اتصل بنا
 

ما القادم؟

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2023-11-02 الساعة 17:15

نيسان ـ سؤال يدور في رأس كل منا.
إيقاف الحرب على غزة يعني انكسارا ثانيا للكيان قد يتطور إلى انهيار.
هذا ما انتهت إليه الولايات المتحدة وأتباعها الأوربيون، فهم يوافقون الكيان في هدف القضاء على حماس، ويخالفونه في الأسلوب. رغم أنهم يسمحون له بمواصلة إجرامه في الانتقام من مدينة المقاومة.
هم يعلمون أن غزة "مدينة مقاتلة " من أجل حريتها وحقها التاريخي المغتصب. وصدموا بعقلها العسكري الفذ يوم 7 أكتوبر واستراتيجيتها المستقلة في مجال عربي لم يتمكن من بناء كيانه السياسي لسببين أساسيين: أولا لوجود الاحتلال وتانيا لأن النظام العربي عمل على استراتيجية ديمومة النظام الحاكم وليس ديمومة الدولة. فبقي فراغا للتدخل الإقليمي والدولي، ومجالا لصراع الإستراتيجيات، وفي مقدمتها استراتيجيتيْ الجارين تركيا وإيران (دولتان قوميتان).
وعلى أساس الفرز الذي سبق الربيع وغطّى كلّ الظواهر السياسية في المجال العربي
- دول/ أحزاب (معارضة هشة)
- غزّة/حماس: (مجتمع مقاوم )
- لبنان/حزب الله ( مقاومة وظيفية). هذع الثنائية تأكّدت مع المطب السوري وتداعياتها وما تزال مساعدة على اختبار المواقف والاستراتيجيات إقليميا ودوليا في علاقتها بالمجال العربي. وعلى هذا الأساس تُتبيّن المواقف في عناوينها الكبرى، وحتى في أدق تفاصيلها (لماذا تأخّر كلام حسن نصر الله إلى هذا الوقت، وماذا سيقول غدا؟).
وبالنتيجة فإنّ التمييز في تجارب "المدن المقاتلة" بين المقاومة وحاضنتها بلا معنى. ولهذا يُنتقم من كل غزة ومن كل مجالها (الضفة والداخل).
وكما لا يميّز أهل فلسطين وأحرار العالم بين العسكري والمدني في الكيان، لا يميز العدوان على غزة بين المقاوم وكل أهله.
الولايات المتحدة وأوروبا أكثر اقتناعا، بهذه الحقيقة من الكيان نفسه، وأكثر يقينا بألاّ مستقبل له وحماس موجودة ولو بمستوى أدنى. فكيف إذا صارت بمهارة 7 أكتوبر وما كشفت عنه من عقل عسكري فذ يتجه في إطار استرتيجيا "وحدة الساحات" إلى نقل نموذج غزّة إلى الضفة والـ48. عقل عسكري لا يعجزه كسر الكيان المتداعي.
في هذا السياق بدأوا بالتلميح فالتلويح بإدارة دولية وحتى أممية لغزة، وليس لهم حل غيره.
لذلك بدأت تطفو على السطح تصريحات لرؤوس في الإدارة الأمريكية من قبيل "حماس تمنع المدنيين من مغادرة غزة"، و " لا يمكن لحماس أن تحكم غزة في المستقبل". في سياق الحرص الكاذب على موضوع المعابر وتمرير حاجات غزة.
الولايات المتحدة الشريك الكامل في جريمة الحرب في غزة تعمل على منع كل سعى لإيقافها. وتحرص على أن يكون إيقاف الجريمة بتوفير شروط سلامة الكيان.
هذا التوجه لوضع غزّة تحت الإدارة الأممية وبقرار دولي لن يجدوا صعوبة في تمريره تحت عنوان " وقف إطلاق النار". وهو العنوان الذي لن يجد فيتو عليه من المتمتعين بالفيتو في مجلس الأمن (روسيا، والصين)، فالجميع منزعج ومتخوف من التداعيات.
وحسب رؤية الغرب.. يمكن تفكيك بنية المقاومة العسكرية، وتوفير الوقت الكافي لتغيير هوية المدينة في ظل هذا القرار وتنفيذه.
ويمثل تواصل ذبح غزة وتدمير أكثر ما يمكن قبل "وقف إطلاق النار" انتقاما من "حاضنة المقاومة" قبل الوصول إلى المقاومة.
هل يكون للمقاومة وصمودها قول آخر وأثر آخر؟ (سنتناوله في مقال لاحق)
هذا ما سيتوضّح في الأيام القليلة القادمة. فإذا لم تتم السيطرة على المقاومة واستراتيجيتها فإنّ الصراع مفتوحة على أكثر سيناريو. وسيكون تقدير الولايات المتحدة لمدى "وظيفيّة الكيان" الزمني دور في مستقبل الصراع. وقد قال بايدن : لو لم تكن هناك إسرائيل لصنعناها.
فزوال الكيان يعني سقوط معادلة وبداية تشكل أخرى جديدة. ومن ثم "إسرائيل 2 " من داخل المجال العربي ومحيطه المأزوم، قبل أن تضطرّ الولايات المتحدة إلى الارتداد إلى حدودها الأطلسية. وهو من المآلات الممكنة في الوضع الانتقالي الذي يعرفه النظام العالمي. ولا انتقال دون حروب وأهوال.

نيسان ـ نشر في 2023-11-02 الساعة 17:15


رأي: محمود أبو هلال كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً