قبيلات يكتب: العودة إلى كليلة ودمنة
نيسان ـ نشر في 2023-09-29 الساعة 09:31
x
نيسان ـ محمد قبيلات
عاد الأردنيون بخطاباتهم إلى العهد العباسي، حيث ترجمت فيه كتابات راعي الحكمة الهندي بديدبا على يدي عبد الله بن المقفع، وأخذوا يتهكمون، بعودة لافتة إلى الترميز والتوسع بشرح عوالم وخصائص الحيوانات، هروبًا من قانون الجرائم الإلكترونية، ولم تخلُ بروفايلاتهم من الإدراجات ذات النكهة الساخرة، فظهروا كأنهم يمارسون خروجا تكتيكيا من صفاتهم الأصيلة؛ التجهّم، الصمت إلى حين ميسرة، وطق اللصمة، حيث بدأوا شوطا جديدا من مقاومة قانونهم الطازج، لكنه شوط غير مضمون العواقب والغرامات، فالقانون يحاسب العقل الجمعي على لا وعيه قبل وعيه.
على كل، ليس في الأمر جديد، فقد ظلّت كليلة ودمنة، منذ ألف سنة، وحتى يوم الناس هذا، ملاذًا آمنًا من التجبر، وأسلوبا من أساليب المقاومة بالحيلة، في مواجهة مفتوحة مع المحاولات المستمرة لتقييد قيم الحرية، وهذه لم تكن الحالة الفريدة في التأريخ، فقد كانت المجاز والترميز الطريق البديل الآمن للكتاب والمفكرين، عبر التأريخ، لمجابهة المنع والحظر وكل طرق محاصرة التعبير عن الرأي، حيث كانت الكتابات والمؤلفات المشفرة، في العصور المظلمة لدى الأمم كافة، هي المعبر والمنفذ من قهر التعبير والتجبر بالرأي الرسمي.
القصة اليوم لا تنحصر بسن قانون يهدف لتنظيم الفضاء الإلكتروني فقط، بل إن كثيرين يرون فيها اعتداءً صارخًا على حرية التعبير، ففي هذا العالم المفتوح يراقب الناس ما يجري في العالم من جهة انحياز القوانين والمؤسسات القضائية لقيم العدالة، بترجمة واضحة لإجراءات كثيرة تلاحق المسؤولين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، على ارتكابهم أخطاء خلال توليهم المناصب المهمة في دولهم، فيوازن الأردني الحال بالحال ليكتشف أن قوانينه تتجه إلى وجهة أخرى تماما، حيث تجرى الملاحقات القضائية للكثير من النشطاء لأنهم، في الأغلب، انتقدوا السياسات الحكومية، ولا تلاحق أيا من المسؤولين مع أن أضابيرهم مثقلة بالفساد وسوء الإدارة والمحسوبيات.
ولو ترك موضوع الفساد جانبًا، لأنه معقد، وعلى الأغلب يصعب تقديم الأدلة على وقوعه، وتمت متابعة أضابير سوء الإدارة والمحسوبية، لما احتاج الأمر للكثير من عناء لإثباته، فبمجرد استعراض كشوفات الموظفين من ذوي العقود برواتب عالية، من خلال ربط الأسماء بِذويها، لَعرفنا كيف تسلل أبناء الذوات إلى المواقع الحساسة برواتب مجزية.
القصة على تماس مباشر مع الرقابة على الأداء، وليست مجرد تنظيم أو منع للفوضى، وقد لاحظنا في السنوات الماضية، كيف أن المسؤولين يخافون وسائط التواصل الاجتماعي أكثر من الجهات الرقابية التقليدية في مؤسسات الدولة.
لذلك، لا بد من مراجعة قانون الجرائم الإلكترونية، ولا بد من خلق البيئة القانونية والأخلاقية المناسبة للديمقراطية والتنمية بأشكالها كافة.
عاد الأردنيون بخطاباتهم إلى العهد العباسي، حيث ترجمت فيه كتابات راعي الحكمة الهندي بديدبا على يدي عبد الله بن المقفع، وأخذوا يتهكمون، بعودة لافتة إلى الترميز والتوسع بشرح عوالم وخصائص الحيوانات، هروبًا من قانون الجرائم الإلكترونية، ولم تخلُ بروفايلاتهم من الإدراجات ذات النكهة الساخرة، فظهروا كأنهم يمارسون خروجا تكتيكيا من صفاتهم الأصيلة؛ التجهّم، الصمت إلى حين ميسرة، وطق اللصمة، حيث بدأوا شوطا جديدا من مقاومة قانونهم الطازج، لكنه شوط غير مضمون العواقب والغرامات، فالقانون يحاسب العقل الجمعي على لا وعيه قبل وعيه.
على كل، ليس في الأمر جديد، فقد ظلّت كليلة ودمنة، منذ ألف سنة، وحتى يوم الناس هذا، ملاذًا آمنًا من التجبر، وأسلوبا من أساليب المقاومة بالحيلة، في مواجهة مفتوحة مع المحاولات المستمرة لتقييد قيم الحرية، وهذه لم تكن الحالة الفريدة في التأريخ، فقد كانت المجاز والترميز الطريق البديل الآمن للكتاب والمفكرين، عبر التأريخ، لمجابهة المنع والحظر وكل طرق محاصرة التعبير عن الرأي، حيث كانت الكتابات والمؤلفات المشفرة، في العصور المظلمة لدى الأمم كافة، هي المعبر والمنفذ من قهر التعبير والتجبر بالرأي الرسمي.
القصة اليوم لا تنحصر بسن قانون يهدف لتنظيم الفضاء الإلكتروني فقط، بل إن كثيرين يرون فيها اعتداءً صارخًا على حرية التعبير، ففي هذا العالم المفتوح يراقب الناس ما يجري في العالم من جهة انحياز القوانين والمؤسسات القضائية لقيم العدالة، بترجمة واضحة لإجراءات كثيرة تلاحق المسؤولين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، على ارتكابهم أخطاء خلال توليهم المناصب المهمة في دولهم، فيوازن الأردني الحال بالحال ليكتشف أن قوانينه تتجه إلى وجهة أخرى تماما، حيث تجرى الملاحقات القضائية للكثير من النشطاء لأنهم، في الأغلب، انتقدوا السياسات الحكومية، ولا تلاحق أيا من المسؤولين مع أن أضابيرهم مثقلة بالفساد وسوء الإدارة والمحسوبيات.
ولو ترك موضوع الفساد جانبًا، لأنه معقد، وعلى الأغلب يصعب تقديم الأدلة على وقوعه، وتمت متابعة أضابير سوء الإدارة والمحسوبية، لما احتاج الأمر للكثير من عناء لإثباته، فبمجرد استعراض كشوفات الموظفين من ذوي العقود برواتب عالية، من خلال ربط الأسماء بِذويها، لَعرفنا كيف تسلل أبناء الذوات إلى المواقع الحساسة برواتب مجزية.
القصة على تماس مباشر مع الرقابة على الأداء، وليست مجرد تنظيم أو منع للفوضى، وقد لاحظنا في السنوات الماضية، كيف أن المسؤولين يخافون وسائط التواصل الاجتماعي أكثر من الجهات الرقابية التقليدية في مؤسسات الدولة.
لذلك، لا بد من مراجعة قانون الجرائم الإلكترونية، ولا بد من خلق البيئة القانونية والأخلاقية المناسبة للديمقراطية والتنمية بأشكالها كافة.