إلى المعلم وهو يقف على ناصية صناعة المستقبل
نيسان ـ نشر في 2023-10-06 الساعة 05:36
نيسان ـ لا يكاد يمرّ يوم عليّ إلا وأتذكّر فضل من علّمني الحرف والحجّة والكلمة، وزرع فيّ الحرص حتّى القلق، على ألا أخطئ بإجابة أو أُضلّ بمعلومة، وأن أسير بعبارة قد تترك وراءها جهل ما، أو ظلم ما..
تعلمت على ايديهم الجليلة أن لكل كلمة وزن، وثقل أثرها يُبنى عليه، وقد، أؤذ أحد ما، حين ما، وأمسّ حقّ ما، بسبب أغلوطة لم أقصدها، فقط لأنني أجهل ما بعدها..
إنّ المعلم يقف على ناصية صناعة المستقبل، ويرسم حدود الوطن بالفكر وينير درب تلاميذه معرفة ومهارة، وينتج آلاف العيون التي تبجّل الجمال والخلق والحياة، لا القبح والسوء والموت، وعقولاً موقدة لشموع الرّوح التّوّاقة للحقيقة ولا شيء غير الحقيقة..
أساتذتي -وياء المتكلّم هنا تعود على تلميذ فخور- إنّ من غير العدل ألا تبقون مخلدين، فأنتم وأجزم بذلك أفضل من صان العقل وحفظ التربية والتعليم مهنة رفيعة مقدّسة سامية، تبقون، لأنكم بوجداني كذلك..
إنّه لزاماً علينا جميعاً أن نسعى بجدّ لإقامة جسد تنظيمي نقابي حرّ وممأسس يحمي المعلمين في المدارس والكليات والمعاهد والجامعات ويصون المهنة ويطوّرها والمنهاج والأدوات، في القطاعين العام والخاص على حدّ سواء..
أكتب لكم، وأنا مليء ممتن، لما تعلمته منكم، ويحفظ لي اليوم حقّي في الاعتقاد والتعبير والبحث والعمل كمواطن مشتبك عضوي لا أقف عن طرق جدران الخزّان..
تعلّمت على يد -ومع حفظ الألقاب فلهم قامات علمية قديرة- كوكبة من رعاة النّور والتفكير، من الصّرف ووزن المبنى والمعنى لدى محمد العضايلة، وفهم السّياق من النّحو القاسي عند مراد الذنيبات، الذي فكّ مفاتيح النّصّ والكتابة، وهي التي جعلت منّي كاتباً جيداً ومدققاً لغوياً، وثقة شدّ وثاقها ياسر البستنجي حينما كان يتركني أقرأ جهارة كلّ الحصص لأني يجب أن أصبح مذيعاً صحافياً لامعاً، صرت كذلك فعلاً، اللّمعان يقترب مع الصّلع على ما يبدو.. شدّ على ذلك طارق المجالي في الجامعة بين الكوفيّ والبصريّ واعتبر علامتي أياً كانت منه انتصار، كيف لا وهو مدير مدرستي والمتحدي لقدرتي على قول "لا".
فعلاً للغة حقّ وكسر حاجز الجمهور فضل يعود لسفيرة الطراونة، مربية استثنائية، قالت مراراً "لا تقول ما بقدر"، ومنال الطراونة أستاذة الحسن واللطف والإبداع، التي مرة ألبستني قبعة خضراء لأكون مفكراً خارج الصندوق، وما زلت..
لغة علمني فريوان المجالي ألا أخشاها وكرر على مسمعي أنه سيسمعني يوماً أتحدث الإنجليزيّة أمام جمهور أيضاً دون تردد، فعلتها، لكن حمداً لله أنك لم تكن موجوداً فأزمنة الماضي التّام لا يعرفونها الأميركان وأنت علّمتني "برتش".. رفعت المادة معدلي في الجامعة عند الرفوع فيصل على ما أذكر ١٠٠ من ١٠٠..
لولا فيزياء أيمن الذنيبات، والتفوق في شرح الميكانيكا، لما دخلت هذا التّخصّص واسميت به، كان لجرأته على تطويع المعادلات لخدمة الفيزياء الدّور في كلّ المعاناة مع الهندسة بحثاً وتدريباً، لم أفلح مقاولاً، عذراً، أحترم العلم أكثر.. في الفيزياء تحداني حامد الضمور في أول محاضرة في العلوم، وآمن بي، كما عامر العقيلي، ويده التي يبسطها ليشرح حركة الشحنة.. راجي الصرايرة كان قادراً على إقناعي لماذا يأخذ المائع شكل وعائه!..
علي الكيماوي أو النوايسة، يعرف أن الكيمياء ثقيلة على من لم يبذل جهداً فيها، وتشهد المبلمرات أني تصدّرت شعب العلوم بسبب تحديك الدائم لي وأنا أسألك عن شكل جزيء الماء، الذي علّمني فقه المادة وتكوينها، لأتمكن من أستوعب ماذا يريد زهير الحمود حينما يقول أشعر بالمادة لتصمّمّ..
"يا كاع ترابگ كافور" مفتاح السياسة والجيولوجيا لصدام الرماضين، البعثي الأسمر الوسيم الذي جعل علوم الأرض والبيئة نهجاً عمليّاً، أحاضر فيما كنت تقول قبل ١٥ عاماً، تخيّل!
في الأحياء ما زال إبراهيم المجالي لا يسلّم عليّ منذ أن أخبرته أني لم أحصل على علامة كاملة في التوجيهي، يا حسرة "مندل" عليك يا حسين!، هل يتواسط معاوية العساسفة عنده يا ترى؟!، بالمناسبة أول مرة أستصعب مادة كانت المهني، كنت أخشى ألا أميز بين أيهما يُغلى أو يُنقع الميرمية أم الشّومر؟!، شكراً أن أشرب الأعشاب بالأكياس الصناعية اليوم وأنا أصيغ مواد تدريب مهارية للمهنيين..
أزعجت عبد القادر البطوش مراراً بسؤال "لماذا"، لماذا آمن الناس بالمسيح والرسول، ولماذا لم يستطع موسى صبراً مع الخضر، تحمّلتني، لأن الدّين عندك يسر وليس دعدشة، لكن بربك هل يرسب طالب صف سابع بامتحان شهري للدين! حتى يحرز علامة كاملة في التوجيهي؟!.
أزمة الصواريخ الكوبية والاتحاد الألماني ما زالا يلاحقانني في أبحاث السياسة يا نضال الطراونة، ولم أجد الأنا التي تفلسف بها أفلاطون، سيغضب رفيد المواجدة لكنه كان يحب ربطي بين حروب الخليج! مثلاً.. هذا ما عادته مراراً سماهر أمين من كان يحب الجغرافيا؟!
الجبر في الرياضيات كان يحتاج هدوء عبد الواسع كفاوين لتفهم من الذي أدخل الحروف للأرقام اصلاً، الورطة حينما حولها خالد الطراونة لكود برمجة، هذا جيد، لقد ساعدتني في صياغة المعادلات أسرع، هكذا يقول عماد هلسة وخالد رمضان..
جعفر عزام حفظني الدو أول السلم والأوكتاڤ في آخره وقال غنّي أساس خلف الكورال وأقرأ الأخبار دوماً، "صوتك إذاعي" أنت السبب!
كمراهق شاب مستعجل يحتاج التقدير والكثير من الاحتواء كان علي الطراونة مرشداً نابغاً، مستعد أن يكبح جماح غضبك الصبياني بكلمة، يا رجل، كيف؟!
في الجامعة غيّر أساتذة مسار حياتي، فمحمود أبو زيد أعشقني الحراريات، والطاقة وكفاءاتها، وعمار الروسان محركات الاحتراق الداخلي، عبد الله عدينات يرغمك على الإمساك بالطاقة قبل تأريضها، وسلوم جبوري الذي يرفع من قدر من يقف أمامه وينهل من علمه، وعباس عجام معلم الستاتيكا، وفلاح الصرايرة الذي أدمنني رسم الآلات والتشكيل والقطع، لا أنام إلا على فيديوهات مخارط!
محمد مكاوي كان يسحب القلم مني في المرسم، ويكرر "لا تشد.. ارسم بالهوا"، حفظت خمل الخطوط، صدقني.. وماجد الصعوب يبرع في التربية البيئية التي أحبها لليوم.. ومدخل لعلوم السياسة مع صداح الحباشنة الذي خلق حالة من فهم السياسة من وحي الشارع!
هناك دكتور من المحادين كان عسكرياً يمشي مرفوع الرأس واثقاً علّمني الديناميكا، ما أجمل الفوتيك عليه، ومدرّسة نظرية الآلات كانت محاضراتها لطيفة، نسيت اسميهما، واهتزازات ياسين النمر وحرصه على سلامة المهندس في التصميم والعمل، أجدني اليوم في هذا المجال متمكن بحقّ.. لا أنسى محاضراتك سيدي..
ذكرهم لا يكفي وفضلهم لا يحصى، إن كنت صالحاً فبفضلكم وإن أخطأت فلأنني أغفلت درساً من دروسكم..
#يوم_المعلم #مع_المعلم #الأردن
تعلمت على ايديهم الجليلة أن لكل كلمة وزن، وثقل أثرها يُبنى عليه، وقد، أؤذ أحد ما، حين ما، وأمسّ حقّ ما، بسبب أغلوطة لم أقصدها، فقط لأنني أجهل ما بعدها..
إنّ المعلم يقف على ناصية صناعة المستقبل، ويرسم حدود الوطن بالفكر وينير درب تلاميذه معرفة ومهارة، وينتج آلاف العيون التي تبجّل الجمال والخلق والحياة، لا القبح والسوء والموت، وعقولاً موقدة لشموع الرّوح التّوّاقة للحقيقة ولا شيء غير الحقيقة..
أساتذتي -وياء المتكلّم هنا تعود على تلميذ فخور- إنّ من غير العدل ألا تبقون مخلدين، فأنتم وأجزم بذلك أفضل من صان العقل وحفظ التربية والتعليم مهنة رفيعة مقدّسة سامية، تبقون، لأنكم بوجداني كذلك..
إنّه لزاماً علينا جميعاً أن نسعى بجدّ لإقامة جسد تنظيمي نقابي حرّ وممأسس يحمي المعلمين في المدارس والكليات والمعاهد والجامعات ويصون المهنة ويطوّرها والمنهاج والأدوات، في القطاعين العام والخاص على حدّ سواء..
أكتب لكم، وأنا مليء ممتن، لما تعلمته منكم، ويحفظ لي اليوم حقّي في الاعتقاد والتعبير والبحث والعمل كمواطن مشتبك عضوي لا أقف عن طرق جدران الخزّان..
تعلّمت على يد -ومع حفظ الألقاب فلهم قامات علمية قديرة- كوكبة من رعاة النّور والتفكير، من الصّرف ووزن المبنى والمعنى لدى محمد العضايلة، وفهم السّياق من النّحو القاسي عند مراد الذنيبات، الذي فكّ مفاتيح النّصّ والكتابة، وهي التي جعلت منّي كاتباً جيداً ومدققاً لغوياً، وثقة شدّ وثاقها ياسر البستنجي حينما كان يتركني أقرأ جهارة كلّ الحصص لأني يجب أن أصبح مذيعاً صحافياً لامعاً، صرت كذلك فعلاً، اللّمعان يقترب مع الصّلع على ما يبدو.. شدّ على ذلك طارق المجالي في الجامعة بين الكوفيّ والبصريّ واعتبر علامتي أياً كانت منه انتصار، كيف لا وهو مدير مدرستي والمتحدي لقدرتي على قول "لا".
فعلاً للغة حقّ وكسر حاجز الجمهور فضل يعود لسفيرة الطراونة، مربية استثنائية، قالت مراراً "لا تقول ما بقدر"، ومنال الطراونة أستاذة الحسن واللطف والإبداع، التي مرة ألبستني قبعة خضراء لأكون مفكراً خارج الصندوق، وما زلت..
لغة علمني فريوان المجالي ألا أخشاها وكرر على مسمعي أنه سيسمعني يوماً أتحدث الإنجليزيّة أمام جمهور أيضاً دون تردد، فعلتها، لكن حمداً لله أنك لم تكن موجوداً فأزمنة الماضي التّام لا يعرفونها الأميركان وأنت علّمتني "برتش".. رفعت المادة معدلي في الجامعة عند الرفوع فيصل على ما أذكر ١٠٠ من ١٠٠..
لولا فيزياء أيمن الذنيبات، والتفوق في شرح الميكانيكا، لما دخلت هذا التّخصّص واسميت به، كان لجرأته على تطويع المعادلات لخدمة الفيزياء الدّور في كلّ المعاناة مع الهندسة بحثاً وتدريباً، لم أفلح مقاولاً، عذراً، أحترم العلم أكثر.. في الفيزياء تحداني حامد الضمور في أول محاضرة في العلوم، وآمن بي، كما عامر العقيلي، ويده التي يبسطها ليشرح حركة الشحنة.. راجي الصرايرة كان قادراً على إقناعي لماذا يأخذ المائع شكل وعائه!..
علي الكيماوي أو النوايسة، يعرف أن الكيمياء ثقيلة على من لم يبذل جهداً فيها، وتشهد المبلمرات أني تصدّرت شعب العلوم بسبب تحديك الدائم لي وأنا أسألك عن شكل جزيء الماء، الذي علّمني فقه المادة وتكوينها، لأتمكن من أستوعب ماذا يريد زهير الحمود حينما يقول أشعر بالمادة لتصمّمّ..
"يا كاع ترابگ كافور" مفتاح السياسة والجيولوجيا لصدام الرماضين، البعثي الأسمر الوسيم الذي جعل علوم الأرض والبيئة نهجاً عمليّاً، أحاضر فيما كنت تقول قبل ١٥ عاماً، تخيّل!
في الأحياء ما زال إبراهيم المجالي لا يسلّم عليّ منذ أن أخبرته أني لم أحصل على علامة كاملة في التوجيهي، يا حسرة "مندل" عليك يا حسين!، هل يتواسط معاوية العساسفة عنده يا ترى؟!، بالمناسبة أول مرة أستصعب مادة كانت المهني، كنت أخشى ألا أميز بين أيهما يُغلى أو يُنقع الميرمية أم الشّومر؟!، شكراً أن أشرب الأعشاب بالأكياس الصناعية اليوم وأنا أصيغ مواد تدريب مهارية للمهنيين..
أزعجت عبد القادر البطوش مراراً بسؤال "لماذا"، لماذا آمن الناس بالمسيح والرسول، ولماذا لم يستطع موسى صبراً مع الخضر، تحمّلتني، لأن الدّين عندك يسر وليس دعدشة، لكن بربك هل يرسب طالب صف سابع بامتحان شهري للدين! حتى يحرز علامة كاملة في التوجيهي؟!.
أزمة الصواريخ الكوبية والاتحاد الألماني ما زالا يلاحقانني في أبحاث السياسة يا نضال الطراونة، ولم أجد الأنا التي تفلسف بها أفلاطون، سيغضب رفيد المواجدة لكنه كان يحب ربطي بين حروب الخليج! مثلاً.. هذا ما عادته مراراً سماهر أمين من كان يحب الجغرافيا؟!
الجبر في الرياضيات كان يحتاج هدوء عبد الواسع كفاوين لتفهم من الذي أدخل الحروف للأرقام اصلاً، الورطة حينما حولها خالد الطراونة لكود برمجة، هذا جيد، لقد ساعدتني في صياغة المعادلات أسرع، هكذا يقول عماد هلسة وخالد رمضان..
جعفر عزام حفظني الدو أول السلم والأوكتاڤ في آخره وقال غنّي أساس خلف الكورال وأقرأ الأخبار دوماً، "صوتك إذاعي" أنت السبب!
كمراهق شاب مستعجل يحتاج التقدير والكثير من الاحتواء كان علي الطراونة مرشداً نابغاً، مستعد أن يكبح جماح غضبك الصبياني بكلمة، يا رجل، كيف؟!
في الجامعة غيّر أساتذة مسار حياتي، فمحمود أبو زيد أعشقني الحراريات، والطاقة وكفاءاتها، وعمار الروسان محركات الاحتراق الداخلي، عبد الله عدينات يرغمك على الإمساك بالطاقة قبل تأريضها، وسلوم جبوري الذي يرفع من قدر من يقف أمامه وينهل من علمه، وعباس عجام معلم الستاتيكا، وفلاح الصرايرة الذي أدمنني رسم الآلات والتشكيل والقطع، لا أنام إلا على فيديوهات مخارط!
محمد مكاوي كان يسحب القلم مني في المرسم، ويكرر "لا تشد.. ارسم بالهوا"، حفظت خمل الخطوط، صدقني.. وماجد الصعوب يبرع في التربية البيئية التي أحبها لليوم.. ومدخل لعلوم السياسة مع صداح الحباشنة الذي خلق حالة من فهم السياسة من وحي الشارع!
هناك دكتور من المحادين كان عسكرياً يمشي مرفوع الرأس واثقاً علّمني الديناميكا، ما أجمل الفوتيك عليه، ومدرّسة نظرية الآلات كانت محاضراتها لطيفة، نسيت اسميهما، واهتزازات ياسين النمر وحرصه على سلامة المهندس في التصميم والعمل، أجدني اليوم في هذا المجال متمكن بحقّ.. لا أنسى محاضراتك سيدي..
ذكرهم لا يكفي وفضلهم لا يحصى، إن كنت صالحاً فبفضلكم وإن أخطأت فلأنني أغفلت درساً من دروسكم..
#يوم_المعلم #مع_المعلم #الأردن
نيسان ـ نشر في 2023-10-06 الساعة 05:36
رأي: المهندس حسين الصرايرة