اتصل بنا
 

وماذا بعد؟

قاص واعلامي اردني

نيسان ـ نشر في 2023-10-18 الساعة 23:48

نيسان ـ سنؤجّل إدانة النظام العربي في علاقته مع نفسه، وعلاقته مع شعوبه، وعلاقته مع باقي الأنظمة الحاكمة في العالم.
فلا بد لهذه الإدانة أن تُفضي إلى حساب، يتجلّى بوصفه وقفةً وجوديةً فاصلة، وبالتالي سنؤجّل الإدانةَ والحسابَ والوقفةَ الوجوديةَ الجذريةَ الحاسمةَ إلى حين انطفاء نار الحرب.
أمّا الآن، فكل ما نحتاجه من أنظمتنا الحاكمة ومختلف أدواتها الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية، تطوير مواقفها التي بدأت هزيلة، وبعضها مرفوضة (الإمارات والسلطة الفلسطينية على سبيل المثال)، ثم بدأت بالتطوّر التدريجيّ البطيء الخجول.
وهنا، في بند تطوير المواقف، فليس حلمًا، مثلًا، طرد سفراء أميركا في بلادنا (على اعتبار أن سفراء الكيان، حيث يوجدون، غادروا). وليس من باب التجديف، الطلب ممن وقّعوا، بالفعل، اتفاقيات مع العدو الصهيوني، التلويح بإلغائها. ولم لا، حتى إعلان إلغائها، فمن ذا الذي سيحاسب من يفعل ذلك الآن تحت وقع النار؟ وبعد صمت المدافع لكل حادث حديث حول هكذا اتفاقيات لم تجُرّ علينا غير الهوان يركله هوانٌ أكثر منه خزيًا وانحدارًا وتباينًا بين مواقف تلك الأنظمة، ومواقف شعوبها الغاضبة الجريحة في كرامتها ووجودها ومعناها ومعتقداتها وأبسط موجِبات بقائِها.
ومن باب تطوير المواقف، أيضًا، وأيضًا، مقاطعة كل ما يخصّهم؛ بضائعهم، معارفهم، ثقافتهم (أفلامهم ورواياتهم وسرديّتهم ومختلف أدبيّاتهم)، قيمهم، إعلامهم، لَكْنَتِهم، وإغلاق كل أبواب الحوار معهم إلى أن تخمد النار.
لم تفضِ، كما أمُلنا، جريمة الإبادة الجماعية الموصوفة بحقِّ مئات المدنيين الخائفين الذين لاذوا مُحْتَمين بساحةِ مستشفى مدنيٍّ كنسيٍّ معمدانيٍّ مُسالم، إلى إيقاف الحرب. ولم تستدعِ، حتى، موقفًا أخلاقيًا لائقًا، بوصفه أضعف الإيمان، من مجلس الأمن المكبّل بطغيان القوى الاستعمارية القديمة والجديدة. هي، حتّى، وحتّى، لم تقنع رجل أمنٍ مدجّجٍ بالأوامر، أن يُخْلي بين الغاضبين، وبين مباني هذه الطغمة ورموزها في بلادنا كالسفارات وغيرها، ليقتحموها، فيعلنوا انتصارًا رمزيًا على حُماة الكيان من جِهة، ومن جِهة ثانية توصل تلك الأنظمة رسالة واضحة إلى الغرور الكونيّ والغطرسة الأميركية، من خلال عدم قمعها لِشعوبها، وعدم ضربها بالعصيّ، وعدم ركلها بالأقدام، ولا قذفها بالقنابل الصوتية والدخانية، والأهم، عبر عدم تبريد اندفاعتها الهادرة باستخدام خراطيم المياه!
ما بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله، نعرف ويعرف الجميع ذلك، ولكي لا يكون ما بعده، مفاقمةَ أزماتنا المتفاقمة فعلًا، فلا بد لنا أن نطلّق التردّد طلاقًا بائنًا بينونةً كُبرى، وأن نخلع ثوب الوَجَل والاستكانة، مُراهنين على شرعية حقِّ شعبِنا الفلسطينيّ بالأرض والعدل والتاريخ والحرية والكرامة، وعلى شرعية مُطالبته بكل ذلك، ونضاله من أجل كل ذلك، وكفاحه الأبيّ النديّ العنيد.
الأنظمة العربية وحدها من يملك الجواب: هل نكون؟ أم أننا سنضيّع فرصةٌ أُخرى لأن نكون؟
بانتظار الجواب، فإن سؤالنا الملحّ: ماذا بعد؟

نيسان ـ نشر في 2023-10-18 الساعة 23:48


رأي: محمد جميل خضر قاص واعلامي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً