الشعب في السجون لو أنها تتسع، وبالمناسبة ظلت هذه الرغبة تظهر بين الفترة والأخرى ضمن أولويات أمنياته، ولعل مردها حبه المبكر لركوب أمواج السلطة، ويعود ذلك أيضا، إلى زمن الطفولة السحيق، عندما كان يلحظ هيبة ووقار المتصرف، ببذلته السفاري ونظاراته الشمسية، في منطقته النائية، حيث كان يظهر في المناسبات الرسمية، مثل عيد الشجرة واحتفالات الاردن اخضر عام 2000، ماشيا الهوينى ومن حوله المخاتير والطامحين بالمراكز والمجد، وهو يرمق، بنظرته الصارمة، المتعالية من فوق كتفيه، المصطفين من القرويين لاستقباله.
لكن معالي الوزير اليوم، تجاوز كل تلك الآثار المنغرسة في أعماقه، وضحى بعمله الاعلامي الذي كان يطل منه يوميًا من على متن الشاشات، موزعا الشتائم، ونذر نفسه للخدمات الجليلة، والتصدي لمهام عظام، قل نظيرها في التاريخ، وابتعد رويدا رويدا عن أصدقاء السوء من أصحاب النظرة السوداوية، وحافظ على تميزه عن أصدقائه القدماء، وكان من أول قرارته أنه لم يعد يشرب الشاي بالأكواب البائسة، بل صار يشرب (الكاكاو) و(الكابتشينو) ومشروبات الغاز الدايت مع الليمون والنعناع بكاسات متطاولة، كما أنه أقلع عن أكل الفلافل وكل مأكولات البائسين من المواطنين، التي توتر القولون، وبالتالي تؤدي للاضطراب والتوتر الخطابي.

نيسان ـ نشر في 2023-09-26 الساعة 12:37

الكلمات الأكثر بحثاً