اتصل بنا
 

بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام ندوة حوارية في عمان تناهض عقوبة الإعدام

نيسان ـ نشر في 2023-10-10 الساعة 09:57

x
نيسان ـ عقد مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع التحالف الأردني لمناهضة عقوبة الإعدام أمس الإثنين الموافق 9/10/2023، ندوة حوارية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، الذي يصادف العاشر من تشرين الأول من كل عام. تم خلالها مناقشة تحديات إلغاء عقوبة الإعدام في الأردن. شارك في الندوة نشطاء مجتمع مدني، حقوقيون، وإعلاميون، وأكاديميون، وحزبيون، حيث تم تسليط الضوء على التحديات الاجتماعية والثقافية والتشريعية التي تواجه جهودا مناهضة عقوبة الإعدام في الأردن.
قاد الندوة الدكتور محمد الطراونة، خبير باتفاقيات القضاء الدولي وتشريعات حقوق الإنسان والرئيس الحالي للتحالف العربي لمناهضة عقوبة الإعدام. استهل الطراونة الحديث في الندوة، بالإشارة إلى أن دولا كثيرة في المنطقة تطبق عقوبة الإعدام وفقا لمحاكمات جائرة في انتهاك صارخ للقانون والمعايير الدولية. وقد يقضي المحكوم عليهم بالإعدام سنوات في انتظار تنفيذ حكم الإعدام، ولا يعرفون متى سيتم إعدامهم.
وأضاف الطراونة: "ليس صدفة أن تدعوا جميع قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى وقف العمل بعقوبة الإعدام وإلغائها نهائيًا في جميع أنحاء العالم. ويتكرر أيضا في إعلاناتها السنوية المطالبات المتكررة، بضرورة إلغاء عقوبة الإعدام، لان استخدامها لا يتماشى مع مبدأ الحق في الحياة والحق في العيش في مأمن من التعذيب أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،" كما أكدت بحزم في وثائقها الرسمية على أن إلغاء عقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم هو فعل ضروري لتعزيز الكرامة الإنسانية وتنمية حقوق الإنسان بشكل تدريجي ".
من جانبه سماحة الدكتور حمدي مراد، رئيس التحالف الأردني لمناهضة عقوبة الإعدام، قدم مداخلة حول التحديات الاجتماعية والثقافية في هذا السياق. وأشار الدكتور مراد في مداخلته: إلى أننا نعيش عالما متصارعا بكل معنى الكلمة والسلطات فيه متداخلة يتغول بعضها على بعض، مما أثر في ميزان العدالة الذي بلغ من الاضطراب، ما يدعو للإحباط. ولذلك أصبحت قضية مناهضة الإعدام ضرورية في ظل هكذا أوضاع.
كما أكد مراد، على أهمية وضع برنامج رفع مجتمعي للمرحلة القادمة يسهل من قبول مناهضة عقوبة الإعدام على المستوى الشعبي. وعلى الرسمي حث السلطات على تتبنى التدرج في إلغاء مواد عقوبة الإعدام، وحصر المواد القانونية التي سيتم العمل عليها، للتدرج بعملية إلغاء عقوبة الإعدام واستبدالها أو عبر تعديل تلك المواد والتي يلقى إلغاؤها أو استبدالها قبولاً من الرأي العام.
وأشار مراد، إلى خطورة وجود عديد من المواد القانونية التي تحكم بالإعدام في ظل غياب العدالة والوعي السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي والظروف الخارجية المحيطة الزاخرة بأشكال العنف الدموي والتي تدفع بالإنسان لارتكاب جرائم يحكم عليه فيها، بعقوبة الإعدام.
وقدمت المحامية الأستاذة فاطمة الدباس، رئيسة الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان مداخلة، حول التفاوت الجندري في تطبيق عقوبة الإعدام. "وأشارت إلى أن عددا من السياقات في هذا الموضوع، تنطوي في تطبيقها العملي على التمييز، فيُحكَم بالإعدام على الأشخاص المهمّشين اجتماعيًا، بما في ذلك النساء الحلقة الأضعف في المجتمعات. وفي حالات في بعض المجتمعات، يتم استخدام العقوبة لتوليد تأثير مخيف على مطالبات النساء بالمساواة في المجتمع.
وقالت: في الأردن والمنطقة العربية بشكل خاص تواجه العديد من النساء المحكومات بالإعدام مصيرهن دون دعم أو مساندة من ذويهن أو من المجتمع. فالنساء في الغالب، لا يملكن الأموال الكافية لتوكيل المحامين أو الفزعات العشائرية لدفع الديات المطلوبة للتعويض عن المجني عليه، حتى يتم عقد صفقة صلح مع الخصوم، مما يساعد المرأة المتهمة بجريمة القتل على الخروج بحكم قضائي أقل من حكم الإعدام. ولذلك، لا بد من تعديل التشريعات العقابية بهذا الخصوص، بحيث تستبدل عقوبة الإعدام بعقوبة الحبس المؤبد. وأيضا أدعو إلى تفعيل إنشاء صندوق خاص، لتقديم الخدمات القانونية للنساء ودفع التعويضات والديات لذوي المجني عليه من أموال الصندوق ".
فيما تحدث النائب السابق مصطفى ياغي عن تجربته السابقة في اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني حول التحديات التي تواجه إلغاء عقوبة الإعدام على المستوى التشريعي. وأشار ياغي بهذا الخصوص إلى تشكيل ائتلاف نيابي مناهض لعقوبة الإعدام ضم أكثر من 30 نائبا، ولكن تراجع دور الائتلاف بعد تنفيذ العقوبة بعدد من المحكومين في عام 2017.
وأشار ياغي، إلى أن البيانات التي توفرت لأعضاء مجلس النواب حينما كان عضوا بالمجلس اثبت بشكل قاطع، إن عقوبة الإعدام لم تؤثّر أبدًا في ردع الجريمة أو الحدّ منها. وقد استمرت حوادث القتل عند معدلاتها السنوية ولم تشهد أي تغيير أو انخفاض على الرغم من وجود العقوبة في القانون.
كما طالب ياغي، بفتح نقاش مجتمعي واسع- رسمي وشعبي- بشأن وجدوى العقوبة، والنظر في الاستعاضة عنها بعقوبات أخرى، والعمل على إصلاح المنظومة التشريعية والقضائية نحو حماية الحق في الحياة.
وتحدث المحامي لؤي عبيدات قاضي محكمة الجنايات الكبرى سابقا حول تعدد النصوص القانونية التي تحكم بالإعدام وألمح إلى أن الموطن الأردني إنسان واع ومدرك، وأنه يكتسب الوعي بالتوازي والتراكم، ولكنه في المقام الأول بحاجة إلى وجود منظومة تشريعية كفء، وأيضا إلى وجود قدوات اجتماعية مبادرة في هذا الشأن، لتحصين المواطن بتشريعات من فعل المال الأسود وخاصة حقه في اختيار ممثلين حقيقيين له في مجلس النواب.
وأكد عبيدات، على أن العدالة يجب أن تقترن بالقوة وأن تسبقها، وهذا يتطلب إعداد قضاة لهم قدرة على قراءة ما بين السطور، فعملية محو إنسان عن وجه الخريطة ليست سهلة ومحفوفة بالالتباس والفهم غير الدقيق للنصوص نتيجة تعقيد النظريات القانونية والقدرة على الفصل بينها، وهذا يصعب من الأمر على القاضي لتحديد النص الأدق والأقرب للعدل. ولكون المشرع غير مطمئن لعقوبة الإعدام وضع إجراءات متسلسلة عديدة وبدرجات متصاعدة للتصديق على العقوبة بعد النطق بالحكم من قبل القاضي حيث أشار المحامي عبيدات إلى نص المادتين 357 و 358 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي منحت لجلالة الملك صلاحية إبدال عقوبة الإعدام بعقوبة أخف بناء على توصيه من مجلس الوزراء المستندة إلى تنسيب من رئيس النيابات العامة. والمسالة الأخرى ذات الأهمية التي يجب الانتباه لها تتمثل بالنصوص القانونية التي تحكم بالإعدام ولكنها تخلوا من المنطق. ومن لمثلتها المادة 12/3 من قانون المفرقعات والتي ينتهي نصها بعبارة سواء نتج عنها ضرر بالأرواح أو لم ينتج وهذه العبارة تتكرر في أكثر من نص.
كما تطرق عبيدات إلى حاجة نظام المساعدة القانونية إلى شيء من الإنضاج وخاصة فيما يتعلق باختيار المحامي الكفؤ، وعدم الارتهان لنظام الدور المتبع بين المحامين.
تبعت المداخلات الرئيسية نقاشات وحوارات مستفيضة بين الحضور، تبادلوا الآراء خلالها أفضل السبل لتحقيق هذه الغاية الإنسانية. وفي ختام الندوة، صيغت توصيات ملموسة تدعو السلطات التشريعية والقضائية إلى التوجه التدريجي نحو تقليص العقوبة وتجميد العمل بها مؤقتاً، باتجاه الإلغاء التام للعقوبة. وقد جاءت التوصيات في إطار تفعيل التزامات الأردن بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان وتعزيز القيم الإنسانية في المجتمع الأردني. كما ورد في إحدى التوصيات دعوة الحكومة الأردنية إلى اتّخاذ زمام المبادرة بهذا الخصوص، تفضي إلى تقييد استخدام عقوبة الإعدام، ومن ثم وقف استخدامها والعمل على إلغائها في نهاية المطاف، ولا سيما ونحن على بعد أيام من الاحتفال بالذكرى السنوية الـ 75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. كما دعت توصية أخرى الحكومة إلى جمع البيانات العامة بشأن نتائج استخدام الحكم بعقوبة الإعدام وفعاليتها على أرض الواقع، وتحليلها وإتاحة نتائجها أمام الجمهور.
يذكر أن مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان أسس التحالف الأردني لمناهضة عقوبة الإعدام في عام 2006، وأشرك في عضويته نخبة من المجتمع المدني تضم أكثر من ثلاثين ناشطا يمثلون منظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية ونقابات وشخصيات قانونية وأكاديميين وإعلاميين، وفي عام 2008 بمبادرة من مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان، وبمشاركة التحالف الأردني لمناهضة عقوبة الإعدام وهيئات مماثلة في عدد من الدول العربية، تم إطلاق التحالف العربي لمناهضة عقوبة الإعدام.

نيسان ـ نشر في 2023-10-10 الساعة 09:57

الكلمات الأكثر بحثاً